تحولت رغبة الرئيس الحالي للاتحادية الجزائرية لتحييد سابقه وتجريده من عضوية الجمعية العامة وغلق الطريق أمام كل المحسوبين عليه إلى حالة مرضية تستدعي وضعه عند حده بتفعيل كل الإجراءات القانونية التي تضمن حماية الكرة الجزائرية وتخليصها من قبضة "مكتب غير شرعي" ورئيس "عقد العزم" على "تصفية حساباته" مع غريمه، حتى ولو حدث ذلك على حساب مصلحة ومستقبل الكرة الجزائرية وضد سيادة الجمعية العامة وإرادة المكتب الفدرالي وضد قوانين الجمهورية. يقدّم مشروع تعديل القانون الأساسي ل"الفاف"، في حد ذاته، مؤشرات واضحة على أن الرئيس خير الدين زطشي بصدد مغالطة الرأي العام، بل الأخطر من ذلك توظيفه سلطته، وهو في نهاية العهدة، ل"ضرب" سابقه محمد روراوة وكل المحسوبين عليه، مستعملا الاتحادية وقوانينها خارج الشرعية والقوانين وبعيدا عن سيادة الجمعية العامة وسلطة وإرادة المكتب الفدرالي لتنفيذ مخططه بتجريد "فئة معينة" من عضوية الجمعية العامة، ثم يهاجم منتقدي إجراءاته "المشبوهة" وقراراته الارتجالية ويصفهم ب"أعداء الجزائر".
زطشي يضع القانون الأساسي ل"الفاف" أعلى مرتبة من الدستور "إخفاء" الرئيس زطشي فحوى التعديلات التي يريدها أن تمس القانون الأساسي للاتحادية يثير الشكوك، خاصة أن رئيس الجمهورية نفسه، وحين تعلق الأمر بالدستور الجزائري، فقد أشرك فيه الأحزاب والإعلام والشخصيات والمجتمع المدني خلال عملية دراسة المسودة، بينما يضع رئيس "الفاف" نفسه اليوم، من خلال الغموض الذي يخيّم على القانون الأساسي للاتحادية، أعلى درجة من الرجل الأول في البلاد ويجعل قانون جمعية أكثر أهمية من دستور البلاد، وهو واقع يبعث على البحث في خلفية كل هذا الغموض والتجاوزات، ودق زطشي وأعضاء مكتبه طبول الحرب ضد الوزارة والإعلام وكل الأطراف التي تفضح ممارسات ما يعتبر اليوم "أضعف مكتب فدرالي" في تاريخ الجزائر المستقلة. والواضح أن موقف وزير الشباب والرياضة، سيد علي خالدي، ووضعه رئيس "الفاف" عند حده من خلال مطالبته كل الاتحادات الرياضية، دون استثناء، باحترام القوانين والأخلاقيات لتواجدها في نهاية العهدة، هو الذي أخلط حسابات الرئيس زطشي، كون الأخير، أخفى على "الفيفا" حين قام بالتعديلات الأخيرة على مشروع القانون الأساسي الجديد أنه لم يقم بإخبار الجمعية العامة ولا عدد من أعضاء المكتب الفدرالي ولا حتى السلطة العمومية، رغم أن ممثلي "الفيفا" أنفسهم أكدوا ضرورة استشارة الجميع واحترام قوانين الجمهورية، وحاول تمرير القانون الأساسي الجديد في صمت، رغم ما يحمله من تجاوزات خطيرة "غير أخلاقية" لا تخدم سوى مصلحة الرئيس الحالي وترسخ واقع توظيف الرياضة وقوانينها لخدمة مصالح شخصية ضيقة. وما يعزز هذا الطرح، إحداث زطشي تعديلات "محددة" تهدف فقط إلى تجريد سابقه من عضوية الجمعية العامة، من خلال إلغاء عضوية الرؤساء السابقين ثم تجريد الجزائريين المتواجدين في المكاتب التنفيذية ل"الكاف" و"الفيفا" والاتحاد العربي من حق الاحتفاظ بالعضوية وتحديد عامل السن (70 سنة) للبقاء ضمن التركيبة، ما يعتبر "إعلان حرب" على الكرة الجزائرية لمنعها من الاستفادة من خبرة "كبارها" في التسيير ومن خبرة وعلاقات من يتبوّأ من الجزائريين مناصب في المكاتب التنفيذية للهيئات الدولية والقارية والجهوية، وهو ما يتعارض مع أحكام المرسوم التنفيذي المتعلق بالاتحادات. وعلاوة على ذلك، فقد وضع زطشي تحت المجهر ما يسمى ب"التوكيل" من طرف النوادي والرابطات لبعض "الشخصيات" قصد الترشح لرئاسة أو عضوية المكتب الفدرالي. وراح رئيس "الفاف"، في خطوته الممنهجة لتطبيق "أجندته"، حد "التفصيل" في قضية التوكيل الذي يلغيه زطشي في القانون الأساسي الجديد ويجعله مقتصرا على أعضاء النوادي المتواجدين في السجل التجاري لشركات الأندية أو من هم مهيكلون، حتى