كشف عدد من الأطباء والدكاترة ل "الخبر" أن انخفاض أو ارتفاع مؤشر الوفيات بسبب فيروس كورونا مرتبط بعدة عوامل يتحكم فيها مدى الالتزام بالحجر الصحي، معتبرين أن الوصول إلى رقم صفر غير وارد في الأيام القادمة التي يرجح فيها ارتفاع عدد الإصابات، وإن أجمعوا على أن رقم الوفيات إيجابي، لكن يبقى نسبيا مع استمرار الوباء وتواجد نسبة كبيرة من ذوي الأمراض المزمنة في الجزائر. اعتبر الدكتور المختص في الصحة العمومية عبد الحفيظ عيادة أن انخفاض أرقام الوفيات بوباء كورونا راجع إلى 3 أسباب، منها انخفاض معدل الإصابة لدى ذوي الأمراض المزمنة، قابله ارتفاع في حالات التشخيص وانتقال الإصابة بالفيروس إلى فئة الشباب والأصحاء، إلى جانب دور تطبيق بروتوكول الكلوروكين الذي كانت له نسبة في خفض معدل الوفيات. ويرى الدكتور أن تزايد التحاليل وعدد الأشخاص المشخصين بداء فيروس كورونا كان سببا في تراجع عدد الوفيات المسجلة يوميا، كونها كانت تشخص الحالات في بادئ الأمر عند المرضى الذين تظهر عليهم أعراض فقط من ذوي الأمراض المزمنة وتقتلهم الإصابة مباشرة وليس للأصحاء الذين لا يحملون أي مرض، ليواصل في ذات السياق أن توسع عملية التشخيص للأناس الأصحاء هو الذي أدى إلى تراجع نسبة الوفيات وارتفاع في عدد المصابين، بالمقابل انخفضت الإصابة عند أصحاب الأمراض المزمنة، متحدثا في نفس الوقت عن دور بروتوكول الكلوروكين الذي ساهم بنسبة معينة في شفاء بعض الحالات، إلا أنه ليس هو السبب الرئيسي، يقول، وإن أثبت البعض نجاعته. وأوضح الدكتور عيادة أنه لا يمكننا الوصول إلى صفر وفيات ونتوقع زيادة في حالات الإصابة خلال الأيام القادمة، وحتى وإن سجلت نسبة وفاة صفر فستكون خلال يومين أو ثلاثة ونرجع إلى إحصاء وفيات في اليوم الرابع أو الخامس، كون الداء يمس كل الفئات، وهناك أشخاص يعانون من نقص مناعة، وآخرون لهم أمراض مزمنة، لكن لن تتجاوز الجزائر معدل 2 إلى 3%، وهذا بالرجوع إلى معدل الوفيات العالمي الذي يشير إلى نسبة وفاة 3% من مجموع الإصابات الكلي. ليضيف، أن توقعات إصابات الوفيات خلال الأيام القادمة ستكون مرتبطة بنوع الإصابة لدى المجتمع، حيث مثلا لو تبين إصابة 100 شخص كثير منهم يعانون أمراضا مزمنة وناقصي مناعة ستكون نسبة الوفيات مرتفعة والعكس صحيح، حيث لو تكون الإصابة لدى فئة لا تعاني الأمراض ستكون نسبة الوفيات قليلة أو منعدمة تماما.
