حامل الفيروس ناقل للعدوى رغم عدم ظهور الأعراض قال الدكتور طه خالدي، إن ناقوس الخطر يتعقب المشهد العام، وإذا استمر الوضع على حاله، من ارتفاع في حالات الإصابة، واستهتار المواطنين بتدابير الوقاية، فإن الضرورة تفرض الحجر الكلي الإجباري، لأن الأمر - بحسبه - في غاية الخطورة. وبحسب الطبيب المختص في علم المناعة، من خلال متابعته لتطور الوباء في العالم وفي الجزائر خصوصا، فإن الأمر صعب جدا من منظور اقتصادي واجتماعي، ولكن للضرورة أحكام - بحسبه -، خاصة مع استمرار هذا الوضع على ما هو عليه، من انتشار للتجمعات والطوابير الكبيرة أمام المحلات وداخل الأسواق. «الشعب»: تم تقليص ساعات الحجر الصحي عبر الولايات، من اجل مساعدة المواطنين على قضاء حاجياتهم، غير أن الشوارع والأسواق تحولت الى أمواج بشرية لا تحترم شروط الوقاية فهل يصعد ذلك من العدوى؟ الدكتور طه خالدي: تقليص ساعات الحجر الصحي، جاء للحد من الآثار الاجتماعية والاقتصادية لهذا الحجر، لكن للأسف أصبحنا نشاهد سيولا بشرية في الأسواق والمحلات والأماكن العامة، وهذا لا شك سيزيد من إنتشار العدوى وخاصة إذا علمنا أنه يوجد أشخاص قد يكونون حاملين للفيروس ولا تظهر عليهم أعراض (personnes asymptomatique)، وأيضا فترة حضانة الفيروس التي تمتد من 15 إلى 21 يوما والتي لا تظهر فيها أحيانا أعراض الإصابة. ولذلك أتوقع أن يؤدي ذلك إلى تسجيل حالات أكثر وخاصة أننا مازلنا في مرحلة الذروة، وبهذه المناسبة أدعو جميع المواطنين إلى التقيد الصارم بالحجر الصحي المنزلي وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى وكذلك استعمال كل وسائل الوقاية في حالة الخروج. كما أود التنبيه إلى نقطة مهمة جدا، حيث دعونا سابقاً إلى شرب الماء باستمرار لتفادي وصول الفيروس إلى الجهاز التنفسي، وهذه توصيات منظمة الصحة العالمية، لكن في شهر رمضان وفي حالة الصيام، يحدث جفاف في الحلق وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع خطر الإصابة. وعليه أدعو الجميع إلى ارتداء الكمامات في حالة الخروج من المنزل والمحافظة على مسافة مترين على الأقل وتفادي لمس الوجه وكذلك غسل اليدين باستمرار. ارتفاع الإصابات سببه عدم احترام تعليمات الحجر - يلاحظ ان معدل الاصابات يرتفع يوما بعد يوم وحالات الشفاء تسير ببطء مقارنة مع عدد الحالات التي تم علاجها، بمَ تفسر ذلك؟ استمرار ارتفاع حالات الإصابات راجع إلى عدم احترام الحجر الصحي من طرف المواطنين في الفترة السابقة، وكذلك عدم التقيد بتعليمات السلامة ما أدى إلى انتشار الفيروس بسرعة. وتجدر الإشارة أن هذه الإصابات ترجع إلى أسبوعين على الأقل وقد تصل إلى شهر، لتأخر ظهور الأعراض كما ذكرنا سابقا. بهذه المناسبة، وإذا استمر الوضع الحالي في ظل ارتفاع حالات الإصابات، أرى أنه من الضروري فرض الحجر الكلي الإجباري، كما فعلت دول كثيرة مثل إيطاليا وإسبانيا وهو ما مكنها من تطويق الوباء وتجاوز مرحلة الذروة، هذا رأيي العلمي الأكاديمي، بحكم تخصصي في علم المناعة ومتابعتي لتطور الوباء في العالم وفي الجزائر. رغم أنني أدرك أنه أمر صعب جدا من منظور اقتصادي واجتماعي، لكن للضرورة أحكام، خاصة أن استمرار هذا الوضع سيطيل جدا مدة هذا الوباء عندنا وهذا ما لا نتمناه. بالنسبة لحالات الشفاء وفعالية البروتوكول الطبي المعتمد على دواء الكلوروكين، فإن كل الخبراء يجمعون على أن هذا البروتوكول الطبي أنقذ الجزائر من كارثة صحية حقيقية، وقد كانت الجزائر من أولى الدول في العالم التي تبنت هذا البروتوكول الذي دعوت إلى استعماله في بداية ظهور الوباء، حيث تترواح نسبة الشفاء بحوالي 90% من إجمالي الحالات التي طبق عليها، وأذكر هنا كلام الأخصائيين في الميدان، حيث قال الدكتور محمد يوسفي، رئيس قسم الأمراض المعدية بمؤسسة المستشفيات العامة ببوفاريك «البليدة»، إن 150 شخص من 300 مريض دخلوا المستشفى منذ 23 مارس 2020 غادروه، وتم شفاؤهم تمامًا بالكلوروكين أو الأدوية