يغلق الطريق على "أصدقاء" الرئيس السابق، بينما من "نجا" منهم من مقصلة "القانون الأساسي على المقاس" راح يفتعل لهم "قضايا وهمية" عن سوء التسيير لمعاقبتهم على مستوى "لجنة أخلاقياته غير المستقلة"، في صورة أحمد ميبراك، رئيس رابطة عنابة الجهوية، الذي انتهت عهدته ونال تزكية جمعيته العامة، ومع ذلك يصر زطشي بإيعاز من عمار بهلول، عضو مكتبه الفدرالي، على معاقبته وإقصائه. وبالعودة إلى انتخاب زطشي وفترة تسييره الاتحادية لمدة فاقت الثلاث سنوات، نجد الرئيس الحالي غارقا في الخروقات القانونية التي يرفض الاعتراف بها، بل ويحارب كل من كشف "عوراته" أمام الرأي العام، ومن أبرز "عيوب" زطشي توليه رئاسة "الفاف" دون برنامج بما يتعارض مع المادة 33 من القانون الأساسي ل"الفاف" التي تنص على أن "الرئيس يتم انتخابه وفق برنامج"، فيما تم "إسقاط" تنصيب "الكلية التقنية" المنصوص عليها في المادة 55 من القانون الأساسي للاتحادية (المديرية الفنية الوطنية تضم الكلية التقنية)، والمنصوص عليها أيضا في المادة 35 من القانون الأساسي النموذجي للمرسوم التنفيذي 14/330 الخاص بالاتحادات الرياضية (يتم تنصيب الكلية التقنية في غضون 3 أشهر على تنصيب المكتب الفدرالي الجديد)، وهو التغييب الذي كانت له انعكاسات سلبية على تطوير الكرة من الناحية التقنية.
مكتب فدرالي غير شرعي يحدد مصير الكرة الجزائرية أما الخطورة في الخروقات القانونية للرئيس زطشي مواصلته "التصرف" في شؤون الكرة الجزائرية وتحديد مستقبلها بمكتب "فاقد للشرعية"، كون المرسوم التنفيذي الخاص بالاتحادات يحدد عدد أعضاء المكتب الفدرالي ب7 أعضاء كحد أدنى و13 كحد أقصى، بينما لا تتوفر الشروط اليوم سوى في ستة أعضاء، بينهم عضو كثير الغياب لأسباب صحية، وهو محمد معوش، رئيس مؤسسة فريق جبهة التحرير الوطني، ما يعني أن المكتب الفدرالي يتخذ قرارات تخص كرة القدم الجزائرية بخمسة أعضاء على الأكثر. وحين نضع المكتب الفدرالي الحالي تحت المجهر، نجد استقالة خمسة أعضاء "منتخبين" من طرف الجمعية العامة في 20 مارس 2017، وهم رشيد قاسمي وجهيد زفزاف وبشير ولد زميرلي وربوح حداد ومسعود كوسة، ما يجعل العدد الإجمالي المتبقي ثمانية أعضاء، منهم نور الدين بكيري الذي يُفترض "سقوط" العضوية عنه، كون "الفاف" قامت بعملية تدقيق في رابطة البويرة الولائية التي كان يرأسها واكتشفت تواجد "سوء تسيير"، وبدل إحالة بكيري على لجنة الأخلاقيات، كون الأمر يتعلق بأموال الجمعية، فقد اختارت "اتحادية زطشي" وضع الملف في الدرج والإبقاء عليه كعضو في المكتب الفدرالي بما يخالف القانون، فيما يغيب محمد معوش عن أغلب اجتماعات المكتب الفدرالي، ما يجعل عدد الأعضاء 6 فقط، تضاف إليهم إعادة النظر في "التوكيل" الذي حصل عليه حكيم مدان في 2017، حين تم تغيير تركيبة المكتب الفدرالي لزطشي يومين بعد انقضاء الآجال القانونية، كون مدان حصل على التوكيل من شبيبة بجاية، رغم أنه لم يكن مهيكلا في الفريق، ما يعني أن ثمة خمسة أعضاء فقط يمكن أن تتوفر فيهم الصفة والشروط، وهم راضية فرتول وعمار بهلول ومحمد غوتي والعربي أومعمر والرئيس خير الدين زطشي. وبما أن المادة 34 من القانون الأساسي ل"الفاف" تنص على أن "أعضاء المكتب الفدرالي يتم انتخابهم من طرف الجمعية العامة"، فإن ما قام به زطشي بمنح العضوية للثلاثي هاشمي وقداح وأرزور يتنافى مع أحكام المادة 34 ومع أحكام المادة 33 في بندها الرابع التي تنص على أنه "في حال شغور منصب عضو فدرالي، يقوم الرئيس بتعويضه من قائمة المستخلَفين ويتم إشعار الجمعية العامة في الدورة المقبلة"، بينما الحقيقة الثابتة أن زطشي تولى رئاسة "الفاف" دون تقديم قائمة مستخلفين لأعضاء الجمعية العامة، بمعنى لم يتم انتخابهم كمستخلفين، ولم يقم إطلاقا بإشعار الجمعية العامة بذلك.