حالات شفاء كثيرة أكد الدكتور دريدي محمد الطاهر، طبيب مناوب متطوع في مصلحة معالجة كوفيد 19 بالمستشفى الجامعي بن باديس في قسنطينة، أن حالات الوفيات لم تكن بمستوى كبير منذ بداية الوباء، مقارنة بما يسجل في العالم وبعدد الإصابات، معتبرا انخفاضها خلال الأيام الماضية مؤشرا إيجابيا لا يمكن التحكم فيه، مشيرا إلى أن التشخيص في بداية الأمر كان بالنسبة للأشخاص المتوفين الذين ثبتت إصابتهم بعد وفاتهم وإرسال التحاليل للنظر وظهرت إيجابية، حيث وقعت لهم مضاعفات في منازلهم وتم تحويلهم إلى المستشفى في حالة حرجة جدا ولم يمكثوا في مصلحة معالجة الوباء، وهو ما رفع حالات الوفاة، ليتغير الوضع حاليا، حيث يتم تحويل الحالات مع ظهور الأعراض أو التحليل المبكر. وأقر الدكتور دريدي بوجود تراجع في عدد الوفيات لعدة عوامل منها أولا أن المريض الجزائري لا يزال يمرض بعدة أوبئة، مثلا مرض السل رغم التطعيم، حيث يمكن القول إنه يملك بعضا من المناعة لمثل هذه الفيروسات والأوبئة من جهة، كما تم التعرف على الفيروس ولو بنسبة ضئيلة من جهة أخرى وأصبحت الوقاية منه أكبر، معتبرا انخفاض عدد الوفيات مؤشرا إيجابيا، كاشفا أنه يمكن أن يكون لبروتوكول الكلوروكين دور في الشفاء وإن لم نجرب بعد ترك مرضى دون خضوعهم له للتأكد من شفائهم دون أخذه، خاصة وأن هذا البروتوكول معروف لدى الأطباء وسبق التعامل به مع أوبئة سابقة وكان استعماله لإنقاذ الأشخاص قبل ظهور تعقيدات، إلى جانب عامل التكفل داخل المستشفيات وعزل الحالات. وذكر الدكتور بأنه لا يمكن التحكم في نسبة الوفيات إلا إذا كان هناك التزام جدي بالحجر الصحي والابتعاد عن التجمعات، حيث إن تواصل الاستهتار سيقابله حتما تواصل مؤشر الوفيات، خاصة إذا كان عدد الإصابات مرتفعا، علما أن الجزائر من البلدان التي فيها نسبة كبيرة من المصابين الأمراض المزمنة إلى جانب الشيوخ، وهو ما يجعل مؤشر الإصابة مرتفعا وإن تم إحصاء حالات شفاء كثيرة. وقال المعني إن التشخيص الجماعي في دول الخليج الذي ترتفع فيها عدد الحالات المصابة وتنخفض نسبة الوفيات بشكل كبير، هو السبب الذي قلص رقم الوفيات، حيث يتم تحديد المصابين والحاملين للفيروس والعلاج بناء على ذلك، عكس التشخيص الموجه في الجزائر الذي يشمل حاملي الأعراض الحقيقية فقط، ليؤكد أن عدد الحالات ستزيد خلال الأيام القادمة في تجمعات الدقيق والزلابية مع نهاية الشهر.
التشخيص المبكر بالأشعة منع وصول الحالات للإنعاش ذكرت الدكتورة سامية كرميش، مختصة في الأمراض الصدرية والحساسية، أن الجزائر كانت تتوقع نسبة وفيات أكبر مما هو موجود واقعيا، حيث ساعدت التجارب الصينية والدول الأجنبية في تجنب العديد من المضاعفات، مشيرة إلى أن اللجوء إلى جهاز السكانير للكشف عن الإصابة مبكرا حصر الداء نوعا ما وتم العلاج المسبق قبل الوصول إلى مرحلة الإنعاش. وقالت الدكتورة كرميش إن الفيروسات بطبيعتها تتغير في حدة العدوى على مدار تواجدها في جسم الإنسان، على غرار إيبولا وسارس، حيث تفقد من قوتها مع مرور الزمن كأول نقطة هامة، لتكون النقطة الثانية، حسبها، هي استعمال بروتوكول التدخل بالأدوية والتشخيص المبكر بالأشعة، والذي سمح بتقليص عدد الأشخاص الحاملين للفيروس وهم لا يعلمون، وبالتالي الخضوع للعلاج دون التحول إلى الإنعاش وتقليص إمكانية الوفاة، مؤكدة أن أسرّة الإنعاش متوفرة على المستوى الوطني ولم يتم استعمالها كلها لحد الساعة، وسمح التعامل مع الحالات بتحكم الفرق الطبية في الوضع. وذكرت الدكتورة كرميش أن الحجر الصحي وغلق المحلات والفضاءات في وقت سابق، ووصول وسائل الوقاية للمستشفيات ساعد على الحد من انتشار الوباء، مشيرة إلى أن غياب الوسائل عن المؤسسات الصحية، وحسب دراسة إيطالية، جعل المستشفيات مكانا ناقلا للفيروس، مؤكدة في ذات السياق، أن قرارات لجنة الوقاية التي تضم خبراء في الصحة قاموا بإدارة مشاكل أوبئة سابقة منعت انتشار الفيروس وتحسن التعامل مع الحجر الصحي بالنسبة للوافدين من الخارج، متحدثة عن ولايات كثيرة بها 0 حالة منذ 11 يوما.