توجت المرحلة الأولية من الحوار المالي الشامل الذي انطلق بالجزائر منذ أسبوع، بالتوقيع على وثيقتين من قبل الحكومة المالية وست حركات سياسية عسكرية من شمال مالي، وتتعلق الأولى بخارطة الطريق للمفاوضات في إطار مسار الجزائر، في حين تخص الثانية وقف الاقتتال،كما وقّع فريق الوساطة على الوثيقتين. وتقرر استئناف الجولة الأولى من الحوار بين الأطراف المالية يوم 17 أوت الداخل، لتستمر إلى غاية 11 سبتمبر القادم بالجزائر العاصمة. وفي هذا الصدد وصف وزير الشؤون الخارجية السيد رمطان لعمامرة، أول أمس، التوقيع على الوثيقتين الذي تم بفندق الأوراسي، بالنتيجة المرضية المتوّجة للمرحلة الأولية من الحوار ما بين الماليين وذلك بعد مفاوضات شاقة بين الجانبين، مؤكدا أن ورقة الطريق المعتمدة بين الجانبين تتركز على ضرورة إيجاد حل شامل على ضوء الثقة المتبادلة. وقد تم التوصل إلى هذا التوقيع بعد مفاوضات شاقة بين الأطراف المالية، حيث تميزت أجواء الاختتام للمرحلة الأولية من الحوار، بتمسك بعض الحركات المالية بمواقفها بخصوص بعض المصطلحات التي تضمنتها بنود خارطة الطريق، مما أدى إلى تأخير التوقيع على الوثيقتين لأكثر من أربع ساعات، في وقت تمسك فيه المشاركون بأهمية الحفاظ على المنحى الايجابي الذي ميز المفاوضات منذ انطلاقها. وفي هذا الصدد أوضح مصدر دبلوماسي ل"المساء" أن مثل هذه الأجواء تبقى مألوفة في مثل هذه الحالات، مضيفا أنه من الطبيعي أن تشهد مواقف الأطراف بعض التباين لا سيما وأن الحوار يبقى في مرحلته الأولى، حيث يسعى كل طرف للتمسك بوجهات نظره، غير أنه أكد في المقابل بأن ما تم إحرازه خلال هذه المفاوضات طيلة أسبوع يظل مكسبا هاما للطرفين، لا سيما فيما يتعلق بالتمسك بالوحدة الترابية لمالي. الأطراف المالية تعبّر عن تقديرها للجزائر وعقب مراسيم التوقيع على الوثيقتين أعربت الأطراف المالية عن ارتياحها لهذا التوقيع، وعبّرت عن تقديرها للجزائر ولجهودها المتواصلة من أجل إيجاد حل دائم للنزاع بشمال هذا البلد، حيث أعرب موديبو كيتا، الممثل السامي للرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا، عن ارتياحه للنتائج المحققة عقب المرحلة الأولية من الحوار المالي، مؤكدا في هذا الصدد التزام السلطات الجزائرية من أجل السلم والاستقرار في بلاده. وإذ وجه شكره لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي لم يدّخر أي جهد من أجل حل النزاع فقد جدد ممثل الرئيس المالي ثقته في الجزائر، نوه في السياق بالشركاء الثنائيين ومتعددي الأطراف و تضامنهم مع بلده. في حين أكد التزام الحركات السياسية العسكرية للشمال بالمفاوضات، واختيارهم بكل "شجاعة واستقلالية سبيل الحوار الذي يأملون في أن يكونصادقا، وخاطبهم قائلا "لقد دخلتم في العصرنة وأخذتم بعين الاعتبار قيم التسامح والانفتاح التي يتميز بها مجتمعنا وهذا لصالح شعبنا الموحد". من جهته أكد رئيس الدبلوماسية المالية الاستعداد الجاد لحكومة بلده و سلطاتها العليا خاصة الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا، حتى "يكون ما أنجز بالجزائر دعامة دائمة للعمل لصالح السلم والاستقرار بمالي وبالمنطقة"، مشيدا في هذا الصدد بدور الجزائر الثابت، ومساهمتها في إيجاد حل للأزمة في مالي منذ اندلاعها. ومن باب طمأنة الحركات العسكرية المشاركة في الحوار، أكد وزير الشؤون الخارجية المالي عبدولاي ديوب، عقب التوقيع على الوثيقتين، استعداد الحكومة لدراسة جميع الحلول الممكنة مع هذه الحركات من أجل التوصل إلى سلام نهائي بهذا البلد، قائلا في هذا الصدد "يمكنكم أن تعوّلوا علينا كممثلين عن حكومة مالي لدراسة جميع الحلول الممكنة معا"، من أجل التوصل إلى السلم والاستقرار في مالي. وإذ أشار إلى أن المسار الذي التزم به الطرفان لم يكن سهلا، فقد أعرب الوزير عن أمله الصادق في أن تلتزم الأطراف بحوار مع الحكومة المالية " ليس كخصم وإنما كمواطني بلد واحد وكشركاء" من أجل السلم والاستقرار، وذلك في إطار تحديد معالم مصير مشترك بنظرة مشتركة من أجل تعزيز السلم والاستقرار في المنطقة. من جانبه قال ممثل تنسيقية حركة تحرير الأزواد، عباس أغ إنتالا، إنه بفضل التوقيع على هاتين الوثيقتين أكدت الجزائر مكانتها الإقليمية والدولية لصالح السلم بالبلدان المجاورة. وعلاوة على ممثلي الحكومة المالية تتمثل الحركات الست المعنية بالحوار المالي في الحركة العربية للأزواد، التنسيقية من أجل شعب الأزواد، وتنسيقية الحركات والجبهات القومية للمقاومة، الحركة الوطنية لتحرير الأزواد، المجلس الأعلى لتوحيد الأزواد والحركة العربية للأزواد (منشقة). كما يشارك في المفاوضات كل من الجزائر والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا إلى جانب الأممالمتحدة و الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لتنمية دول غرب إفريقيا، و منظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي. وكانت وزارة الشؤون الخارجية، قد أشارت إلى أنه غداة انطلاق الحوار تم إشراك الأطراف المالية الممثلة للحكومة والحركات السياسية العسكرية في الشمال، من قبل الوفد الجزائري وفريق الوساطة المدعم لها في "مختلف جوانب المفاوضات التي تمس المسائل المتعلقة بالدفاع والأمن والمسائل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمصالحة والعدالة والوضع الإنساني" .