قوانين فاقدة لتزكية الجمعية العامة معتمدة من المكتب الفدرالي وداس زطشي على سيادة الجمعية العامة بما يخالف البند الأول من المادة 23 من القانون الأساسي الذي يمنح حق التشريع للجمعية العامة وحق المصادقة على القوانين أيضا، كون قوانين الانضباط والأخلاقيات وفض المنازعات والوسطاء لم يتم عرضها على الجمعية العامة وتم العمل بها دون الحصول على الضوء الأخضر من "أصحاب السيادة"، في حين لم يسارع زطشي لتصحيح "خطأ" يتعلق بتسيير سوناطراك بفروعها لأكثر من فريق، رغم أن ذلك يتعارض بشدة مع القانون الأساسي ل"الفيفا"، مثلما سمح زطشي لعضو مكتبه الفدرالي عمار بهلول بعدم احترام أحكام القانون الأساسي التي تمنح حق التحدث باسم الاتحادية للرئيس وللناطق الرسمي، بينما لا يملك بهلول الصفة وهو يتحدث في كل القنوات و"البلاطوهات" والجرائد عن الاتحادية وسياستها. ومن بين تجاوزات زطشي وعدم احترامه قانون الجمهورية، وهو يريد اليوم تعديل قانونه الأساسي ليصبح قانونا "على المقاس"، السماح بالمصادقة على تقريريه المالي والأدبي برفع الأيدي، مثلما كان حاصلا في السابق مع محمد روراوة، بينما تنص المادة 12 من القانون الأساسي النموذجي للمرسوم التنفيذي 14/330 الخاص بالاتحادات الرياضية على أن "الحصيلة المالية والأدبية تتم المصادقة عليها عن طريق الاقتراع السري"، فيما تتم المصادقة على التقريرين المالي والأدبي للفيفا عن طريق الاقتراع الإلكتروني، بينما نتذكر "فشل" إدارة الاتحادية في إرسال ملف بشير ولد زميرلي ل"الكاف" في الآجال القانونية للترشح لعضوية المكتب التنفيذي للهيئة الكروية القارية، ما حرم الجزائر من فرصة استعادة مقعد على مستوى "الكاف"، وهو "خطأ جسيم" ارتكبه الأمين العام ل"الفاف"، لايزال يثير التساؤلات إلى غاية اليوم عن خلفياته وأسبابه الحقيقية.
