تحولت الأكياس البلاستيكية إلى خطر يهدد الصحة العمومية ويشوه البيئة ، وهذا بعد أن تخلى الجزائريون عن القفة التقليدية المصنوعة من الدوم والحلفاء والمنتشرة صناعتها في كل ولايات الوطن حيث تتميز صناعتها في ولايات الجنوب بأوراق النخيل أما في الشرق فهي أكثر لينا تصنع من الحلفاء والدوم بأشكال هندسية متميزة وأحجام مختلفة ، كما أنها لا تضر بالصحة. أعلنت الفيدرالية الوطنية للمستهلكين خلال الأيام الفارطة عن شروعها في تجسيد مشروع صناعة مليون قفة مصنوعة من الحلفاء ستوزع مجانا على المستهلكين وأن هذا المشروع الكبير سيتوزع على مدى خمس سنوات، فيما ستوزع مليون قفة أخرى مصنوعة من القماش خاصة بالخبز، تتشارك في العملية جهود عدة وزارات منها البيئة والسياحة والصحة والصناعات التقليدية وستمول من قبل صندوق مكافحة التلوث. قفة الحلفاء متوفرة في الأسواق لكن بأي ثمن؟ رغم تراجع صناعتها، إلا أن قفة الحلفاء أو الدوم وأوراق النخيل متوفرة في الكثير من أسواقنا وبنوعيات وأحجام مختلفة وأسعار مختلفة أيضا، تتراوح غابا ما بين 250دج إلى 450دج حسب الحجم، لكنها أسعار جد معقولة بالنظر إلى قيمة القفة التقليدية وصنعها اليدوي وبالنظر أيضا إلى أنها لا تبلى وتصمد لسنوات دون أن يطرأ عليها أي تغيير يذكر وبالإمكان غسلها وتجديدها دون أن تتعرض للتلف. أما القفف الجديدة الأخرى التي تعرض بالأسواق والمصنوعة من البلاستيك أيضا فيتجاوز سعر بعضها ال450دج بكثير ويصل إلى أكثر من 1000دج ورغم ذلك فهي لا تدوم وسرعان ما تتحلل وتتمزق ويتغير لونها مما يؤكد أن مادة البلاستيك تتحلل مع الوقت وبالاحتكاك. لكن تجد المواطنين للأسف يختارون البلاستيك بحجة أن موديلات هذه القفف عصرية ومنمقة، بينما يخجل كثيرون من حمل قفة الدوم بحجة أنها ليست عصرية . وللأسف أن مثل هذه العقلية البالية نجدها في الأرياف وولايات الداخل بصفة خاصة، أما في العاصمة وعلى غير المتوقع مازالت القفة التقليدية تحتفظ بمكانتها لدى العائلات الميسورة والمتعلمة لأنها تتحلى بالوعي الكافي الذي يجعلها تختار الأجود للصحة وللبيئة وترمي القشور الزائفة التي لم تجلب لنا سوى التلوث والأمراض المستعصية والمزمنة. ولكن، إذا كانت الأكياس البلاستيكية السوداء خطر كبير يصعب تحليله ويؤثر على البيئة والأشخاص و العالم يستهلك سنويا 500مليار كيس بلاستيك أي أنه يتم استهلاك مليون كيس في الدقيقة الواحدة فلماذا لا يتم العودة إلى الأكياس الورقية وحقائب التسوق المصنوعة من القماش والحلفاء والدوم مثلا مع منع استخدام أكياس النايلون السوداء لأنها ضارة بالمواطن والبيئة؟ . التجار يؤكدون عودة الوعي اقتربنا من بعض بائعي صناعات الحلفاء وعلى رأسها القفة بساحة الشهداء والقصية القديمة، لنخرج بإجماع من هؤلاء ببداية عودة الوعي التدريجي للمستهلك الجزائري، فالقفة التي كان لا يقبل عليها سوى المسنين من العاصميين، هاهي اليوم تستهوي ربات البيوت الشابات والمتعلمات قال توفيق أحد التجار. وأضاف:" أكثر الفصول التي أبيع فيها القفف هو الصيف وذلك لكثرة إقبال المهاجرين عليها، يعودون في كل موسم لتجديدها ويقبلون على شراءها بشغف وحب وتلمح أنهم يقدرونها عكس أغلب المواطنين عندنا. وأضاف:" أغلب الزبائن يختارون من حيث الشكل القفة العادية وبعضهم يفضلها مزركشة بالأحمر والأصفر ويتم ذلك بصباغة الدوم بمواد كيماوية. وأكد توفيق أن هذه التجارة ورثها عن والده الذي هو أصلا من ولاية البويرة حيث تزدهر الصناعات التقليدية