تشهد الساحة السياسية الفرنسية تركيزا كبيرا على الهجرة وعلى اتفاقية 1968 مع الجزائر، التي تتضمن مزايا للمهاجرين الجزائريين، قبل أن تفرغ من محتواها بتعديلات جوهرية العام الماضي. هذه الحملة التي برزت في تصريحات كبار المسؤولين وإعلاميين وسياسيين، أخرجت وزير الاتصال والدبلوماسي السابق، عبد العزيز رحابي، عن صمته، وتساءل عن "فائدة اتفاقيات 1968 التي تعتبر في حد ذاتها انتهاكا وتراجعا عن اتفاقيات إيفيان؟". وتابع رحابي في تغريدة على منصة "إكس": "لقد جعلوا من الجزائر موضوعا مركزيا ومتكررا للنقاش في فرنسا"، ثم أردف: "كرامتنا يجب أن تكون فوق المزايا غير المهمة"، في إشارة، حسب ما يبدو، إلى ضرورة التخلص من هذه الورقة التي يستخرجها اليمين المتطرف واليوم الحكومة الفرنسية للضغط أو المقايضة. وتركت الحكومة الفرنسية الجديدة، وأذرعها الإعلامية والسياسية، كل مشاكل البلاد المتراكمة، كالديون التي بلغت مستويات غير مسبوقة، وغياب التوافق الحكومي والسياسي وغيرهما، وركزت جهودها وتفكيرها على الهجرة وبشكل ضمني على اتفاقية 1968 مع الجزائر. هذا السلوك السياسي يوحي أن الفريق الحكومي "منتوج خالص" لفكر اليمين المتطرف ولا يعكس إرادة الناخب الفرنسي الذي صوت على تكتل اليسار ويمين الوسط في التشريعيات الأخيرة. هذا التوجه للحكومة المنصّبة منذ نحو أسبوع، برز في تصريحات الوزير الأول، ميشال بارنييه، خلال خطابه الأخير في مطلع أكتوبر، دون أن يذكر الوثيقة محل الجدل في فرنسا بشكل مباشر، بالقول إن بعض الاتفاقيات الثنائية "لم تعد تتوافق مع حقيقة اليوم". غير أن نيكولا مونتي، مدير مرصد الهجرة والديموغرافيا، أكد يوم الأربعاء الماضي، أن رئيس الوزراء الفرنسي كان يتحدث بالفعل عن اتفاقيات 1968 والتصاريح التي ترفض الجزائر، حسبهم، منحها لرعاياها الخاضعين لتدابير الطرد من الأراضي الفرنسية. وقبل الوزير الأول، أدلى وزير الداخلية، برونو روتايو، بتصريحات في نفس الاتجاه، معتبرا أن اتفاقيات 1968 "مواتية للغاية للجزائر وغير مواتية للغاية لفرنسا"، مؤكدا أنه "يؤيد إعادة التفاوض على هذه الاتفاقيات واستخدام التأشيرة كوسيلة ضغط ضد الدول التي ترفض استقبال مواطنيها".