دعت جمعية ”حماية المستهلك” لولاية الجزائر كل الفاعلين من وزارات التجارة والبيئة والسياحة والصناعات التقليدية وكذا رجال الأعمال والمتعاملين الاقتصاديين، إلى دعم مشروع توزيع القفف والسلال المصنوعة يدويا والأكياس الورقية بغرض القضاء على الأكياس البلاستيكية التي تبين خطرها الكبير على الصحة والبيئة. وكشف الدكتور مصطفى زبدي رئيس الجمعية في حديث مع ”المساء”، عن مساعي الجمعية من أجل تنظيم أيام تحسيسية خلال السنة الجارية، هدفها التأسيس لثقافة استهلاكية رشيدة في المجتمع. يستعمل الجزائريون سنويا ما يزيد عن مليار كيس بلاستيكي لقضاء مختلف حاجياتهم، رغم التحذيرات الكثيرة والمستمرة، خاصة من طرف جمعيات ”حماية المستهلك” المنذرة بخطر هذه الأكياس على الصحة والبيئة على السواء. فكشفت جولة استطلاعية ل«المساء” ببعض المحلات التجارية والأسواق الشعبية ببلدية الجزائر الوسطى، عن مدى استفحال استعمال الكيس البلاستيكي لقضاء أدنى المتطلبات، فقد غاب عن الثقافة اليومية لمعظم الجزائريين استعمال القفة التقليدية المصنوعة يدويا من الحلفاء، وحتى الأكياس القِماشية أوحتى ما يعرف محليا ب«الفيلي” وهو نوع من الأكياس المتينة التي يدوم استعمالها طويلا. كما كشفت الجولة أيضا عن غلاء أسعار الأكياس البلاستيكية على مستوى المساحات التجارية الكبرى التي تعرض أنواعا عديدة منها على شكل لفائف متعددة الأحجام تحوي حوالي 50 كيسا يصل سعر أدناها إلى 60 دينارا، بينما لا يتعدى سعرها الأقصى 250 دينار بالنسبة للأكياس من الحجم الكبير التي تستعمل عادة للنفايات المنزلية. إلى جانب أشكال لا تحصى من أنواع الأكياس البلاستيكية الموجهة للاستعمال المنزلي، خاصة فيما يتعلق بتجميد المواد الغذائية وغيرها، مما يوحي بأن هذا الكيس أصبح استعماله مستفحلا لدرجة أنه أصبح يعطى مجانا عند شراء أي غرض كيفما كانت طبيعته.
1000 مليار كيس بلاستيكي مستهلك سنويا في العالم ورغم التحذيرات المتكررة حول استعمال الكيس البلاستيكي لأسباب تتعلق بالصحة في المقام الأول، إلا أن استخدامها مايزال مستفحلا، حيث تشير بعض الدراسات التي أجريت حول استهلاك الأكياس البلاستيكية إلى وجود بين مليار إلى ألف مليار كيس بلاستيكي مستهلك حول العالم في كل سنة. وأن نسبة 1% فقط من أكياس النايلون تعاد رسكلتها، لأن تكلفتها أعلى بكثير من تكلفة تصنيع كيس جديد كليا، فتكلفة إعادة رسكلة طن واحد من الأكياس البلاستيكية قد يكلف حوالي 4000 دولار، يمكن أن تباع ب 32 دولارا فقط. إضافة إلى ذلك، أكدت دراسات أخرى أن الكيس البلاستيكي صعب التحلل مع مرور الزمن، وأن اللجوء إلى حرق نفايات البلاستيك يتسبب في انبعاث غازات سامة جدا. كما أن إعادة رسكلتها في أحسن الأحوال يستوجب تذويبها، وهذا ما يتسبب أيضا في انبعاث الغازات السامة من المعامل المصنعة لها، وهو ما يضر بالبيئة، بالتالي الإنسان والحيوان. وفي هذا السياق، تحدثت ”المساء” إلى الدكتور مصطفى زبدي رئيس