جمعية عامة عادية في دورة استثنائية.. آخر صيحة ولا تتوقف "مهازل" المكتب الحالي عند هذا الحد، بل إن تجاوزاته الكثيرة ترشحه لدخول كتاب غينيس للأرقام القياسية، فيكفي أن زطشي، بسبب جهله أصلا بالقوانين، راح يرد على منتقديه على تعديل نظام المنافسة في جمعية عامة استثنائية بكتابة "العبارة الشهيرة" التي تحوّلت إلى "آخر صيحة" في مجال الجمعيات العامة، والقول إن الأمر يتعلق ب"جمعية عامة عادية في دورة استثنائية"، ما حوّل المكتب الفدرالي ورئيسه إلى مضحكة عامة. وما يجهله زطشي أن القانون الأساسي ل"الفاف" في البند السادس من المادة 29 يسمح له بطرح تغيير نظام المنافسة في دورة استثنائية، ولو أن المادة تمت صياغتها بطريقة مهلهلة، وهو "الجهل بالشيء" الذي جعله يتخبط أمام الانتقادات و"يخرج" عليها بجديده وهو "جمعية عامة في دورة استثنائية"، رغم أن القانون الأساسي يؤكد أن الجمعية العامة العادية تنعقد مرة واحدة في السنة. و"نسي" زطشي، وهو يقوم بتعديلات "منتقاة" على القانون الأساسي، أنه داس على القانون حين منح "السلطة التأديبية" للمكتب الفدرالي، من خلال حرمان الأندية من لاعبيها الجدد ومنعها من الانتدابات، رغم أن صلاحية المنع والحرمان من اختصاصات لجنة فض المنازعات التي تعتبر هيئة قانونية، والحقيقة أن القانون يمنع تأهيل لاعب يكون ملفه محل جدل، ولا يمنح الحق بمعاقبة لاعب آخر في فريق ما، لأن هذا الفريق لم يسدد مستحقات لاعب آخر.
حلال على نادي بارادو.. حرام على اتحاد الجزائر كما أن "الفضيحة" المدوية الأخرى، التي ستفصل فيها المحكمة الرياضية الدولية، هي منح ترخيص للرابطة في اجتماع المكتب الفدرالي بتاريخ 30 سبتمبر 2019، للدوس على البند 3 من المادة 29 لقانون بطولة الاحتراف، الذي ينص على أنه "خلال تواريخ "الفيفا" يتم توقيف بطولة الرابطة الأولى"، ما يعني أن المكتب الفدرالي لم يكن يملك سلطة منح أي ترخيص، طالما أن لا أحد يعلو على القانون وعلى سيادة الجمعية العامة، وما انجر عن إرغام الاتحاد على اللعب في تاريخ "الفيفا"، عدم إجراء المباراة، ثم معاقبة اتحاد الجزائر ظلما، ما جعل الفريق يلجأ إلى "الفيفا". والغريب أن المكتب الفدرالي، في الشهر الموالي، لم يمنح ترخيصا مماثلا للرابطة بسبب تداعيات قضية اتحاد الجزائر، وما كان حراما على اتحاد الجزائر أصبح حلالا على نادي بارادو، حيث برمجت الرابطة مباراة متأخرة بين اتحاد الجزائر ونادي بارادو وتفادت برمجة مباراة أخرى لاتحاد الجزائر، والمصيبة أن الرابطة ألغت المباراة، بسبب تواجد آدم زرڤان، لاعب بارادو، مع المنتخب الوطني، رغم أنه لا توجد أي مادة قانونية تمنح الحق لأي فريق بطلب تأجيل مباراة في تاريخ "الفيفا" ولا حتى بسبب تواجد لاعبيها في المنتخب، طالما أن القانون ينص أصلا على توقيف البطولة في تواريخ "الفيفا".
"صرخة" معوش.. تكشف المستور "الضربة القاضية" الحقيقية التي تفضح ممارسات الرئيس الحالي للاتحادية هي "صرخة" عضو مكتبه الفدرالي ورئيس جمعية فريق جبهة التحرير الوطني وأحد رموز الكرة الجزائرية، محمد معوش، الذي "كشف المستور"، حين اعترف بأن رئيس "الفاف" لم يستشره في أي بند من بنود تعديل القانون الأساسي، رغم أنه يملك الصفة وممثل لفريق جبهة التحرير في المكتب الفدرالي، وهي حقيقة تثبت بأن "الفاف" أصبحت رهينة في يد رئيس الاتحادية دون كل أعضاء المكتب الفدرالي ولا النوادي ولا رموز الكرة ولا حتى الوزارة، بدليل "إسقاط" رئيس الاتحادية للجنة موجودة في القانون الأساسي، وهي اللجنة القانونية التي يُفترض أن يرأسها عضو فدرالي، وإنشاء لجنة مؤقتة يرأسها "موظف" في الاتحادية، وهو الأمين العام المساعد، رضا غزال، من أجل إحداث ثورة على قوانين جمعية مبنية أصلا على المنتخبين وليس الموظفين، ليقدّم مؤشرا قويا على أن "العبث" هو سيد المواقف على مستوى الهيئة الكروية الجزائرية، وقد وجد هذا التسيب، في آخر لحظة، جدار صد من طرف السلطة العمومية ممثَّلة في وزير الشباب والرياضة.