في الفاتح نوفمبر الماضي وبمناسبة الاستفتاء على التعديل الدستوري، أدلى أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني أبو الفضل بصوته في مكتب انتخاب شرق العاصمة، وعدى الأمر لدى المتتبعين وقواعد الحزب بالعادي، لكن تساؤلات تتردد حاليا: كيف تمكن بعجي من الإدلاء بصوته بعيدا عن دائرته الانتخابية "المسيلة" التي ترشح فيها في تشريعيات 2017؟ . في هذا السياق توضح مصادر في الحزب أن الأمر يتعلق بعملية تغيير للإقامة الانتخابية أي عملية شطب من السجل الانتخابي لمسقط رأسه وتسجيل اسمه من جديد في العاصمة التي يقيم فيها منذ سنوات، ومن الناحية القانونية يعد تغيير الإقامة مثل التنقل بحرية، حق دستوري، أما من الناحية السياسية فهو عاكس حسب معارضيه لنيته الصريحة دخول سباق التشريعيات من بوابة العاصمة، بعد تجربته المؤلمة في المسيلة، ولم يغير بعجي مقر إقامته للعاصمة وحده بل جر معه أعضاء في المكتب السياسي، يواجهون تعقيدات في الترشح في ولاياتهم الأصلية مثل الذي واجهه بعجي في 2017، حيث تم إقصاءه بذكاء من خلال ترتيبه رابعا في قائمة مرشحي الحزب، ما جعله ينفجر مطلقا حركة تصحيحية رفقة حليفه السابق محمد عليوي ضد جمال ولد عباس، أمين عام الحزب في تلك الفترة. وتوفر العاصمة في الانتخابات التشريعية لجوءا لكل السياسيين الهاربين من ولاياتهم، بمن فيهم قادة أحزاب المعارضة بحكم توفرها على 35 مقعدا في المجلس الشعبي الوطني. ويسجل خصوم بعجي عليه ترتيبه لمصالحه الشخصية على رأس كل الأولويات، وسعيه لإفساح مكان لحلفائه في المكتب السياسي، وفي محافظات الحزب للترشح في الانتخابات المقبلة، زيادة عن خططه لعقد مؤتمر للحزب على المقاس. ويسود غموض حول موعد المؤتمر العادي ال11 للحزب، وسط تلميحات بعدم رغبة القيادة الحالية للحزب في الذهاب قريبا إلى هذا المؤتمر الذي كان يفترض حسب اللوائح الداخلية للحزب أن يعقد في ماي الماضي، متحججة في ذلك الوقت بالوضعية الصحية غير الملائمة. وتم في اجتماع اللجنة المركزية في 30 ماي الماضي، الإعلان عن تأجيل موعد المؤتمر الحادي عشر وتمديد عهدة اللجنة المركزية 6 أشهر استنادا على قوانين الحزب، أي إلى غاية 28 نوفمبر الماضي. وفجر تأخر الأمين العام للأفالان في تنصيب لجنة تحضير المؤتمر وتواجد الحزب خارج الشرعية، في أزمة عميقة بالمكتب السياسي، حيث يلوم أعضاء في المكتب بعجي على عدم الالتزام بخارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها مع داعميه ورعاته، للذهاب إلى مؤتمر في الآجال القانونية، زيادة عن قراراته بحل وإعادة هيكلة المحافظات فيما مهمته تقتصر على تنظيم المؤتمر في الآجال القانونية. وفي هذا الصدد يجري تداول خطة لوضع حد للإشكاليات التنظيمية التي أثارها اكتمال عهدة القيادة الحالية الموروثة من فترة سعداني، خشية صدور أمر من السلطات لتجميد الأفالان عشية الانتخابات التشريعية. كما استفيد من مصادر في الحزب أن مقترح تشكيل قيادة جماعية يديرها منسق من المرشحين لتوليها عبد العزيز بلخادم وصالح قوجيل، على شاكلة ما تم بعد أزمة 2003 عاد للتداول مع خروج الحزب عن الشرعية القانونية.
عودة الاحتجاجات أمام مقر الجهاز
وأفاد الطاهر قايس، أمين محافظة عين فكرون بأم البواقي الذي أقصي من منصبه ومن عضوية اللجنة المركزية قبل أسبوع، أن محافظات الحزب عبر الولايات تحضر لحركة احتجاجية أمام "جهاز الحزب" بالعاصمة نهاية الأسبوع الجاري، للتنديد بقرارات الأمين العام بعجي ومسؤول التنظيم رشيد عساس والمطالبة برحيلهما. واشتكى عضو اللجنة المركزية، في تصريح هاتفي ل"الخبر"، من القرارات التعسفية الصادرة عن الأمين العام للحزب في حقه، بعد نشره تعليقا على شبكات التواصل الاجتماعي حول الملاحقات التي يتعرض لها وزراء سابقون ينتمون للحزب بسبب قضايا الفساد. وقال قايس "فيما اكتفت لجنة الانضباط بتوجيه إنذار شفوي، أصدر بعجي قرارا بإقصائي من الحزب بتحريض من مسؤول التنظيم في المكتب السياسي".