سيتم قبل نهاية السنة الجارية الشروع رسميا في تطبيق المرسوم التنفيذي الخاص بإدارة المكتبات العمومية، وفي هذا السياق سيتم إنجاز 450 مكتبة عمومية في كامل التراب الوطني في آجال لا تتعدى سنة ,2014 بحيث تعمل على تسييرها وزارة الثقافة بغلاف مالي يصل إلى 30 بالمائة من ميزانيتها للمخطط الخماسي والتي تقدر ب118مليار دينار. وفي هذا السياق، نظمّت وزارة الثقافة نهاية الأسبوع الماضي بفندق ''السفير مزفران''، يوما دراسيا حول ''تسيير المكتبات العمومية وبناء وتنمية المجموعات المكتبية''، حضره مديرو الثقافة وإطارات في وزارة الثقافة، وقدّمت بالمناسبة وزيرة الثقافة، السيّدة خليدة تومي، مداخلة مطوّلة ذكّرت فيها بأهمية الكتاب في حياة الفرد، كما طرحت من خلالها العديد من التساؤلات حول الموضوع من بينها ''كيف نهيئ المكتبة ليتبوأ فيها الكتاب المكانة التي تليق به؟''، ''كيف نختار للمكتبة الكتاب الأحسن والأنفع لتقدّمه بدورها للقارئ في أحسن حال؟''، و''ما هي أحسن الطرق التي نبني ونؤسّس وننمّي بها المجموعات المكتبية داخل المكتبة''، وأيضا ''كيف يمكن أن نجعل من المكتبة الفضاء الرائد الذي يؤدي الدور التثقيفي والتوعوي والتعليمي والإعلامي داخل المجتمع؟''. واعتبرت الوزيرة أنّ القراءة العمومية مهمة جدا من خلال مساهمتها في بناء الشخصية العلمية المتوازنة داخل المجتمع وفي صنع المواطن المتشبّع بالثقافة الوطنية. مضيفة أنّ دور المكتبة لا ينحصر في توفير الكتاب فحسب، بل يتعداه إلى تثقيف المجتمع. وأوضحت أنّه بعد الفراغ المهول في مجال المكتبات الذي ساد قبل سنوات ,2000 وعرف القطاع انتعاشا ملحوظا مع انطلاق تجسيد مشروع رئيس الجمهورية ''مكتبة على الأقل في كلّ بلدية''. الذي بادرت بتجسيده وزارة الثقافة بالتعاون مع وزارة الداخلية والجماعات المحلية، وهذا بداية من سنة ,2005 حيث تمّ بناء المئات من المكتبات على مستوى البلديات والدوائر والولايات، حسب دفتر شروط أعدّته وزارة الثقافة ويطابق المعايير الدولية المصادق عليها من قبل منظمة اليونسكو. وأعطت الوزيرة مثالا عن ذلك فقالت أنّ ولاية المدية لم تكن فيها أيّة مكتبة قبل ,2002 وهي اليوم تضم أكثر من 70 مكتبة في 64 بلدية. مستطردة أنّه تمّ إصدار القانون الأساسي للمكتبات العمومية في سنة ,2007 وبالتالي صدر المرسوم التنفيذي الذي يسمح بإدارة هذه المكتبات العمومية من طرف الدولة وفق طرق التسيير الحديثة والمعروفة، خاصة من حيث التأطير البشري والميزانية السنوية التي سوف تمنح للمكتبات العمومية التابعة لوزارة الثقافة. وتناولت الوزيرة الأسباب التي تدعو المكتبات إلى القيام بعملية اختيار المقتنيات أو المجموعات داخل المكتبات وهي تشجيع الصناعة الوطنية في مجال الكتاب، ضخامة الإنتاج الفكري على جميع المستويات المحلية والوطنية والعالمية، مما يؤدّي إلى صعوبة الحصول على كل ما ينشر، تحقيق مبدأ إيصال الكتاب المناسب للقارئ المناسب في الوقت المناسب، ظهور كتب خطيرة المحتوى، وكذا كتب رديئة النوعية، مما يتحتّم الاختيار المناسب للكتب الجيّدة شكلا ومضمونا وتحديد ميزانية المكتبة بمقدار معيّن من المال يصعب تجاوزه، وبالتالي استحالة شراء ما كل ما تحتاج إليه. لتختم مداخلتها بالتأكيد على ضرورة تحديد سياسة اقتناء الكتب للمكتبات العمومية. بدوره، كشف رشيد حاج ناصر مدير الكتاب والمطالعة العمومية بوزارة الثقافة عن مشروع إنجاز 450 مكتبة للمطالعة العمومية على مستوى كامل التراب الوطني من الآن وإلى غاية ,2014 بحيث سيتمّ انجاز مكتبات رئيسية على مستوى الولاية ومكتبات محلية في الدوائر والبلديات. مضيفا أنّ المكتبات العمومية التي أنجزت لحدّ الآن لم تنطلق في العمل بشكل رسمي وأنّ ذلك سيتم قبل نهاية السنة. أما مدير الدراسات والتوثيق والإعلام الآلي بوزارة الثقافة، السيد عبد الحليم سراي، فقال أنّ 30 بالمائة من ميزانية وزارة الثقافة في الخماسي