أخيرا وبعد أكثر من 37 شهرا عن «الطلاق الإجباري» تصالح مهندسا ملحمة أم درمان وصانعا أفراح الجزائريين، وهازما الفراعنة على مرتين، الحاج محمد روراوة والشيخ رابح سعدان. التقى الرجلان وجها لوجه وجلسا مطولا دون وسطاء ولا دخلاء، وأفرغا ما في جعبتيهما، بعدما ظن صانعوا الفتنة وتجار الحقد بأن التقارب بين الحاج والشيخ غير ممكن إلى الأبد، ونسي هؤلاء بأنه عدا الجبال الشامخة التي لا يمكنها أن تلتقي وتصطدم، كل شيء قد يحدث في هذا الكون….. فقد تصافح رئيس الفاف ومدربه المفضّل، وقبّل الأول الثاني بحرارة، وفرح كل طرف بخطوة الآخر ونام الاثنان ليلة هنيئة قد تكون فأل خير لفتح صفحة جديدة في العلاقة بين الشخصين. وكيف لا يتصالح روراوة مع سعدان الذي منحه شهادة النجاح الكروي، وهو الذي تصالح مع سمير زاهر المصري وتشاجر مع حناشي ثم تصالح معه ودخل رئيس الاتحادية في حرب عن بعد مع رئيس الشاوية ياحي ثم طوى صفحة الخلاف قبل أيام قلائل. قد يعتقد القارئ بأن مصالحة روراوة مع سعدان هي جزء من إستراتيجية الرئيس في التحضير لما بعد حاليلوزيتش وهذا التخمين وارد، لأن المسؤول الأول في الاتحادية قالها صراحة بأنه يملك مخطط 1 ومخطط 2 ومخطط 3 لكل السيناريوهات المتوقعة بعد مونديال البرازيل. وقد يظن آخر بأن الرجلين التقيا صدفة أو توسط لهما أناس يحبون الخير للكرة الجزائرية، ويمكن كذلك أن نسمع بأن قرارا فوقيا دفع بروراوة وسعدان إلى طي صفحة الخلافات والدخول في عهد جديد لا ندري برنامجه، لكن الأكيد أن تصالح الحاج مع الشيخ هو دليل على أن الخلافات التي كانت بينهما هي من صنع «تجار النميمة» الذين ظلوا يستثمرون في الهوة والفجوة التي تشكلت بين المسير والتقني منذ تأهلنا التاريخي إلى مونديال جنوب إفريقيا فأصبحت كل الجزائر تتنفس على وقع رفقاء عنتر يحيى وزياني وتحول الخضر إلى «قاطرة» لقيادة بلد بأكمله اقتصاديا واجتماعيا. وسياسيا …. في تلك الفترة تحول حزب «الخضر» بقيادة الشيخ إلى أقوى حزب في الجزائر وجهاز من أقوى أجهزة السلطة. اليوم تأكد روراوة بأن سعدان ومهما قاله في الفضائيات وفي وسائل الإعلام سيبقى رابح المنتصر، الذي دخل بيته وأكل طعامه وتقاسم معه فرحة الفوز في زامبيا بالدموع ورفعه فوق رأسه بعد انتصار الشجعان في أم درمان بالسودان، كما تأكد الحاج بأن المدرب المخضرم أصيل ولن يرفض أي طلب لمصلحة الجزائر. من جهته الشيخ وبعد جلسته مع روراوة أول أمس تأكد بأن «الحاج» ليس ذاك الفرعون الذي يحطم كل شيء في طريقه وأن الذين غذوا توابل الحقد بينهما استفادوا من وضع مؤقت ونقلوا «وشايات» بغرض إزاحة أحسن مدرب عرفته الجزائر المستقلة . برافو على المصالحة … والصلح خير.