يتحدث شيخ المدربين رابح سعدان، في هذا الحوار الذي خص به يومية الخبر الرياضي عن مشروعه الفني الذي لم يتمكن من تجسيده مع روراوة بعد مونديال 2010، مشيرا بأنه مستعد للعمل مع المكتب الفدرالي الحالي بقيادة خير الدين زطشي . سعدان، رفض الغوص في خيار رئيس الفاف للمدرب المقبل للمنتخب الأول ولم ينتقد الاختيار الإسباني، لكنه عرّج للحديث عن أسباب فشل المنتخب بعد رحيل غوركيف سواء مع راييفاتس أو مع ليكنس، وضرورة العودة إلى مراكز التكوين حتى لا نضيع السنوات العشر المقبلة ونبقى ننتظر ما تجود به علينا مدارس فرنسا. في البداية هل يمكننا أن نعرف أين هو رابح سعدان؟ حاليا أنا في شبه عطلة أسوي فيها مشاكلي وأموري الخاصة بين فرنساوالجزائر، كما أتابع في شؤون الكرة الجزائرية عن بعد… يعني أنك لا تعاني من مرض يمنعك من العمل مثلما روجت بعض المواقع أو وسائل الإعلام؟ لا لا بتاتا، بل بالعكس أنتظر منذ سبع سنوات عودتي للعمل الفني والفرصة لم تتح لي لحد الساعة، رغم بعض العروض من نواد هنا وهناك… كنت على وشك العودة إلى المديرية الفنية في عهد روراوة قبل سنة واليوم الفاف بوجه جديد شاب له طموحات كبيرة في صورة خير الدين زطشي؟ صحيح أنني تلقيت اتصالا من روراوة السنة الفارطة وطلبني لدراسة إمكانية التعاون مع "الفاف"، لكن لم نجلس ولم نناقش المشروع، وبقي ذلك مجرد اتصال هاتفي…. غادر روراوة الاتحادية وجاء زطشي فهل لديك الرغبة في العمل في الفاف؟ بدون أدنى شك، كنت وما زلت أتمنى تسخير تجربتي وخبرتي وما أملك من مؤهلات لفائدة الكرة الجزائرية، ولو يتصل بي زطشي فلن أرفض العمل معه، حتى وإن كنت لا أعرفه كمسير رياضي، فالمهم أن تستفيد كرتنا من الخبرة التي اكتسبتها على مدار 40 سنة في الميدان، فقد سيّرت المديرية الفنية مرتين في عهد الراحل ذيابي ثم مع روراوة، ولم لا أعمل مع زطشي ؟. المهم في كل ذلك بعث الكرة الجزائرية وإعادة هيكلتها فنيا. من خلال كلامك نفهم بأنك لم تتلق أي اتصال من زطشي؟ فعلا لم يتصل بي أي أحد من الفدرالية، ولم يعرض علي أي شخص مشروعا في المديرية عدا صديقي زفزاف، الذي تحدث معي قبل يومين بعد عودتي من فرنسا …. استعدادك للعودة إلى العمل في الفاف لا يعني بالضرورة عودتك لتدريب المنتخب؟ لا بتاتا، لا أطمح لتدريب المنتخب بل بالعكس خبرتي أريد توظيفها في المديرية، والمنتخب في حاجة إلى مدرب آخر…. طبعا مدرب أجنبي وليس محليا؟ في الظرف الحالي نعم، المنتخب الوطني في حاجة إلى مدرب أجنبي لعدة اعتبارات فنية وبسيكولوجية، لأن المدرب المحلي لو يوضع في هذه الفترة سيتعرض لضغط رهيب من قبل المحيط ولا أحد يصبر عليه، لذلك برأيي الفترة القادمة تحتاج إلى مدرب أجنبي. زطشي أسرّ لمقربيه بأنه بصدد جلب مدرب إسباني للمنتخب، فهل ترون بأن هذا الخيار له حظوظ كبيرة في النجاح؟ ممكن تجربة زطشي في ناديه بارادو حيدرة مع المدربين الإسبان جعلته يثق أكثر فيهم ويريد تكرار هذا النجاح في المنتخب لذلك اختار الوجهة الإسبانية… معذرة أقطع كلامك يا شيخ…. بارادو حيدرة نادي عائلي لحي صغير والمنتخب الوطني هو منتخب 45 مليون جزائري والأمور تختلف؟ أشاطرك الرأي، في أن تسيير الفاف والمنتخب الوطني ليس كتسيير بارادو ولا حتى ناد من نوادينا، لكن علينا أن نترك المدرب الجديد يعمل ونقيم عمله ولا نحكم عليه قبل مجيئه…. لكن اختيار المدربين عامل مهم في نجاح المنتخب وروراوة أخفق في جلب خليفة غوركيف وحدث ما حدث للخضر؟ هذا صحيح، وهذا مشكل عويص يقع فيه المسيرون، حيث يتقمصون ثوب الفنيين ويتحولون إلى مدراء فنيين ويختارون بأنفسهم المدربين، وهو ما يجعل هامش الخطأ كبيرا وما حدث للخضر بعد رحيل غوركيف كان منطقيا، لأن لاعبينا داخوا بين مدرب صربي لا يتكلم الفرنسية ثم مع طريقة عمل ليكنس والنتيجة يعرفها الرأي العام كله. نفهم من هذا الكلام، أن زطشي مخطئ بجلبه المدرب الإسباني في غياب لجنة فنية أو مديرية فنية تدرس مميزاته وما يليق بالمنتخب؟ أظن بأن ضيق الوقت جعل زطشي يسارع في جلب المدرب قبل تنصيب المديريات الفنية وأملنا أن يجلب مدربا يليق بالخضر ولا نتسرع في الحكم عليه قبل أن نراه في الميدان. لاحظ الكثير بأن المدربين الإسبان لم ينجحوا خارج الليغا، ولا يعملون بالقارة السمراء ما عدا كليمانتي مع ليبيا، وقلة من تألق في الكالتشيو أو إنجلترا في صورة بينيتيز وغوارديولا فهل الفلسفة الإسبانية ملائمة لمنتخبنا الذي تكوّن في مدارس فرنسا؟ سؤال وجيه ونظرتك ثاقبة، لو نعرج على الدوريات الأوروبية لا نجد المدربين الإسبان عدا في الليغا وحتى في إفريقيا لا يوجد مدربين إسبان ولكن أقولها وأعيدها لنترك المدرب يشرع في عمله ونقيمه فوق الميدان ولا نحكم على الأشياء قبل حدوثها. لكن لو يفشل الإسباني سنقول بأن زطشي فعل مثل روراوة تحوّل إلى مهندس كروي واختار مدربا حسب نظرته وليس حسب تحليل مديرية فنية تعرف خصوصيات المنتخب؟ للأسف هذا هو واقع الكرة في بلادنا والظاهرة هذه أصبحت مطروحة حتى في فرنسا، كنت أقرأ قبل يومين في حوار غوركيف لمجلة فرانس فوتبول أين قال بأن مسيري الجيل الحالي يحسبون انهم يفقهون في الكرة وتحولوا إلى محللين فنيين وهم لا يعرفون من الكرة سوى جانبها السطحي، كما قال بأن ما وقع له في الجزائر مؤسف لأنهم ويقصد مسيرو الفاف قهقروه إلى الخلف بعدما كان يريد الرفع من مستوى كرتنا نحو الأمام. الظاهر أنك معجب كثيرا بغوركيف وتأسفت لمغادرته الجزائر؟ طبعا، رحيل غوركيف كان خسارة ليس فقط للمنتخب بل للكرة الجزائرية، فهو مدرب من طراز خاص يكون مدربين بالفيفا والاتحاد الأوروبي وكان بمقدوره أن يساهم في تكوين مدربينا ويساهم في رسكلتهم لكن مسؤولي الفاف تركوه يرحل وانهار برحيله المنتخب. وهل تعتقد بأن المدرب الإسباني الذي يريده زطشي سيقدر على تحقيق الأهداف المقبلة للمنتخب؟ يضحك… عن أي أهداف رياضية نتكلم أولا؟…. المنتخب الوطني فقد 70 بالمائة من حظوظه في بلوغ مونديال روسيا ونتحاج لمعجزة أو لمدرب ساحر يؤهلنا إلى كأس العالم المقبلة، بقي لنا كأس أمم إفريقيا 2019 بالكاميرون والتي سنبدأ تصفياتها في جوان، هنا يجب التركيز عليها لأنه ضروري الاستمرار في المشاركة القارية وترقية أهدافنا فيها وبرأيي المدرب القادم هدفه تأهيل الخضر إلى الكان ولعب الأدوار الأولى فيها وفي سنة ونصف من العمل بإمكانه تحقيق هذا الهدف شريطة أن نتركه يعمل لأن الاستقرار ضروري كي ينسجم لاعبونا مع طريقة عمله وأسلوبه. حديث عن عدم تحكّم المدرب القادم في اللغة الفرنسية فهل سنعيش سيناريو راييفاتس مع الإسباني؟ ضروري أن يكون المدرب يتحكم في الفرنسية، فالناخب الوطني سيتعامل مع لاعبين يتكلمون فرنسيتهم والعربية والجانب النفسي والاتصالي مع اللاعبين يساوي 50 بالمائة من التحكم في المجموعة وأملي أن يكون الإسباني الذي يريده زطشي يعرف الفرنسية …. الكثير يفضل جلب مدرب فرنسي يعرف ذهنية مغتربينا، أنتم يا الشيخ تعاملتم مع أجيال من المغتربين من بلماضي وشراد وبلوفة إلى لحسن ومجاني ومبولحي والقائمة طويلة فهل هذا الطرح صحيح؟ فعلا مغتربونا لهم ذهنية خاصة يجب دراستها ومعرفتها جيدا قبل التعامل معهم فقد كنت أبا لجميعهم حتى وإني كنت أتعامل مع كل فرد بطريقة مختلفة عن الآخر وما فعلناه في 2004 بتونس ثم في 2009 ضد المصريين كان الفضل فيه للذهنية القوية للاعبينا وقد استثمرت في شخصيتهم كثيرا مما جعلهم أسودا فوق الميدان. …. تقصد أن المنتخب الوطني يحتاج للروح أكثر مما يحتاج للفنيات والتكتيك؟ المنتخب يحتاج لكل هؤلاء، لكن الروح التي امتاز بها جيل شراد ثم جيل زياني وبلحاج يمكن زرعها في جيل غلام وبراهيمي وهذا بفضل خطاب ملائم لأن بقية الجوانب التكتيكية والفنية هي مجرد تفاصيل تعلموها في نواديهم . نعود للأهم ألا وهو مشروع بعث الكرة الجزائرية، تريد تقديم خبرتك في هيكلة الفاف فنيا فهل لديك مشروع تعرضه على زطشي؟ ضروري أملك المشروع فبخبرتي التي تزن أربعين سنة هي مشروع ومخططاتي جاهزة منذ 2010 ولو سمعوا نصائحي بعد مونديال جنوب إفريقيا 2010 لأصبحت الكرة الجزائرية في أحسن حال، فلا السلطات العمومية ولا الفاف انتهجوا سياسة واضحة واليوم ندفع الثمن غاليا، الملايير تنفق والكرة مريضة. لكن الكرة مريضة في النوادي وفي القاعدة، فكيف يمكن لأي مشروع أن ينجح مع مسيري نواد لا يؤمنون بالتكوين؟ هذه مسؤولية الدولة، عليها أن تفرض على النوادي دفتر شروط لتجسيد المخططات وبناء مراكز التكوين وتأطيرها جيدا والفدرالية لا يمكنها أن تنجح بدون مساعدة الوزارة، لأن حجم الاستثمارات ضخم ، لذلك ألححت بعد مونديال 2010 على ضرورة استغلال هذه الديناميكة لبعث الكرة الجزائرية في الداخل من خلال بناء مراكز تكوين والاهتمام بالمدارس والتوقف عن صب الأموال للنوادي تصرف في شكل أجور ومنح دون أن تستفيد منها أجيال وأجيال وللأسف لا أحد سمع لكلامي وبقيت الفاف تنتهج نفس سياسة اللهث وراء نتائج الخضر ونسيت الوصاية دورها. واضح أن سعدان متحكم في ملف التكوين ومخططات المديرية الفنية فما هي نصيحتك لزطشي ؟ كرة القدم الجزائرية مريضة و الاتحادية الكروية في عهد روراوة نجحت في عدة أمور وفشلت في أهم الأشياء، ألا وهي بعث الكرة مثلما فعلنا في السبعينيات والثمانينيات ونصيحتي لزطشي، أن يستثمر في مديرية فنية قوية ولا يهتم فقط بالمنتخب الأول مثلما فعل سابقه، لأن الأهم هو تكوين أجيال من اللاعبين والمدربين وليس فقط التأهل إلى كؤوس العالم وكؤوس إفريقيا بلاعبين نشكر مدارس فرنسا على حسن تكوينها، لهم ولولا مدارس فرنسا لما حققنا كل هذا.