والتي تقدر ب118مليار دينار خصّصت للقراءة العمومية، مما يدلّ على أهمية المكتبات العمومية في سياسة الدولة. وتحدّثت الوزيرة في لقائها مع الصحافة على هامش اليوم الدراسي للمكتبات العمومية، عن تلقيها طلبات تعّدت المائة من طرف البلديات، تطلب فيها تحويل مكتبات البلديات إلى مكتبات عمومية تابعة لوزارة الثقافة. مضيفة أنّها لا تريد السطو على ممتلكات الغير، لهذا فعلى كلّ بلدية تريد أن تتخلى عن مكتبتها لصالح الوزارة أن تصرّح بذلك بطريقة رسمية أي عن طريق وثيقة تثبت ذلك. كما كشفت الوزيرة، عن تجهيز بنك معلومات حول الناشرين الجزائريين تسلّمه في سبتمبر المقبل للمكلّفين بالمكتبات العمومية في كلّ البلد، كما طالبت مديري مديريات الثقافة الذين انطلقوا في شراء الكتب أن يتوقّفوا عن هذه العملية وأن يرسلوا بقائمة مقتنياتهم إلى وزارة الثقافة التي يمكن لها أن تتدخّل وتمنع شراء كتاب تجده غير مناسب للقارئ الجزائري، أمّا التي لم تشتر فيجب عليها أن تنتظر حتى ترسل إليها قائمة الناشرين الجزائريين، في حين يجب أن تكون نسبة النشر الوطني في مقتنيات المكتبات العمومية ب30بالمائة وهذا حسب معايير اليونسكو. بالمقابل، قالت وزيرة الثقافة أنّ 22 ولاية أصبحت لها مكتباتها المتنقلة الخاصة بها، وسيتمّ تقديم مكتبات متنقّلة إلى الولايات الأخرى في غضون الأسبوعين القادمين، كما تمّ تأسيس مهرجان ''القراءة في احتفال'' في ست ولايات في انتظار تعميمه بباقي ولايات الوطن سنة ,2011 وأكّدت أنّه لأوّل مرّة منذ استقلال الجزائر أصبحت لدينا سياسة وطنية تخصّ المكتبات العمومية، من خلال برنامج ''مكتبة على الأقل في كل بلدية'' وبالتالي ستكون لدينا على الأقل 1541مكتبة على حسب عدد البلديات، علاوة على تجهيز كلّ ولاية بمكتبات متنقلة. وأضافت انّه سيتمّ بناء 450 مكتبة من طرف وزارة الثقافة والبقية تبنيها البلديات ووزارة الداخلية. بالمقابل، تمّ في هذا اليوم الدراسي تقديم ثلاث مداخلات حول الموضوع، حيث قدّمت فتيحة تجيني محافظة المكتبات والوثائق والمخطوطات بالمكتبة الوطنية، مداخلة بعنوان ''تنمية المجموعات وإدامتها''، فأشارت إلى أنّ من مهام المكتبي تزويد المكتبات بالكتب المنتقاة، علاوة على التعرّف على مجتمع المستفيدين، وكذا القيام بعمليات الجرد والتقييم المستمر وغيرها. مضيفة أنّ المجموعات المكتبية تعني كلّ المواد المكتبية المطبوعة وغير المطبوعة. أمّا عن عملية إدامة المجموعات فيعنى بها مجموع العمليات التقنية والفنية التي تطبّق على كلّ مصدر معلومات قبل أن تذهب إلى القارئ. مضيفة انّه من الضروري أن تتوفّر المكتبة على عامة الكتب الورقية وغير الورقية بموضوعات مختلفة وبأسلوب بسيط، علاوة على اعتمادها على مصادر حديثة للمعلومات.وتحدّثت تجيني عن أهمية تسجيل الوثائق أيا كانت، وكذا حفظ وتنظيم المجموعات المكتبية، بالإضافة إلى جردها ليتم تبيين الكتب الموجودة عن المفقودة، لتأتي عملية التعشيب والاستبعاد ويقصد بها مراجعة المجموعات المكتبية للتأكّد من أنّها في حال مادية جيدة واستبعاد المكرّرات والقديمة منها.من جهتها، تطرّقت حياة قوني محافظة المكتبات ورئيسة مصلحة الإيداع القانوني، إلى الإجراءات الفنية في المكتبات من خلال عمليتيّ الفهرسة والتصنيف، فقالت أنّ معالجة المعلومات وتخزينها تتمّ عبر مرحلتين هما الفهرسة والتصنيف، وتنقسم الفهرسة - حسب المتحدثة - إلى فهرسة وصفية وفهرسة موضوعية، وتعني بالفهرسة الوصفية، الاهتمام بالشكل المادي لأوعية المعلومات ليتم استخراج فهرس واحد وعالمي من خلال بطاقة تحمل معلومات حول المنتوج ومركّزة في ذلك على اسم المؤلّف أو عنوان الكتاب، في حين تهتمّ الفهرسة الموضوعية على استخراج الكلمات الدالة على موضوع الكتاب، أما عن عملية التصنيف، فقالت المتحدثة أنّها عملية تمييز الأشياء عن بعضها البعض مثلا فصل كتب الأطفال عن بقية الكتب باعتبار أنّ لها خصوصياتها.