تأسّفت الأستاذة حليمة خوجة، رئيسة جمعية المتخصّصين في المكتبات والأرشيف والمعلومات بقسنطينة، عن وضعية المطالعة في الجزائر بصفة خاصة وفي العالم العربي بشكل عام، حيث أبدت تعجبها من الواقع المعيش؛ كون أمة اقرأ لا تقرأ، وقالت خلال فعاليات اليوم الدراسي تحت عنوان ”المكتبات العامة وأخواتها... المكتبات المتنقلة ومكتبات الأحياء” المنظم بمناسبة اليوم العالمي للكتاب، إنّ هذا الأمر لا يمنع من وجود طبقة مثقفة لاتزال تحافظ على ثقافة المطالعة، مضيفة أنّ جمعيتها منذ 21 سنة من النشاط، تسعى بكلّ الوسائل، لإحياء هذه الثقافة في المجتمع القسنطيني. وعن أهداف هذا الملتقى الذي جاء موضوعه بتوصية من اليونسكو والأيسسكو، أكّدت الأساتذة حليمة خوجة، أنّ المكتبة العامة جامعة مفتوحة لكلّ الشرائح، وهي تلعب دورها التثقيفي بكلّ اللغات وتتناول كلّ الثقافات، وعليه وجب تسليط الضوء على دور المكتبة المتنقلة التي تستطيع الوصول إلى الأماكن النائية، كما أنّ دور مكتبات الأحياء في تجسيد الفلسفة الجوارية وتوفير الكتاب لكلّ منطقة جوارية، هو دور مهم ويجب أيضا الاهتمام به. أهداف الجمعية لخّصتها الآنسة ليلى في تثمين دور المكتبات العامة وتطوير خدماتها الثقافية والتربوية، العلمية والاجتماعية على مستوى كلّ البلديات، والمساهمة في إنشاء وتعميم مكتبات الأطفال بجميع المكتبات العامة، وكذا إنشاء وتطوير مكتبات الأحياء وتأطير وترسيخ العمل الجواري. من جهته، أثنى الدكتور عبد العزيز فيلالي من جامعية ”الأمير عبد القادر” للعلوم الإسلامية الذي افتتح اليوم الدراسي، على هذه المبادرة؛ لأنّها تسلّط الضوء على أهمية الكتاب في الحياة الثقافية، الاجتماعية وحتى الاقتصادية، معتبرا أنّ الحرف ارتبط بالإنسان منذ العصور الأولى، حيث كان يكتب على الصخر والحجر وفي الكهوف وعلى الرقيم. وأوضح أنّ ظاهرة العزوف عن المطالعة في القرن ال21، أضحت مشكلا عالميا ولا يقتصر على العالم الثالث أو العربي فقط، مضيفا أنّ انتشار الأجهزة الإلكترونية الحديثة التي توفّر الوسائط المتعدّدة؛ من سماع موسيقى ومشاهدة أفلام وممارسة ألعاب إلكترونية، ساهم بشكل كبير في تراجع المطالعة، حيث قدّم مثلا حيا عن بعض الدول الأوروبية التي زارها مؤخّرا، والتي لاحظ فيها تراجعا كبيرا للمطالعة، خاصة في وسائل النقل العمومية، مثل الحافلات والميترو، والتي كانت عادة حسنة على حساب أجهزة التسلية الإلكترونية. أمّا الأستاذة بوشاقور، رئيسة اللجنة العلمية للملتقى، فقد أثارت خلال المداخلة التي قدّمتها والموسومة ب ”خدمات المكتبة العامة تجاه النشء، تنشيط القراءة”، موضوع إثارة الوعي لدى المكتبيين للاهتمام بالنشء، معتبرة أنّ المكتبات اليوم أصبحت خاوية على عروشها بعيدا عن الحضور القوي للأطفال عماد المستقبل، وشبّهتها بالصحراء، مضيفة أنّ المكتبات مهد الحضارات، وعليه يتوجّب جعلها البيت الثاني بعد المنزل والمدرسة. ودعت المتدخّلة إلى ضرورة لفت انتباه المكتبيين للاهتمام بالنشء، خاصة في ظلّ الإدمان الخطير على الوسائل التكنولوجية المحمولة، بعدما غابت المطالعة عن سلوكيات الطفل، مؤكّدة على ضرورة مدّ جسر بين المدرسة والمكتبات العامة، التي من المفروض أن تقوم بإحياء المدينة والحي مع ردم الفجوة التي ترهب الطفل من دخول المكتبات؛ من خلال خلق أجواء حميمية وديناميكية، وهو ما وصفته الأستاذة المحاضرة بالتنشيط الجيد الذي يعتمد على تبادل الأفكار وفتح المجال للطفل، للتعبير عن مكنوناته من خلال ورشات الكتابة والقراءة، بدون إغفال فكرة إخراج المكتبة إلى الشارع. أمّا السيدة درواز وافية، نائب رئيس الجمعية ومديرة المكتبة الرئيسة لولاية قسنطينة، فقد أثنت على المجهودات التي تبذلها الدولة بشكل عام ووزارة الثقافة بشكل خاص، مؤكّدة في المداخلة التي قدّمتها تحت عنوان ”المكتبة العمومية والمتنقلة في ظلّ القوانين الجديدة في مطلع الألفية”، أنّ القوانين الجديدة التي جاءت، ستسمح بتسيير أحسن لهذه المرافق العمومية. وعرّجت على كرونولوجيا تطوّر المكتبات الجزائرية منذ 1962، معتبرة أنّ انتعاش هذه المرافق بدأ منذ سنة 2000، حيث استفادت هذه المكتبات من إمكانيات كبيرة وتقسيمات إدارية، مكّنتها من الاستقلالية في التسيير المالي والإداري، خاصة مع قانوني 2007 و2012، لتضيف أن الدولة أنجزت 450 مكتبة في ظرف الأربعة عشرة سنة الفارطة.