تواجه الجزائر منافسة جديدة في السوق الأوروبية للغاز، من خلال مشاريع أقيمت مؤخرا شرق البحر المتوسط نحو القارة العجوز، وإطلاق ما أصبح يعرف ب "منتدى غاز شرق المتوسط"، حسب ما أفاد به عبد المجيد عطار لوكالة "الأناضول" التركية. وأعلن مطلع العام الماضي عن تأسيس "منتدى غاز شرق المتوسط"، الذي يضم مصر واليونان وإيطاليا والأردن وفلسطين وقبرص والكيان الصهيوني. وتعتبر الجزائر حاليا ثاني مورد للغاز إلى أوروبا بعد روسيا، بكميات بلغت العام الماضي أكثر من 36 مليار متر مكعب حسب أرقام رسمية ل "سوناطراك". وصدرت الجزائر أكثر من 20 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، بينما بلغت صادرات الجزائر نحو أوروبا، 16 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال "LNG "في 2019. وأنتجت الجزائر نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز خلال 2019 ، وفق بيانات "سوناطراك"، صدرت منها ما يفوق 51 مليار متر مكعب نحو الخارج. وترتبط الجزائر بأوروبا عبر ثلاثة أنابيب تعبر البحر المتوسط، الأول يمر عبر تونس إلى جزيرة صقلية الإيطالية، والثاني عبر المغرب وصولا إلى إسبانيا، والثالث عبر"ألميريا" جنوب إسبانيا. وفي 2018 و2019 ، وقعت الجزائر عقود تجديد صادرات الغاز لمعظم شركائها في أوروبا لفترات تراوحت بين 5 إلى 10 سنوات، على غرار تركيا وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا والبرتغال. وجددت الجزائر عقود توريد الغاز الطبيعي المسال لتركيا، عبر شريكها "بوتاش" حتى 2024، بكميات سنوية تقدر ب 4.5 مليارات متر مكعب. ووقعت "سوناطراك" عقد تجديد عقود توريد الغاز لشركة "ناتيرجي" الإسبانية، اعتبارا من 2019، لمدة 10 سنوات بكميات تقدر ب 8 مليارات متر مكعب سنويا. وفي 2019 قامت سوناطراك، بتجديد عقود توريد الغاز نحو إيطاليا لكل من شركة "إيني" لمدة 10 سنوات بكميات تصل 10 مليارات متر مكعب سنويا، و"إينال" لمدة 8 سنوات بكميات تصل 3 مليارات متر مكعب كل عام. وجاء الدور على شركة "إديسون" الإيطالية التي تبدأ باستيراد الغاز الجزائري ل 8 سنوات اعتبارا من 2020 ، بكمية تقدر بمليار متر مكعب كل عام. وشملت تجديد العقود أيضا، البرتغال، من خلال شركة "غالب" التي ستستورد الغاز الجزائري لمدة 8 سنوات بكميات تبلغ 3 مليارات متر مكعب سنويا. وحذت "إنجي" الفرنسية حذو بقية شركاء سوناطراك في أوروبا، إذ جددت في نوفمبر 2019 عقود استيراد الغاز المسال من الجزائر لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد، بكميات تقدر ب 7.1 مليار متر مكعب سنويا. كما تم تجديد عقد تزويد الشركة الفرنسية "إنجي" بالغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب من خلال إيطاليا أو إسبانيا لمدة 3 سنوات بكميات تصل 500 مليون متر مكعب سنويا. وباشرت الجزائر بإدخال تعديلات على استراتيجيها التسويقية للغاز في أوروبا والعالم، والابتعاد أكثر عن العقود طويلة المدى التي تقلصت من 25 و20 سنة إلى 10 سنوات كحد أقصى. وفي 2018 أعلنت سوناطراك نيتها اعتماد سياسة تسويقية جديدة والتخلي تدريجيا عن عقود تسويق الغاز الطويلة المدى. وفي هذا السياق قال الرئيس التنفيذي السابق لشركة سوناطراك للمحروقات ما بين 1997 و2000 ، عبد المجيد عطار، أن صادرات الغاز نحو أوروبا لن تتأثر على الأقل حتى 2030، وذلك لعدة أسباب، الأول هو قدرات الإنتاج، حيث أن الجزائر تنتج حاليا بأقصى طاقتها وتصدر بأقصى طاقتها ما بين 45 إلى 50 مليار متر مكعب سنويا. أما السبب الثاني حسب "عطار"، هو أن هذا الرقم (صادرات الجزائر نحو أوروبا) ليس مهما في الواردات الأوروبية من الغاز مقارنة مع روسيا. وشدد عطار على أن أوروبا لها كل الاهتمام في الحفاظ على وراداتها من الغاز الجزائري، لأسباب تتعلق باستقلالية التزود بالطاقة مقارنة بمصادر أخرى، سواء كان ذلك من الشرق الأوسط وخاصة روسيا (تقليل التبعية لمصدر غازي واحد). وشدد عطار أنه على الجزائر أن تقوم بما يكفي للحفاظ على حصصها في السوق الأوروبية للغاز، حتى 2030 ، ليس فقط من خلال الأسعار التنافسية ولكن أيضا من خلال تأمين الإمدادات. و"اعتبارا من 2030، ستكون مخاوف خطيرة وجدية بالنسبة لصادرات الغاز الجزائري نحو القارة العجوز.