المضادة للفيروسات في حالات أخرى، وقد استجابت 90٪ من الحالات بشكل جيد للغاية لهذا البروتوكول العلاجي وأظهرت نتائج الاختبارات الأخيرة لهؤلاء المرضى شفاءهم التام. أما المرضى المستبعدون من هذا البروتوكول العلاجي هم الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية وأولئك الذين لم يتحملوا هذا العلاج، حيث تم وضعهم على مضادات الفيروسات المستخدمة في علاج عدوى فيروس نقص المناعة البشرية والتي أعطت نتائج مرضية للغاية. كما تجدر الاشارة الى ذكر تصريح الأستاذة نسيمة عاشور، رئيسة قسم الأمراض المعدية في مستشفى الهادي فليسي «القطار سابقاً»، على ان أكثر من 85 مريضًا، من جميع الأعمار مجتمعة، خضعوا لعلاج قائم على الكلوروكين ومضادات الفيروسات مخصصة لعلاج الإيدز معًا، وهذا يعني الفعالية الكلية تقريبا لهذا العلاج الذي يخضع له المرضى الذين تشهد حالتهم الصحية تطورا إيجابيا من يوم لآخر. اما الأستاذ ليث رحال، مدير عام المعهد الوطني للصحة العمومية وعضو اللجنة العلمية لرصد تطور جائحة كورونا، قد ذكر بأن البروتوكول القائم على الكلوروكين الذي أوصت به وزارة الصحة أظهر فعاليته، بحيث أن 69,4% من 5 آلاف مريض تم علاجهم، من 24 مارس حتى هذا التاريخ، خضعوا للعلاج بالكلوروكين لمدة أقصاها 10 أيام. من خلال هذه التصريحات، نلاحظ أنه هناك حالات لا نستطيع إعطاءها هذا الدواء مثل الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية، وكذلك تجدر الإشارة أن نتائج هذا البروتوكول تظهر بعد حوالي 10 أيام من استخدامه، وأيضا في حالات الأمراض المزمنة والكبار جدا في السن ومن لديهم أمراض مناعية تقل لديهم الاستجابة لهذا البروتوكول. - يسجل في الولاياتالمتحدة ارتفاع عدد الوفيات يوما بعد يوم، الأمر نفسه بالنسبة لفرنسا، فيما تتراجع في ايطاليا، هل يعني هذا ان مرحلة الذروة انتهت أم هناك عوامل أخرى؟ ارتفاع حالات الوفيات في أمريكا وفرنسا يرجع إلى عدة عوامل، منها: أولاً: عدم تطبيق الحجر الكلي الإجباري باستثناء بعض المناطق، ما أدى إلى انتشار الفيروس بسرعة، عكس دول أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا، التي تداركت الوضع وفرضت الحجر الكلي الإجباري وبذلك تمكنت من تقليص مدة مرحلة الذروة. ثانيا: عدم استعمال البروتوكول الطبي المعتمد على دواء الكلوروكين لأسباب تبقى مجهولة، رغم دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرات عديدة إلى اعتماده في بلاده. ثالثا: ارتفاع نسبة الشيخوخة في هذه الدول وهو ما يؤدي إلى الوفاة في حالة الإصابة بالفيروس. رابعا: ضعف المناعة نسبيا عند شعوب الدول الغربية وهذا راجع إلى عدم تعرضهم للعدوى والأمراض مثل دول العالم الثالث، ما يؤدي إلى ضعف الجهاز المناعي مع مرور الوقت. خامسا: ارتفاع نسبة السمنة في هذه الدول، وهو ما يعتبر عاملا سلبيا في حالة الإصابة بعدوى فيروسية. - لا تزال عملية التشخيص غير مكثفة، وقد دعوتم بها في أول حوار لكم مع جريدة «الشعب» الشهر الماضي، هل مازلتم تصرون على ذلك؟ دعوت الى تكثيف التشخيص منذ أكثر من شهر ونصف، ولاحظنا أن عدة دول تمكنت من تطويق هذا الوباء بفضل الكشف المكثف مثل كوريا الجنوبية وألمانيا. لكن، منذ حوالي أسبوع تم الاتفاق بين مركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة ومعهد باستور بالعاصمة من أجل صناعة أكثر من 2 مليون جهاز للكشف السريع وهذا أمر إيجابي جدا. وبهذه المناسبة، أدعو، في حالة توفر هذه الكواشف، الى ان يكون استعمالها على الطواقم الطبية وشبه الطبية في البداية، لأن هناك دراسات تم نشرها تشير إلى أن هذه الفئة من أسباب ارتفاع الإصابات في ايطاليا، حيث أصيب أكثر من 4 آلاف طبيب، وفي إسبانيا أكثر من 12 ألف إصابة في صفوف الطواقم الطبية وشبه الطبية، وهو ما جعل المستشفيات بؤر انتشار الفيروس، ثم تعمم على الأسلاك الأمنية ومن هم في الميدان، وإذا بقيت كميات، يمكن توسيعها للكشف على المواطنين فيما بعد.