لم يكن أحد يتوقع أن يتمكن يحافظ نادي ساوثامبتون على تماسكه وقوته بعد رحيل أبرز مدربه بوكيتينو إلى توتنهام وأبرز نجومه أدم لالانا ولوك شو وديان لوفريق وتشامبرز ولامبرت وغيرهم إلى فرق المقدمة في إنجلترا ، إلا أن الفريق ومنذ بداية الموسم يقدم أداءاً رائعاً جعله يحقق عدداً من الانتصارات أبرزها ضد ساندرلاند بثمانية بيضاء مما وضعه في المركز الثالث خلف تشلسي ومانشستر سيتي ليفرض احترامه على الجميع ، ويعود كثير من الفضل لقائد هذا الحصان المدرب الهولندي رونالد كويمان الذي عرف كيف يقلب التوقعات عن فريقه ويجعله حصان البطولة الأسود بلا منازع . بداية من هو رونالد كويمان كلاعب ؟؟ نجم الدفاع الهولندي السابق أشهر من نار على علم في مسيرته كلاعب ، فهو أعلى المدافعين تهديفاً في التاريخ بتسجيله 193 في 535 مباراة خاضها على مستوى الأندية وهو رقم قياسي توزعت على أندية غونينغن وأياكس وأيندهوفن وفينورد والنادي الأهم في مسيرته برشلونة والذي سجل معه 67 هدفاً في 192 مباراة ، وقد تميز بقدم قوية ودقة كبيرة في التسديد البعيد والركلات الثابتة ، وأغلى أهدافه كان في مرمى سامبدوريا في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1992 والذي جعل البرشا يحمل لقب البطولة الأغلى على صعيد الأندية للمرة الأولى بقيادة يوهان كرويف ، ولم يقتصر سجله التهديفي على الأندية بل تعداها إلى المنتخبات أيضاً حيث سجل 14 هدفاً من 78 مباراة ، وهو من الجيل الذهبي الذي ضم أيضاً غوليت وفان باستن وريكارد والذي فاز بكأس الأمم الأوروبية عام 1988 عل حساب الاتحاد السوفيتي . ماهي إنجازاته كمدرب ؟؟ بدأ كويمان مسيرته في التدريب كمساعد لمدرب منتخب هولندا جوس هيدينك مابين عامي 1997 -1998 ثم أكمل مع لويس فان خال كمساعد أيضاً بين عامي 1998 -2000 ليستلم أولى مهامه التدريبية مع فيتسي ارنهيم الهولندي موسم 2000 -2001 وينطلق كمدرب أول لفرق أياكس وبنفيكا وأيندهوفن وفالنسيا الاسباني ليعود إلى بعدها لهولندا ويدرب ألكمار وفينورد وأخيراً مع ساوثامبتون ...ولم تكن مسيرته كمدرب حافلة بالألقاب كما كانت كلاعب إلا أنها لم تخل منها ، ففاز مع الأياكس ببطولتين للدوري وبطولة للكأس وكأس السوبر ومع بنفيكا بكأس السوبر البرتغالية ومع أيندهون بالدوري المحلي موسم 2006-2007 ومع فالنسيا بكأس الملك ومع ألكامار بكأس السوبر أيضاً والمسماة درع يوهان كرويف ليصل إلى ساوثامبتون ويتصدى للمهمة الصعبة بعد رحيل النجوم وينجح فيها حتى الآن نجاحاً باهراً بانتظار نهاية الموسم . ماذا فعل المدرب الهولندي مع ساوثامبتون ثلاثة مسائل هامة قام بها كويمان لتعويض رحيل النجوم وإصابة بعدهم كجاي رودريجيز كانت هي العامل الأساسي في تحويل ساوثامبتون من فريق في طور البناء إلى حصان أسود حقيقي وهذه الأمور هي : الاعتماد على خطة 4-3-3 وشراء اللاعبين المناسبين لها : قرر كويمان الاعتماد على خطة 4-3-3 وهي الخطة المفضلة دائماً لكل مدرب هولندي لأن تطبيقها الصحيح يسمح ببناء فريق متماسك هجوماً بفضل حرية التحرك التي تمنحه للاعبين ودفاعاً بفضل دعم لاعب الارتكاز للاعبين الأربعة في الخلف ، لكن هذا الأمر كان مشروطاً بتوافر اللاعبين القادرين على جعلها ناجحة فكان أن أبقى على شنايدرلين والكيني واشترى دوسان تاديتش صاحب أفضل معدل في التمرير ولعب الكرات المرفوعة في هولندا الموسم الماضي مع توينتي أشخيدة حيث مرر 133 كرة لزملائه متفوقاً على أقرب لاعب له ب 46 تمريرة ، ومن هذه هذه التمريرات 64 كرة مرفوعة بالمقاس لزملائه ، كما جلب الإيطالي بيليه من نادي أتلانتا الذي سجل 24 هدفاً من 28 لقاء لتكون النتائج باهرة بتسجيل 19 هدفاً سجل منها بيليه 6 أهداف وصنع تاديتش منها 7 لتصح نظرة كويمان . تقوية الدفاع : المسألة الثانية التي عمل عليها كويمان كانت إعادة تنظيم الدفاع وجعله أكثر متانة وصلابة مما كان عليه أيام بوكيتينو الذي كان يركز على الضغط في الثلث الأخير من ملعب الخصم واستعادة الكرة بسرعة عمد كويمان إلى تأخير هذا الدفاع الضاغط إلى منتصف الملعب تقريباً معتمداً على الفرنسي شنايدرلين الذي يعتبر من أفضل لاعبي الارتكاز في الدوري الانجليزي حتى الآن وبجانبه فيكتور وانياما وجاك كروك ، وقد سمح هذا التنظيم الجديد بتكوين عدة طبقات دفاعية أمام الخصوم مما جعله صعب الاختراق ، والنتيجة كانت عدم تلقي سوى خمسة أهداف في المباريات الثماني الأولى . الاستفادة من أكاديمية النادي : تعتبر هذه الأكاديمية من أكثر المشاريع أهمية في نادي ساوثامبتون حيث أنها نتاج عمل سنوات طويلة استفادت فيه من خبرة الكثير من المدارس العملاقة في أوروبا ، وقد استفاد منها كويمان بضم مجموعة من اللاعبين الموهوبين إلى الفريق الأول أمثال جيمس وارد براوس ولويد إيسجروف ومات تارجيت ليكمل الفريق ويغطي النواقص حيث قدم هؤلاء الشبان أداء ملفتاً يبين دقة العمل في هذه الأكاديمية . يستحق كويمان الإشادة على العمل الذي قام به حتى الآن والذي جعله ينال جائزة أفضل مدرب في الشهر، لكن العبرة مع الفرق المتوسطة إن جاز التعبير تكون في القدرة على الصمود طوال الدوري وليس في بدايته وحسب ...فإن استطاع كويمان البقاء في كوكبة المقدمة (ولا نعني بالضرورة هنا الأربعة الأوائل ) فوقتها نستطيع الإشادة فعلاً به .