تقود الجزائر وغانا جهودا داخل أروقة الاتحاد الإفريقي لتمرير مشروع تجريم الاستعمار ثم طرحه في الأممالمتحدة، في سياق صدام وتوترات بين فرنسا وعدة دول في القارة. ويناقش الاتحاد الإفريقي، اليوم السبت، على مستوى الرؤساء بأديس أبابا، لائحة تقدم بها وزير الخارجية، أحمد عطاف، سميت ب"العدالة للأفارقة والأشخاص من أصل إفريقي من خلال التعويضات عن الاستعمار"، وتمت مناقشتها على مستوى اجتماع وزراء الخارجية الأفارقة يومي 12 و13 فيفري في قمة أديس أبابا. واعتمدت قمة الاتحاد الإفريقي على مستوى المندوبين رسميا اللائحة التي تكرس عودة الاتحاد الإفريقي إلى الدفاع عن قيمه الأساسية. ويتضمن نص اللائحة التي تم رفعها إلى المجلس الوزاري للقمة، ثم إلى مجلس القادة، "بناء جبهة مشتركة وموحدة، من أجل قضية العدالة ودفع التعويضات للأفارقة عن الجرائم التاريخية والفظائع الجماعية المرتكبة ضد الأفارقة والأشخاص من أصل إفريقي، بما في ذلك الاستعمار والفصل العنصري والإبادة الجماعية". كما تتضمن الدعوة لعمل جماعي "لتجاوز الظلم التاريخي، ومعالجة الآثار الناتجة عن الاستعمار أو الاستعباد أو الفصل العنصري أو التمييز وتحقيق العدالة التعويضية"، على أن تتولى مفوضية الاتحاد الإفريقي قيادة جهود من أجل "الاعتراف التاريخي بتأثيرات الاستعمار والعبودية على المجتمعات الإفريقية وتوثيقها". وفي 30 ديسمبر الماضي، أعلن وزير الخارجية أن موضوع تجريم الاستعمار ببعده الدولي سيكون مطروحا على طاولة الاتحاد الإفريقي في قمة فيفري. وقال أثناء سرده لحصيلة الدبلوماسية الجزائرية خلال عام 2024، إن "هناك مبادرة داخل الاتحاد الإفريقي لطرح موضوع لتجريم الاستعمار في الأممالمتحدة، وستكون الجزائر من السباقين لدعم هذا التوجه"، مضيفا أن "القمة الإفريقية القادمة ستعالج هذا التوجه وستتخذ قرارات بشأنه، والصدى سيكون أكبر وأوسع وأقوى. قمنا بهذا العمل جماعيا كأفارقة لأن القارة الإفريقية هي أكثر من عانت من الاستعمار، ونعتبر أن هذا هو العمل في الاتجاه الصحيح". وتعد جرائم الاستعمار الفرنسي الأكثر وحشية في القارة، بل إن معظم الجرائم الدموية في تاريخ البشرية الاستعمارية ارتكبتها فرنسا بالذات، وفي إفريقيا احتلت باريس عشرات البلدان التي نهبت ثرواتها واستعبدت شعوبها لسنوات طويلة، وارتكبت العديد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في هذه الأراضي، وارتكبت القوات الفرنسية إبادة جماعية ضد مئات الآلاف من المدنيين بسبب عرقهم ودينهم. وشاركت فرنسا بنشاط في تجارة الرقيق، وهي واحدة من أكثر الصفحات المخزية للإنسانية، عندما أصبح ملايين الأفارقة ضحايا لسياسات العبيد الفرنسية. وقتلت فرنسا عدة ملايين من الأشخاص الأبرياء بمن فيهم النساء والأطفال في كل من الجزائر وتونس ومالي وجيبوتي ونيجيريا وتشاد والسنغال وبنين وكوت ديفوار وجمهورية إفريقيا الوسطى والغابون وتوغو والكامرون ودول أخرى.