أكد السيد حمزة بخوش، رئيس جمعية "حماية البيئة" أن استعمال المستهلك للأكياس البلاستيكية تهديد مباشر لتوازن البيئة، مضيفا أن تراجع الإقبال على القفة التقليدية المصنوعة من الدوم والحلفة يعود إلى اعتماد الباعة بالأساس على هذه الأكياس البلاستيكية التي تتطلب أكثر من 3 أو 4 سنوات كي تتحلل في البيئة. تعتبر مسؤولية حماية البيئة مهمة الجميع، هذا ما أوضحه حمزة بخوش، مضيفا أنه من واجب كل فرد تبني ثقافة استهلاكية صديقة للبيئة، وعلى رأسها تفادي استعمال الأكياس البلاستيكية واستبدالها بالقفة أو بالأكياس الكارتونية، لأنها تعد مادة قابلة للرسكلة، كما يمكن استعمالها أكثر من مرة، وهي صديقة للبيئة. وحول هذا الموضوع، كانت ل"المساء" جولة استطلاعية ببعض المحلات المختصة في بيع المصنوعات التقليدية، من بينها القفة التقليدية التي بدت بحجم أصغر من تلك التي وجدناها عند جداتنا، حيث أشار السيد قاوار إلى أن تراجع إقبال الزبائن عليها كان وراء عرض عدد قليل منها. كما أوضح المتحدث أن القفة التقليدية المصنوعة من الدوم أو الحلفة كانت موروثا اجتماعيا بين الأجداد، وكانت المحافظة عليها صورة من صور الأصالة والتمسك بالعادات التي كان عليها الأسلاف، كما كانت تعد صناعتها مصدر رزق للعديد من العائلات، فضلا عن كونها تمثل بعدا فنيا تزخر به الجزائر. اختفاء بعض الملامح التقليدية واندثار بعض العادات والتقاليد يعود إلى التطور الذي تشهده شتى المجالات، لاسيما ميدان الصناعة، إلا أن سكان القرى والمداشر لا يزالون يتشبثون بأبسط العادات. هذا ما أوضحه الحاج منصور بائع وحرفي في مجال القفة التقليدية، من ولاية بومرداس، يمارس نشاطه بالقصبة العتيقة، حيث أشار إلى تبنيه لحرفة ثانية وهي النقش على الخشب، هذه الأخيرة باتت تغطي نسبيا العجز الذي سجله من خلال إنتاجه وبيعه لقفة الدوم. إن زحف البلاستيك إلى محلاتنا وبيوتنا زحزح القفة التي لا تستعمل في بعض البيوت، لكنها تعتبر أساسية ولا يمكن الاستغناء عنها في أخرى، هذا ما تأكدنا منه خلال حديثنا للحاجة عائشة بسوق باب عزون، حيث قالت: "قفتي جديدة اقتنيتها من إحدى المعارض التقليدية التي نظمت في ساحة البريد المركزي، خلال فصل الصيف، ورغم ذلك لا تزال الأكياس البلاستيكية تدخل بيتي لأن التاجر يستعملها في لف بضاعته، وشخصيا أستعملها في جمع القمامة. أما سميرة فلا ترى داعيا لاقتناء هذه القفة ما دام التاجر يوفر الأكياس العملية التي يسهل حملها، لخفتها، إلا أنها لا تنكر الخاصيات الإيجابية للقفة، حيث أضافت قائلة: "أؤيد النساء أو الرجال الذين يستعملون هذه القفة، فهي جميلة وتعكس لمسة تقليدية أو بصمة جزائرية قديمة، كما أنها رمز الخير والبركة، فكثيرا ما كانت العائلات تستعملها لزيارة مريض أو قريب أو حتى سجين للاطمئنان عليه، كما أن بعض الدول الأوروبية، عمدت مؤخرا، إلى صنع هذا النوع من القفف بألوان عصرية، وتصاميم جديدة، بعضها في شكل حقائب يد، وتستعمل خصوصا عند النزول إلى الشواطئ، أو للتنزه، حيث يحمل فيها الغذاء لتناوله في الهواء الطلق". وتبقى أكياس البلاستيك، رغم ميزتها الحضارية تلوث البيئة، فنحن نواجه يوميا مئات الأكياس العالقة على الأشجار أو المرمية في الشوارع. وأصر الدكتور زبدي رئيس جمعية "حماية المستهلك" على ضرورة العودة إلى الأصل، حيث قال بأن الجمعية تحاول جاهدة إعادة بعث القفة، وهو مشروع قيد الإنجاز ثمنته وزارتا الصناعة والصناعة التقليدية. وهذه المبادرة التي ستقوم بها الجمعية مستقبلا ما هي إلا تحسيس للمستهلك بأهمية تبني ثقافة استهلاكية رشيدة، ومحاولة الابتعاد قدر الإمكان عن الأكياس البلاستيكية، لأنها أولا تحتوي على مواد كيماوية خطيرة على صحة الإنسان، كما أنها تلوث البيئة وتشوه المحيط.