بعد جدل قانوني ومهني كبير في أوساط المحامين والمتقاضين، بشأن قضية الإشعار حول عدم دستورية المواد 10 و558 و559 و567 من قانون الإجراءات الإدارية والمدنية، التي تلزم المتقاضين بتوكيل محام في القضايا المطروحة أمام جهات النقض والاستئناف، قضت المحكمة الدستورية لصالح أصحاب الجبة السوداء بدستورية تلك المواد. ونظرت المحكمة الدستورية في القضية بعد أن استمعت إلى ممثل الحكومة وممثلين عن الاتحاد الوطني للمحامين، في جلسة علنية لإبداء ملاحظات شفهية حول القضية المثيرة للجدل. وكانت القضية قد أزعجت المحامين كثيرا، بعد أن طعن مواطن من ولاية الجلفة، في مدى دستورية القانون الذي يوجب توكيل محام أمام جهات الاستئناف والنقض، واستطاع افتكاك موافقة المحكمة العليا على إحالة طلبه أمام المحكمة الدستورية. وقررت المحكمة العليا إرجاء البت في القضية الأصلية، وأحالت إخطار المواطن أمام المحكمة الدستورية، الأمر الذي فاجأ اتحاد المحامين، وقرر الانخراط في القضية عبر طلب التدخل في الخصام، أمام المحكمة العليا، من منطلق أنه صاحب "صفة ومصلحة" ومعني بها بدرجة أولى، باعتبار أن قانون تنظيم مهنة المحامين، يفرض عليه "حماية مصالح المهنة"، مشيرا إلى أن حجج المواطن تتضمن مغالطات وأخطاء في قراءة وتفسير القانون وقرارات المحكمة. وتحجج المواطن في مسألة "ضرورة تمثيل الخصوم بمحام وجوبي أمام جهات الاستئناف والنقض"، بالدستور نفسه، وبعض الصكوك الدولية والقارية والإقليمية. وبرر اتحاد المحامين موقفه، بالقول إن المحامي صار "لا غنى عنه في المجتمعات الحديثة وتغييبه وتهميش دوره سمة من سمات تخلف الأنظمة، ومظهر من مظاهر الأنظمة الدكتاتورية والشمولية والقمعية، إلى جانب كونه الحصن الحصين للحريات العامة". وذكر هؤلاء أن التمثيل بمحام لا يعيق حق التقاضي، كما ادعى المواطن، وإنما يقدمه أمام الجهات القضائية بجودة عالية، واستدل المحامون بنماذج دولية توجب تمثيل المواطنين بمحام، كفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدةالأمريكية ومصر، وأيضا الاتفاقيات والعهود الدولية، كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيره.