دخل العدوان الصهيوني على غزة يومه السابع والأربعين، ولا زال العالم عموما والعرب خصوصا يتفرجون على حلقات مسلسل قتل وتقطيع أشلاء الأطفال والنساء بأفتك الأسلحة حتى تلك المحرّمة دوليا. ويتزامن استمرار هذا العدوان مع الذكرى الخامسة والأربعين لجريمة إحراق المسجد الأقصى، وللأسف لا يزال أيضا نفس المستوطنين الصهاينة الذين ارتكبوا هذه الجريمة، يدنسون المسجد الأقصى إلى اليوم. لقد غاب التضامن العربي والموقف الفعال، ولو بأضعف الإيمان، لوضع حد لهذا العدوان الهمجي من الكيان الصهيوني الذي انتهك كل القوانين والأعراف الدولية، حيث قصف المدارس والمستشفيات والملاجئ والمساجد، ولا أحد تحرك، وكأن شيئا لم يكن!؟ فدول من أمريكا اللاتينية قطعت علاقاتها مع هذا الكيان، وأخرى طردت السفير الاسرائيلي احتجاجا على العدوان الصهيوني وفظاعة المجازر المرتكبة في حق أبناء غزة، بينما دول عربية تربطها بإدارة الكيان الصهيوني علاقات دبلوماسية لم تجرؤ على طرد السفير ولو من باب "التخويف" و"الاسترجال"، وأخرى لها ممثليات تجارية اسرائيلية ولم تجرؤ أيضا على غلقها. كل هذا واقع في عالمنا العربي للأسف، الأقوال في واد والأفعال في واد آخر ومزايدات في سوق النخاسة! فالعرب لا يتقنون المزايدة والتحدي إلا مع بعضهم البعض، لكن، صم، بكم عميٌ مع الكيان الصهيوني. إن الجزائر خلافا لهؤلاء لم تبق مكتوفة الأيدي بل جسّدت أقوالها أفعالا، فقد سارعت إلى طرح القضية الفلسطينية من جديد في المحافل الدولية، وطالبت باجتماع أممي حول العدوان على غزة، كما قررت مساعدات مالية معتبرة قدرت ب25 مليون دولار، إضافة إلى المساعدات الأخرى الغذائية منها والطبية، ولا تزال متمسكة بمواقفها الثابتة إزاء قضية فلسطين، التي يعتبرها الجزائريون قضيتهم الأولى. لقد أثبتت 47 يوما من العدوان أن الصمود لن يكون إلا من الداخل، وأن جيش الاحتلال بدأ يراجع حساباته القديمة بعد أن اصطدم بمقاومة شرسة لرجال يؤمنون بقضيتهم وعازمون على مواصلة مسيرة تحرير فلسطين، مقاومة لم يكن يتوقعها بالنظر إلى الموقف العربي المتضعضع والوهن، لكن رجال المقاومة رفعوا رؤوس العرب وأثبتوا لهم بأن أطروحة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر. مجرد خرافة.