مرت، أمس، الذكرى 67 لتأسيس فريق جبهة التحرير الوطني، الذي كان بمثابة ذراع الكفاح الرياضي خلال الثورة التحريرية المجيدة وصوتها في العالم، بعد أن اختار لاعبون محترفون وبصفة نجوم في البطولة الفرنسية، الاستجابة لنداء جبهة التحرير الوطني، رافضين النجومية والأموال؛ في تأكيد منهم على إصرارهم على رؤية بلادهم حرة ومستقلة عن الاستعمار الفرنسي الغاشم. وتحوَّل منتخب "الأفلان" إلى أيقونة للكفاح الرياضي، ورمز لنجوم كرة القدم الجزائرية عبر التاريخ، بالنظر إلى قيمة القرار الذي اتخذه زملاء الراحل رشيد مخلوفي، في قمة مستواهم الكروي. يُعد فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم رمزا للرياضة الجزائرية، بعد أن اختار لاعبون في أوج عطائهم الكروي عام 1958، تسخير شهرتهم لإسماع صوت الثورة التحريرية الجزائرية عبر أنحاء العالم، وهو ما حدث فعلا لسنوات وإلى غاية الاستقلال، عندما جاب زملاء محمد معوش العالم لخوض المباريات الدولية، وإيصال صوت الثورة الجزائرية في كل مكان بالعالم. وبدأت قصة الفريق التاريخي في كرة القدم الجزائرية، عندما قرر 32 لاعبا محترفا مغادرة أنديتهم الفرنسية في سرية تامة، متوجهين إلى ما سيكون فيما بعد مقرهم الرئيس، مدينة تونس، تحت قيادة الثنائي محمد بومزراق ومحمد علام، وشكلوا ما سيعرفه العالم ويكتشفه باسم فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم. واستيقظت فرنسا الاستعمارية يوم 15 أفريل 1958 الاستعمارية، على وقع صدمة اختفاء الفقيد رشيد مخلوفي، الذي كان صانع ألعاب نادي سانت إتيان، وأحد صانعي تأهل المنتخب الفرنسي إلى نهائيات كأس العالم 1958 بالسويد رفقة المدافع الشهير آنذاك، مصطفى زيتوني، والمهاجم قدور بخلوفي، والحارس الكبير عبد الرحمن بوبكر، وعمار رواي، وعبد العزيز بن تيفور، وعبد الحميد كرمالي، ومحمد معوش، وغيرهم كثيرون. وكان الخبر صادما في وسائل الإعلام الفرنسية بحكم نجومية اللاعبين المذكورين، والذين كانوا من أفضل اللاعبين في البطولة الفرنسية. وكان بعضهم مرشحين للمشاركة في كأس العالم 1958 مثل مخلوفي وزيتوني، لكنهم اختاروا الدفاع بطريقة أخرى، عن بلدهم الجزائر، والكفاح من أجل استقلالها من الاستعمار الفرنسي. وقد تم وضع خطة لرحيل هؤلاء عن أنديتهم، فكان بن تيفور أول المغادرين إلى سان ريمو بإيطاليا. ثم تبعه لاعبو نادي موناكو، مثل زيتوني صحبة رواي إلى روما، ليتوجه الخماسي بعدها إلى تونس، حيث انضم إليهم اللاعبون الأربعة الآخرون الذين سافروا عبر سويسرا بعد أن تم تسجيل تأخر، بسبب نقل زميلهم مخلوفي إلى المستشفى بسانت إتيان بسبب إصابته. وفي طريقهم إلى الحدود علموا أن هروبهم تم اكتشافه، فتمكنوا من العبور إلى سويسرا قبل أن يلحق بهم معوش ولاعبون آخرون بعد فترة. وبتواجد 30 لاعبا بالعاصمة تونس، حيث مقر الحكومة المؤقتة للثورة الجزائرية، أدرك فرحات عباس بسرعة، المزايا التي يمكن أن يتم جنيها من خطة محمد بومزراق. وبعد ذلك بمدة، قال مقولته الشهيرة: "هذا الفريق أكسب الثورة الجزائرية تقدما ب10 سنوات". وتحولت مجموعة 30 لاعبا والمكونة من لاعبين استثنائيين، إلى مصدر إلهام دائم، للمساهمة في تحرير وطنهم، فحملوا الكرة في أرجلهم، والشعار الوطني على أكتافهم، وناضلوا من أجل الاستقلال بطريقتهم الخاصة، وهو ما عبّر عنه محمد معوش حامل اللواء الأخير لفريق جبهة التحرير بعد رحيل الكثير من أسمائه رحمة الله عليهم بكل فخر واعتزاز عندما قال: "لا أحد منا يشعر بالندم على كل ما فعله، لقد كنا مناضلين وثوريين، وحاربنا من أجل الاستقلال، وكانت تلك أفضل سنواتنا"، مضيفا: "طيلة سنتين أمتعت التشكيلة جماهير الدول التي زارتها ولعبت في ملاعبها وحققت ما مجموعه 65 انتصارا و13 تعادلا ولم تنهزم سوى 13 مرة، حيث سجل الفريق 385 هدف، وتلقّى 127 هدف طيلة هذه المسيرة".