جمعية ”حماية المستهلك” لولاية الجزائر، الذي كشف عن مشروع تبنته ”فيدرالية حماية المستهلك” ودعت إليه بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمستهلك في 15 مارس 2013، ”لكن للأسف المشروع لم يأت بثماره المرجوة لأسباب عديدة” يقول زبدي، ”لعل أهمها غياب مصادر التمويل، فالمشروع يهدف إلى الاستعاضة عن استعمال الأكياس البلاستيكية بالقفف المصنوعة من الحلفاء، لكن التكلفة الكبيرة للمشروع وغياب الدعم أسباب حالت دون نجاحه”. ويرى الدكتور زبدي بأن فشل هذا المشروع جعل ”فيدرالية حماية المستهلك” تغير من سياستها في التعامل مع هذا الملف، بالعمل المكثف على تغيير السلوك الاستهلاكي للمواطن الجزائري، ودعا في هذا الصدد إلى اتباع مراحل متتالية للحد من استخدام الأكياس البلاستيكية، تتضمن برامج تثقيف وتوعية شاملة بأضرارها لتقليل الضرر بالبيئة، والتوجه في المقابل إلى استخدام الأكياس الورقية أوالقماشية كحل للحد من استخدام الكيس البلاستيكي وحماية البيئة من الأضرار المحتملة من أكياس البلاستيك، وحتى حماية الصحة العمومية. كما وجه المتحدث دعوة إلى وزارات البيئة والتجارة والسياحة والصناعات التقليدية وحتى رجال الأعمال والمتعاملين الاقتصاديين، لتبني مشروع تعويض الكيس البلاستيكي بالقفة ودعمه ليلقى النجاح المرجو، وهو الهدف الذي يلخصه الدكتور زبدي في حماية البيئة والصحة من جهة وتثمين الصناعات التقليدية والإبقاء عليها من ناحية أخرى. وكان ل”المساء” أيضا حديث مع رضا يايسي، ممثل ”اتحاد التجار” ورئيس ”فيدرالية الحرفيين والصناعات التقليدية” الذي قال بأن الفيدرالية تقوم في إطار المعارض المقامة بين الفينة والأخرى، بعمليات تحسيس حول السلالة اليدوية بهدف تغيير سلوك المستهلك نحو استعمال السلة أو القفة المصنوعة يدويا، وهي طريقة مثالية للحفاظ على الصناعة التقليدية. من جهته، كشف لنا الحرفي في صناعة السلال والقفف، السيد حميد لعجالي، عن أن ثمن القفة الواحدة المصنوعة من الحلفاء يتراوح بين 500 و1000 دينار، وهي أسعار وصفها بالمعقولة بالنظر إلى دوام استعمالها طويلا بسبب متانتها، إضافة إلى أنها تقليد متوارث عن الأجداد في مسألة ابتياع الحاجيات المنزلية، بما يحفظ المواد الغذائية من أي خطر صحي أو ملوثات جراء استعمال الأكياس البلاستيكية. جدير بالإشارة إلى أن المفوضية الأوروبية تقدمت باقتراح قانون صادق عليه البرلمان الأوروبي خلال جولة التصويت الأولى، يتوجب على مواطني الاتحاد الأوروبي العمل بكل جدية لتخفيض استهلاك أكياس البلاستيك إلى غاية عام 2019، بعد ملاحظة التزايد الكبير لقمامة البلاستيك وخطرها الكبير على البيئة. وحسب بيانات البرلمان الأوروبي، فإنه يتم سنويا استخدام نحو 100 مليار كيس بلاستيكي في أوروبا، حيث يتم التخلص مما يعادل 8 مليارات منها في بحار العالم، رغم النتائج الكارثية التي يؤدي إليها هذا الأمر، خاصة على الثروة السمكية التي تشهد تدنيا رهيبا بسبب الظاهرة.