في حديقة تتفتح فيها الورود وأزهار البنفسج ونباتات الكرنب ويتراكم بها أثاث مُهشم ببلدة بارنول بغرب سيبيريا النائية يقف برج خشبي متهالك تعلوه قُبة من الالومنيوم.بنى ميخائيل ليفشنكو وهو من المحاربين القدامى في الحرب العالمية الثانية وهاوي علم الفلك التلسكوب وبُرج مراقبة من لاشيء في السبعينات بعيدا عن مراكز أبحاث ضخمة كانت في فترة سابقة محور سباق الفضاء بين الاتحاد السوفيتي السابق والغرب. رويتر واليوم يريد جيران وسكان محليون فُتنوا بابتكاره إعادة الحياة إليه ويأملون أن يُلهم كسوف كلي للشمس حدث في الأول من الشهر الجاري هواة علم الفلك في أماكن أُخرى من العالم لمساندتهم. ومنذ وفاة ليفشنكو في عام 2002 تراكم الغبار على التلسكوب وعدسته البالغ قطرها 40 سنتيمترا وتُكَبر الأشياء 500 مرة بينما حاول لصوص سرقة التلسكوب من أجل المعدن المُصَنع منه. وأولج بتروف أحد من يريدون إصلاح التلسكوب الذي كان ينظر من خلاله وهو طفل بينما يستمع لدروس ليفشنكو ويقول "الجهاز الذي بناه ليفشنكو فريد وينقل صورة واضحة لا يضاهيها أي تلسكوب آخر". وقالت إدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) أن الكسوف الكلي للشمس وهو الأول في عامين مر فوق كندا والصين ومنغوليا وروسيا بما في ذلك بارنول لتختفي الشمس لمدة دقيقتين و16 ثانية. ويأمل بتروف ان يشاهد مراقبو كسوف الشمس من فرنسا وايطاليا والولايات المتحدة ممن يزورون بلدته التلسكوب وربما يساهمون في إصلاحه. ويقول ان تكلفة التحديث الكلي وربما نقل التلسكوب ستصل لحوالي مليوني دولار. وفي السبعينات ألهمت حماسة ليفشنكو الكثيرين. وتوافد أصدقاء وأطفال بل وجيران سكارى على حديقته لمراقبة الأجرام السماوية ويغادرون متأثرين. وقال بتروف "عندما كنا أطفالا صغارا استمعنا لدروس ميخائيل (سيرجيفيتش) ليفشنكو. فتن كثيرون بالفيزياء والرياضة والفلك بعد زيارة برجه المذهل". وفي عام 1973 في أواخر سباق الفضاء بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة أمضي ليفشنكو عاما يلحم قطعا من المعدن ويقطع أخشابا من حاويات لبناء التلسكوب وبرج المراقبة. وتقول ابنته ناديجدا "حاول ليفشنكو ألا يعلم أحد بشغفه بالفلك إبان الحقبة السوفيتية". ولكنه سحر جيرانه ويتذكر بتروف دعوته جارا ثملا ليشاهد كوكب زحل مما دفعه للتخلص من الخمر على الفور. وقال بتروف "شرح (الجار) لزوجته فيما بعد ان روحه استعادت شيئا ما وانه أدرك أن الحياة بها الكثير من الاشياء المثيرة فيما يهدر وقته في معاقرة الخمر". وضحكت ناديجدا قائلة "حاولت الزوجات توجيه أزواجهن إليه ليعالجهم من إدمان الخمر ولكن لم يكن للنجوم نفس التأثير المفيد على آخرين". وبعد ان طبقت شهرته الآفاق بدأ الناس يطلبون من ليفشنكو قراءة الطالع ومعرفة أفضل وسيلة لزرع البطاطا والكرنب. وتضيف "لم يؤمن أبي بالأبراج أبدا لكن كان بوسعه التنبؤ بأحوال الطقس بمساعدة التلسكوب. صدقه الناس أكثر من خبراء الأرصاد الجوية".