بالحلفاء والدوم وشرح لنا كيفية صنعها حيث تمر بمراحل المرحلة الأولى هي التزود بالمواد الأولية من نقاط البيع المحلية والأسواق الأسبوعية والمتمثلة في الحلفاء والدوم المتوفرة في بلادنا بكثرة، والمرحلة الثانية مرحلة الإنتاج وتتمثل في إعداد الألياف ودلك بإزالة بعض الشوائب منها ووضعها في الماء لكي تصبح رطبة وقابلة للانثناء،ويتم صباغة جزء منها ببعض الألوان كالأحمر والأزرق لتعطي للقفة رونقا وجمالا، وبعد دلك تصنع منها سلاسل عرضها 5 سم ومكونة من 9 إلى 10 ألياف متشابكة، وكدا فتل الشريط الذي يساعد على تجميع هده السلاسل لتأتي بعد دلك مرحلة التجميع وهي المرحلة التي تخاط فيها القفة بالمخراز أو الطراح كما يطلق عليه في بعض المراحل ليتم إعطاء القفة الشكل المطلوب، وتأتي بعد دلك مرحلة التشذيب وتقتضي إزالة الألياف الزائدة، وتنقية المنتج لإعطائه الشكل النهائي. الجزائريون يستعملون الأكياس السوداء رغم خطرها المضاعف رغم حملات التوعية التي ظلت تطلقها وزارتي الصحة والبيئة من فترة لأخرى، والتي أكدت فيها للمواطنين أن أكياس النايلون السوداء يمكن أن تصلح للقمامة على ألا تتعداها للمواد الغذائية لكن ما يحدث هو العكس لنجد هذه الأكياس في المحلات والأسواق لتعتمد وبشكل أساسي في نقل المواد الغذائية فقد ثبت علميا أن أكياس النايلون السوداء لا تصلح لتعبئة وتغليف المواد الغذائية , فالمواد الداخلة في صناعتها هي في الأصل مواد بترولية يتم استعمالها بعد إعادة تدويرها مما يؤثر على المواد الغذائية ،بالإضافة إلى أنها مصنوعة من البلاستيك يضاف إليها أصباغ لمنحها اللون الأسود فتتسرب الملونات إلى السلع الغذائية وتذوب فيها مسببة مشكلات صحية عويصة للإنسان قد تصل إلى السرطان. ورغم كل ذلك يصر أغلب الجزائريون على استعمال الأكياس السوداء دون غيرها من الأكياس البلاستيكية الأخرى بحجة أنها تستر ما بداخلها، وأغلبهم يتذكرون يوما خطر هذه الأكياس ثم ينسونه لأيام. ويصر أغلب سكان الأحياء الشعبية بصفة خاصة على استخدام الكيس الأسود دون غيره حتى لا يطلع جيرانهم على ما بداخل الأكياس، فيما لا يفكر أغلبهم أيضا في استخدام القفة التقليدية رغم صلابتها وسعتها وأريحية حملها مهما حملت من السلع. يقول سيد احمد :" كلنا سمعنا عن خطر الأكياس البلاستيكية السوداء لكننا لا نتعامل مع الأمر بجدية، وأنا مثلا أصر على عدم شراء اللحوم بنوعيها فيها وأصر على وضعها أولا في أكياس ورقية. وتؤكد منيرة :" البلاستيك غزا حياتنا ولم يعد بإمكاننا أن نفلت منه لأننا حتى ولو حملنا قفة الحلفاء يصر التجار على أن يسلموننا السلع في أكياس بلاستيكية تحتك بها مختلف المواد الاستهلاكية وهي في القفة، خاصة لو تبضعنا من الأسواق الفوضوية أو الشاحنات المتنقلة بين الأحياء التي يستعمل أصحابها أكياسا سوداء من أردأ النوعيات، تصوروا أنهم حتى السردين والسمك يبيعونه لنا في هذه الأكياس الرديئة. وفي الأخير، أوضحت دراسة أن تعبئة المواد الغذائية وهي ساخنة في أكياس بلاستيكية خفيفة الكثافة لدقائق يؤدي إلى انتقال العديد من المركبات الكيمائية العضوية المعروفة بتأثيراتها السامة من جدران الأكياس إلى داخل الأطعمة الساخنة، وكذلك بالنسبة أيضا لوضع المشروبات الساخنة في كؤوس بلاستيكية . ويؤكد الأخصائيون على عدم استخدام أكياس النايلون البلاستيكية أيضا لحفظ اللحوم لأنها تسبب الإصابة بالسرطان لأن اللحوم تحتوي على مواد ذهنية وبالتالي تتفاعل مع أكياس النايلون مسببة عدة أمراض.