وجد الانقلابيون في موريتانيا انفسهم امام طريق مسدود بعد ان تقاطعت مواقف العديد من الدول والهيئات الدولية والاقليمية رافضة منطق استعمال القوة العسكرية للوصول الى السلطة في نواقشوط. ولم يستطع قائد الانقلابيين الجنرال محمد ولد عبد العزيز أسبوعين بعد إطاحته بالرئيس ولد سيدي الشيخ عبد الله من إنهاء حالة الشغور العام في مؤسسات الدولة الموريتانية وبقي يحكم البلاد منفردا رغم وعوده بإجراء انتخابات عامة ورئاسية في اقرب الآجال. وظهرت متاعب الحكام الجدد في هذا البلد بعد ان تعالت اصوات أعلنت رفضها الصريح للانقلاب وطالبت بعودة الشرعية الى هيئات الحكم في نواقشوط. وتجلى هذا العجز بعد أن تم في العديد من المرات تأجيل عقد جلسة لنواب البرلمان بسبب خلافات حادة مع الرافضين لمنطق القوة العسكرية من نواب البرلمان. ورفض 32 نائبا في الجمعية الوطنية بمن فيهم ورئيسها مسعود ولد بلخير حضور هذه الجلسة بقناعة عدم شرعيتها. واصر النائب سيدى محمود احد اكبر المعارضين للانقلاب العسكري الابيض ضد الرئيس الشخ سيدي عبد الله على التاكيد إن عقد جلسة طارئة للبرلمان " باطل وغير قانونى" بمبرر ان رئيس البرلمان مسعود ولد بلخير لم يدعو إلي عقدها ولأن رئيس الجمهورية الشرعي مازال معتقلا. وكانت عدة أحزاب سياسية في موريتانيا أعلنت رفضها القاطع لكل تغيير في الحكم بالقوة العسكرية منددة في نفس الوقت بالتعتيم الإعلامي الذي فرض عليها ومنعها من إسماع صوتها والتعبير عن موقفه الرافض للإطاحة بأول رئيس موريتاني ينتخب بطريقة ديمقراطية. وتقاطعت المواقف السياسية الرافضة لقرار الاطاحة بنظام الرئيس عبد الله مع قرارات عملية اقدمت على اتخاذها عدة هيئات مالية دولية جمدت من خلالها مساعدات كانت تعتزم توجيهها للحكومة الموريتانية للنهوض باقتصادها المنهار. وجمد البنك العالمي في هذا السياق امس كافة قروض التنمية التي سبق ان صادق على تخصيصها لموريتانيا ردا على الانقلاب العسكري الذي اطاح بالرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله. وقال مسؤول بالبنك الدولي ان لدى البنك نحو 366 مليون دولار كان يعتزم تقديمها للسلطات الموريتانية تضاف الى 37 مليون دولار سبق ان قدمها لها خلال السنوات الثلاثة الاخيرة. وكان رئيس البنك الدولي روبرت زوليك زار موريتانيا في بداية العام الجاري لتعزيز العلاقات مع حكومة ولد الشيخ عبد الله والتأكيد على التزامه بمحاربة الفساد وإصلاح الاقتصاد". وجاء قرار البنك الدولي بعد قرارات مماثلة سبق للولايات المتحدةالامريكية وفرنسا ان اتخذتها احتجاجا على الإطاحة بالرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله . وينتظر في سياق العقاب المالي الدولي على النظام العسكري الحاكم في نواقشوط ان يحذو الاتحاد الأوروبي حذو البنك العالمي بتعليق المساعدات الى موريتانيا وتجميد اتفاق لصيد الأسماك الموقع معها. وذكرت مصادر أوروبية أن حكومات دول الاتحاد الأوروبي ستتخذ قرارا في هذا الشأن شهر سبتمبر القادم. ولم تتضح إلى حد الآن معالم الخطوات التي تعتزم السلطة العسكرية في نواقشوط اتخاذها بخصوص استعادة الثقة الدولية المفقودة.