تمادى رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، خير الدين زطشي، في تهديده للسلطة من أجل الخلود في كرسي رئاسة "الفاف"، وتعدّى الرجل كل الخطوط الحمراء، وهو في حالة هيستيريا، حتى يفرض على الدولة، عن طريق التهديد ب"الفيفا" وبتوظيف اسم جمال بلماضي في "الحملة"، قبول تمرير "قوانين العار"، التي أعدها "الرجل" بعناية بهدف ترسيخ منطق ديكتاتوري يقضي بمنع تولي غيره هذا المنصب. حين يختار خير الدين زطشي أسلوب المراوغة والتهديد، والترويج بذلك التدخل المزعوم من طرف "الفيفا" لدفع وزير الشباب والرياضة للتأشير على مشروع القانون الأساسي الجديد، فهو لا يقول للرأي العام إن الاتحادية الدولية لكرة القدم تحرص كل الحرص على ضرورة احترام الاتحادات الرياضية المنضوية تحت لوائها لقوانين بلدانها، بل إن "الفيفا" لا تهتم عند مرافقتها لأي اتحادية لإعادة سن قانون أساسي جديد يتماشى وقانونها الأساسي، إلا بالمبادئ العامة والمتعلقة أساسا برفض تدخل السلطة في تعيين أو تنحية المنتخبين أو عدم نبذ العنصرية أو عدم تنصيب لجان قانونية مستقلة أو غير منتخبة من الجمعية العامة، أو عدم حرص الاتحادية على الحفاظ على نزاهة المنافسات الكروية، فيما تمنح "الفيفا"، بل تأمر الاتحادات، فيما يتعلق بجزئيات القوانين الأساسية، بالتكيف مع قوانين بلدانها واحترامها أيضا. وما يخفيه خير الدين زطشي عن الرأي العام، وهو يهدد بلدا برمته بتدخل مزعوم من "الفيفا"، بعدما قام بنفسه بمراسلة الهيئة الكروية الدولية، شاكيا السلطة العمومية على عدم قبولها التأشير على قانون أساسي يخالف قوانين الجمهورية، ثم استغلاله للمدرب الوطني جمال بلماضي للضغط على السلطة والتغطية على فضيحة رفض ملف ترشحه لمجلس "الفيفا"، هو أن جوهر التعديلات التي مست القانون الأساسي ل"الفاف"، تتعلق بشروط الترشح لرئاسة الاتحادية، حيث عمد زطشي وجماعته إلى سن مواد تضمن له غلق الطريق على منافسيه، إلى درجة ترك الانطباع، من خلال الدقة في تحديد شروط الترشح لرئاسة "الفاف"، أنه يقصد أشخاصا معيّنين، ممن يملكون القدرة على إقناع الجمعية العامة ببرنامج واضح المعالم. وما يؤكد صحة الطرح، ورئيس "الفاف" يقود حملة "مسعورة" لتمرير مشروعه عنوة، ما تحمله المادة 31 في البند الثالث والتي تجبر أي مترشح "الحصول على دعم 20 عضوا من الجمعية العامة"، التي تضم تركيبتها الجديدة 89 عضوا، لتضيف المادة بأن "أي عضو يدعم أكثر من ملف ترشح يتم إلغاء هذا الدعم"، وهو إجراء لا يمت بأي صلة للمبادئ الديمقراطية، وهو إعلان صريح من زطشي على نيته في حسم الانتخابات قبل موعدها أصلا، بل إنه أيضا يجبر أعضاء الجمعية العامة على كشف أوراقهم قبل موعد الجمعية العامة الانتخابية، على الرغم من أن القانون يضمن لهم حق الاقتراع السري، والتصويت على البرنامج وليس على الشخص.
