حجبت لجنة تحكيم الطبعة التاسعة لمهرجان المسرح المحترف جائزة أحسن عرض متكامل، أوّل أمس بالمسرح الوطني "محي الدين بشطارزي"، ذلك أنّ الأعمال المقدّمة لم ترق إلى المستوى المنتظر من المسارح الجهوية التي تتوفّر على جميع الإمكانيات، وجاء توزيع باقي الجوائز مبنيا على منطق المقارنة بين العروض المشاركة. اعترفت لجنة التحكيم التي ترأسها سعيد بن سلمى، أنّه بعد معاينة 17 مسرحية تولّدت لديها قناعات متناقضة تتراوح بين الرفض الكلي والمطلق أو القبول بتحفظ، وقررت عدم منح الجائزة الكبرى للمهرجان بعد أن تبيّن لها غياب عمل مسرحي متكامل يستحق التتويج، ولامت اللجنة المسارح الجهوية التي قصّرت في أدائها ولم تقدّم الأجود في منافسة "المحترف"، وذكرت بأنها تتمتع بكل الإمكانيات المادية والمعنوية لتحقيق المطلوب. ولاحظت لجنة التحكيم أنّ المنافسة طغت عليها الخدع التقنية على حساب تقنيات المسرح المتعارف عليها، على غرار التمثيل والإخراج، ولم ترق بعض المحاولات إلى مستوى المسرح الجزائري الذي كان له صيت في منطقة المغرب العربي، لكن في المقابل منحت جائزة لجنة التحكيم الخاصة للسينوغرافي رياض بروال عن مسرحية "غضب الآلهة" للمسرح الجهوي باتنة، وهو ما يتناقض فعلا مع رأي هيئة التحكيم. وبهذا الصدد، اقترحت اللجنة على محافظة المهرجان أن تنظّم مهرجانات جهوية تصفوية في المسارح المشاركة، حسبما ينص عليه القانون الداخلي للمنافسة، وشددت على أن يكون الإنتاج جديدا، كما سجلت أن نصف الأعمال المشاركة في هذه الطبعة تقل مدتها على 70 دقيقة خلافا للقانون الداخلي الذي يلزم الفرق ب 70 دقيقة عرض، ودعت الفرق المشاركة إلى التخلي عن الخدع والاستعمال المفرط للكوريغرافيا. وضمت اللجنة سعيد بن سلمى رئيسا، والأعضاء هم؛ مليكة بلباي (ممثلة)، أمال مينغاد (مخرجة وممثلة)، عبد الحميد رماس (ممثل)، كمال يعيش (مخرج)، زيدوني نور الدين (مصمم ديكور)، وبن خلاف عبد المالك (كاتب مسرحي). ونال أحسن إبداع موسيقي حسان لعمامرة عن مسرحية "الأجداد يزدادون شراسة" للمسرح الجهوي سيدي بلعباس، أمّا أحسن سينوغرافيا فعادت لعبد الرحمن زعبوبي عن مسرحية "ليلة غضب الآلهة" للمسرح الجهوي باتنة، وفازت بلحسين أمينة المشاركة في مسرحية "نوّار الصبار" للمسرح الجهوي وهران بجائزة أحسن أداء نسائي واعد، وعادت جائزة أحسن أداء نسائي ثانوي للممثلة نوارة براح عن مسرحية "الكلمة الثالثة" للمسرح الجهوي قالمة، وتوجت عديلة سوالم عن مسرحية "الكلمة الثالثة" للمسرح الجهوي قالمة بجائزة أحسن أداء نسائي رئيسي. واكتفى ناموس علي عن دوره في مسرحية "المذبحة" للمسرح الجهوي سكيكدة بجائزة أحسن أداء رجالي واعد، ونال هشام قرقاح عن دوره في مسرحية "في انتظار المحاكمة" للمسرح الجهوي عنابة، جائزة أحسن أداء رجالي ثانوي، وافتك جائزة أحسن أداء رجالي رئيسي الممثل سمير أوجيت عن مسرحية "ليلة غضب الآلهة" للمسرح الجهوي باتنة. وذهبت جائزة أحسن نص مسرحي للكاتب والمخرج سفيان عطية عن مسرحية "ليلة إعدام"، فيما فاز حسان بوبريوة عن مسرحية "المذبحة" للمسرح الجهوي سكيكدة بجائزة أحسن إخراج، ومنحت جائزة لجنة التحكيم للسينوغرافي رياض بروال عن مسرحية "ليلة غضب الآلهة" للمسرح الجهوي باتنة. حفل الاختتام الذي عرف حضورا مميزا لثلة من الوجوه الفنية والثقافية يتقدّمهم الفنان القدير سيد أحمد أقومي وطه العامري وغيرهما، عرف كذلك حضور ممثل وزيرة الثقافة السيدة نادية لعبيدي، وهو الأمين العام للوزارة رابح حمدي الأمين الذي أكّد أنّ المهرجان أصبح علامة مميزة في المشهد الثقافي الجزائري، أحدث ديناميكية ملفتة تسعى الوصاية إلى ترسيخها لاحقا، وتتواصل لتجمع التنوّع الثقافي من كلّ مشارب الوطن، وقال بأن الحدث الثقافي من شأنه أن يثري المنجز الإبداعي الجزائري، وشكر بالمناسبة المشاركين والإعلاميين والمنظمين لإنجاحهم الطبعة ال9، وكذا الجمهور، مشيرا إلى أنّ الرهان هو إمتاعهم وإسعادهم، كما حيا أهل غزة التي تبقى دائما في القلب. من جهته، صرح محمد يحياوي محافظ المهرجان الوطني للمسرح المحترف ومدير المسرح الوطني، أنّ المنافسة كانت شريفة وهنأ الفائزين وشدّ على أيديهم نحو الأمام، وأردف أنّ من لم يتوج، يكفيه نيله حب الجمهور الذي صفق له طويلا، فالفنان اليوم يصان بالإضافة إلى تكريمه. وأكّد المحافظ أنّه يرحّب بانتقادات الجميع ويستمع لأصدائهم، لبناء حلم فني متكامل، وأشار إلى أن ختام الدورة التاسعة للمهرجان هي بداية لموسم مسرحي قوي وفعال بمستوى العروض التي مرت عليها أدوات نقدية ناجعة، وثمن جهود كلّ من سهر على إنجاح الطبعة التي كرمت الراحل امحمد بن قطاف، وحيا الجمهور الراقي والإعلام بمختلف الهيئات.