يشير تحقيق ميداني أجراه المعهد الوطني للوقاية من الأخطار المهنية حول تطور الأمراض المهنية بالجزائر، إلى أن خطر الإصابة والتعرض للأمراض المهنية لا يزال "قائما" في بلادنا وفي بعض القطاعات والتخصصات المهنية على غرار قطاع الخدمات والصناعة، ويستمر خطر الإصابة بها على الرغم من الإجراءات التنظيمية والتقنية التي تم وضعها وتبنيها من قبل السلطات العمومية بهدف ضمان حماية أكبر للعامل في محيطه العملي. وأكدت وثيقة صادرة عن المعهد الوطني للوقاية من الأخطار المهنية، أنه رغم اتخاذ سلسلة من الإجراءات لتعزيز الوقاية من الحوادث والأمراض المهنية والمتعلقة أساسا بإجراءات وقائية ترتكز على جملة من الأدوات التشريعية والتنظيمية والتقنية، خاصة فيما يخص مصالح النظافة والأمن ومصالح طب العمل، إلا أنها تبقى غير كافية مادام خطر الإصابات يهدد العاملين في قطاع الصناعة والخدمات باعتبارهم الأكثر احتكاكا مع الأمراض والأكثر عرضة لها. وحسب المصدر فإن تحرك المعهد الميداني لإجراء هذا التحقيق جاء بناء على طلب من الوزارة التي طالبت بجرد جميع النقائص المسجلة والملاحظة في الميدان فيما يتعلق بالوقاية من الأخطار المهنية، مع التركيز على التعريف بأسباب الأمراض المهنية الشائعة والمسجلة بنسب عالية، والإشارة إلى سبل الوقاية المقترحة سواء من قبل المصالح المختصة وخبراء القطاع، وتلك التي يطالب بها المعنيون من العمال ويجدونها تلائم طبيعة عملهم. للعلم فإن مهام المعهد وبالإضافة إلى طلب الوزارة يرتكز في الأساس على الكشف عن الأخطار والنقائص في إجراءات الوقاية من حوادث العمل والأمراض المهنية، وكذا المشاركة في بحث أسبابها من خلال تحقيقات وتحاليل علمية قصد التقليص من عدد حوادث العمل، كما يتكفل بإعداد دراسات معمقة في مجال احترام شروط الأمن بالوسط المهني، إلى جانب المشاركة في أشغال وضع معايير وتلك المتعلقة بالمواد السامة والخطيرة في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للوقاية من الأخطار المهنية.وقد مس التحقيق الذي استمر لأزيد من سبعة أشهر، نماذج من 400 مؤسسة موزعة عبر كامل ولايات الوطن، بالشرق والوسط والغرب والجنوب، وخلال مدة التحقيق عكف فريق العمل المكون من 27 محققا مؤهلا منهم عاملون بالمعهد الوطني للوقاية من الأخطار المهنية، والصندوق الوطني للعمال الإجراء وأطباء عمل، على التحقق من مدى التزام المؤسسات التي شملها التحقيق بالإجراءات القانونية والإدارية المتعلقة بالأمن، ومدى تنفيذها لسياسة الوقاية من الأخطار المهنية. وأوصى تقرير التحقيق بضرورة تحيين ومراجعة القوانين الحالية مع ضرورة استعمال آليات عمل حديثة وفعالة، بالإضافة إلى تدعيم ومضاعفة مختلف التدخلات التي تقوم فرق التفتيش المختلفة سواء التابعة لمفتشية العمل أو الضمان الاجتماعي، كما دعا التحقيق إلى ضرورة مراجعة الجدول المتعلق بالأمراض المهنية. للعلم فقد ارتفع عدد هيئات الوقاية من الأخطار المهنية المنصبة على مستوى المؤسسات العامة والخاصة منذ 2012 إلى أزيد من 7000 هيئة، وتسهر مفتشية العمل على تطبيق تشريع وتنظيم العمل من خلال زياراتها التفقدية للمؤسسات، حيث تقوم بتنصيب هذا النوع من الهيئات لضمان التكفل بالعامل وضمان سلامته. وتحرص هذه الهيئات على تدعيم جانب الوقاية للحد من الأخطار المهنية، وهي تضم لجانا متساوية الأعضاء للوقاية الصحية والأمن للمؤسسات، لجانا متساوية الأعضاء للوقاية الصحية والأمن في وحدات إنتاجية، مصالح الوقاية الصحية والأمن في المؤسسات التي تشغل أقل عن 50 عاملا، الأعوان الدائمين للوقاية الصحية والأمن وكذا الأعوان الدائمين للوقاية الصحية والأمن في المؤسسات التي تشغّل أقل من تسعة (09) عمال. للعلم عرفت الجزائر خلال السبع سنوات الأخير "تحسنا ملحوظا" في ظروف العمل، وكذا تطور ثقافة الوقاية من الأخطار المهنية وذلك بفضل القوانين الجزائرية في مجال السلامة المهنية والتي "تنسجم" مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بهذا الموضوع، واليوم تتوفر الجزائر على منظومة تشريعية وتنظيمية غنية تعكس السياسة الوطنية في مجال الوقاية من الأخطار المهنية.