دعم ملف المترشح.. مراوغة لضمان زطشي ترشحه وحيدا
والفضيحة الكبيرة التي يتضمنها القانون الأساسي، اعتراف زطشي بإمكانية تواجد ترشيح واحد فقط، وهو منطق يتنافى مع مبادئ الديمقراطية، غير أن التدقيق في محتوى المادة 31 في بندها الثالث، يقدّم قراءة واضحة على أن الرئيس الحالي للاتحادية يعتزم استغلال منصبه لاستمالة أعضاء الجمعية العامة من خلال الحصول على دعم غالبية الأعضاء قبل موعد الانتخابات، بما لا يترك أي فرصة لمنافسيه للحصول على 20 صوتا، ما يضمن لزطشي دخول الانتخابات بمفرده، ليحظى بتزكية ب"رفع الأيدي"، مثلما حرص الرجل على تدوينه في القانون الأساسي الجديد. ومن الغريب أن يرى زطشي في مشروع قانونه الأساسي، الأندية المحترفة بمنظورين متناقضين، فهو يعترف بحق النادي المحترف في تحديد قائمة "الرسميين المعينين من طرف النادي والذين لهم حق الإمضاء وتكون قراراتهم ملزمة للنادي"، بموجب المادة 16 في البند الأول ضمن الفقرة الثامنة في الفصل المتعلق ب"واجبات الأعضاء"، وهو اعتراف يتبناه رئيس "الفاف" مسبقا في المادة 13 من مشروع القانون الأساسي والمتضمن في فصل "الانضمام إلى الاتحادية، وتحديدا في الفقرة العاشرة من البند الثاني، والتي تتضمن مجموعة من الشروط من أجل انضمام أي عضو ل"الفاف"، منها إيداع المترشح لكسب عضوية الاتحادية، قائمة اسمية بالأشخاص المخوّل لهم قانونا إمضاء عقود تكون ملزمة من الناحية القانونية للنوادي، ما يعني، بلغة أخرى، أن النادي هو صاحب القرار في تحديد ممثليه، حتى في الجمعية العامة، غير أن المنظور الثاني المناقض الأول، يحدده زطشي في المادة 27 المتعلقة ب"المندوبين والانتخاب"، حيث يأتي في المادة الأولى ضمن فقرتها الأولى التي تحدد عدد المندوبين في الجمعية العامة وحق التصويت، بأن النادي له مندوب واحد يمثله في الجمعية العامة "ويجب أن يكون المندوب عضو مجلس الإدارة"، ما يعني أن أي مدير عام لأي فريق أو أي مساهم في شركة رياضية لأي فريق لا يحق له كسب عضوية الجمعية العامة، بما يحرم عنتر يحيى، على سبيل المثال، من الترشح لرئاسة "الفاف"، رغم أنه المسؤول المفوض من نادي اتحاد الجزائر لتمثيله. أما قانون الانتخابات، الذي يتحاشى خير الدين زطشي الحديث عنه، في تهديداته للسلطة العمومية، فهو أخطر بكثير من القانون الأساسي، كون "الرجل"، عمد إلى تعديله أيضا، وهو يتضمن مادة تفرض على أي مترشح لرئاسة الاتحادية، ليس أن يكون عضو مجلس إدارة الفريق، إنما يكون عضوا في مجلس الإدارة لثلاث سنوات، بينما تحوّل تحديد عامل السن ب70 عاما لتبوؤ منصب رئاسة "الفاف" إلى فضيحة بكل المقاييس، كون زطشي يقول ضمنيا إن من يتجاوز سن السبعين من الجزائريين، على اختلاف مناصب المسؤولية، هو فاقد للأهلية، خاصة وأن تحديد عامل السن للترشح تحوّل إلى فضيحة على مستوى "الفيفا" سنة 2015، وتم وصف المشروع بالعنصرية.
"المقص" حاضر في مشروع قانون رئيس "الفاف"
وجب الإشارة أيضا إلى "المقص" الذي حضر ب"امتياز" في مشروع زطشي، وقد أسقط مادة موجودة في القانون الأساسي الحالي ل"الفاف"، وتحديدا في المادة 26 البند الثاني، والتي تحدد شروط الترشح لعضوية المكتب الفدرالي، منها "عدم تعرض أي مترشح لعقوبة خطيرة من أي هيئة رياضية"، وهو شرط يفرضه القانون الجزائري، في المادة المرسوم التنفيذي للمسير الرياضي المتطوع المنتخَب، وتحديدا في المادة 12 التي تستعرض شروط الاحتفاظ بحق الترشح، وتنص على ضرورة "عدم التعرض لعقوبة رياضية جسيمة"، ويؤكد عليه أيضا في المادة 23 من القانون الأساسي النموذجي للمرسوم التنفيذي 14/330 المتعلق بالاتحادات الرياضية الوطنية، والذي ينص على أن "تسقط صفة عضو المكتب الفدرالي في حال الخطأ الجسيم الذي يتسبب في عقوبة تأديبية تتمثل في الإقصاء لمدة 3 أشهر على الأقل"، بينما يعلم خير الدين زطشي أن عقوبة الإقصاء لستة أشهر التي فرضتها عليه لجنة قانونية ل"الكاف"، مصنفة في خانة "الخطأ الجسيم"، ويترتب عنه، ليس فقدانه لحق الترشح، إنما هي عقوبة أسقطت عنه منذ 2018، تاريخ توثيق عقوبة "الكاف" في حقه، صفة عضو المكتب الفدرالي. ومن المضحك، ورئيس "الفاف" جعل من "الفيفا" أولوية لقبول مشروعه ثم وضع السلطة العمومية أمام الأمر الواقع، دون مراعاة إن كانت التعديلات تحترم القانون الجزائري، أن يتحاشى الإعلان صراحة بأن الهيئات القانونية يجب أن تنتخبها الجمعية العامة، وترك حالة لغموض سائدة في النصوص المليئة بالحشو وب"الكلام الفارغ"، حتى يضمن تعيين رؤساء وأعضاء الهيئات القانونية ثم يقول عنها إنها تتمتع بالاستقلالية، بما يتنافى وقوانين "الفيفا" أصلا، بينما منح الأمين العام لنفسه حق العودة إلى المكتب الفدرالي وإلزام أعضائه بالتصويت بنسبة تفوق الخمسين بالمائة حتى يتم تنحيته من منصبه، في حين "أسقط" زطشي من عضوية الجمعية العامة، النجوم التي صنعت مجد الكرة الجزائرية وحازت أصلا على ميدالية ذهبية من الاتحادية في جمعية عامة، على غرار رابح ماجر وعنتر يحيى ويزيد منصوري وعلي فرڤاني وغيرهم.