مع اقتراب نهاية العطلة الصيفية والدخول الاجتماعي الجديد، تشهد المحلات العاصمية إقبالا متزايدا للمغتربين، الذين أصبحت الأسعار المنخفضة المطبقة في الجزائر والسلع المتنوعة المعروضة. تغريهم وتسمح لهم بملء حقائبهم بما يحتاجونه قبل العودة إلى المهجر حيث ليست الأسعار في متناولهم. يبدو أن سياسة اقتصاد السوق قد أخلطت كل الأوراق في الجزائر، التي شهدت فيها الحركة التجارية خلال السنوات الأخيرة تغيرا جذريا بعد انغلاق دام سنوات على الأسواق الخارجية، سمحت بدخول سلع من مختلف بقاع العالم.. فقد أصبحت سوقنا الوطنية قبلة لمختلف العلامات بما فيها الجيدة والرديئة وحتى المقلدة منها، مما ساعد في ظهور أسعار منخفضة أصبحت تغري المستهلكين المحليين، وأيضا القادمين من الخارج، المتمثلين بالدرجة الأولى في المهاجرين، الذين يتوافدون على الوطن خلال كل عطلة صيفية لقضاء العطلة بين الأهل، ويغتنمون الفرصة لاقتناء ما يحتاجونه عند عودتهم إلى المهجر... والطريف في الأمر، هو التحول الجذري للمعاملة، فبعد أن كان الجزائريون يقطعون البحار لاقتناء مختلف المنتوجات من ملابس وأدوات كهرومنزلية وغيرها من السلع التي كانت تجلب بدرجة أولى من البلدان الأوروبية، ها هي الأمور تنقلب لتصبح الجزائر وجهة للعديد من المهاجرين الذين أصبحوا يخصصون سنويا ما اقتصدوه لاقتناء حاجياتهم. وتسجل محلات العاصمة هذه الأيام إقبالا متزايدا للجزائريين المقيمين بالخارج وحتى السياح الأجانب الذين فوجئوا بالأسعار المعروضة. ولا يقتصر هذا الإقبال على بعض المنتوجات فقط، حيث أكدت إحدى المهاجرات التي قدمت من فرنسا، أنها اقتنت في العام الماضي كل ما تحتاجه تقريبا من الجزائر بما فيها الألبسة لأطفالها والأدوات المدرسية والأقمشة والحلي وحتى المواد الغذائية. وكشفت المتحدثة أنها على مدى السنوات الثلاث الأخيرة، اعتمدت برنامجا خاصا بالعطلة الصيفية التي تفضل قضاءها هي وجميع أفراد أسرتها في الوطن الأم، فبعد ساعات البحر وفي انتظار السهرات الليلية المقامة هنا وهناك، والمهرجانات التي اعتادت الجزائر تنظيمها خلال كل صيف، تتوجه إلى المحلات سواء الكبيرة أو الصغيرة وبعض المعارض المقامة ببعض شوارع وساحات العاصمة أو حتى الأسواق الشعبية... ولا تهم نوعية المنتوجات التي يتم اقتناؤها بالنسبة لهؤلاء المهاجرين، بقدر ما تهم الأسعار المعروضة التي تبقى أقل من الأسعار المسجلة في البلدان التي يقيمون بها بأكثر من ثلاثة أضعاف.. فهي تسمح لهؤلاء بملء حقائبهم قبل العودة والتخلص من عناء التحضير للدخول الاجتماعي الذي يكلفهم أموالا إضافية في بلد المهجر. ولأن نهاية الموسم تتزامن هذا العام مع حلول شهر رمضان الكريم، فإنها فرصة أخرى لهؤلاء المهاجرين لضمان تحضير "شربتهم" بلوازم يشترونها من الجزائر كالتوابل والفريك و الدويدة (الفرميسال) المصنوعة باليد والنعناع المجفف وغيرها من المواد التي تجلب لهم نكهاتها "ريحة البلاد"، وهم حول طاولة الإفطار بعيدا عن الوطن.