أكدت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالاصلاح المالي السيدة فتيحة منتوري، أن قرار تعليق مسار خوصصة القرض الشعبي الجزائري اتخذ بسبب انسحاب ثلاثة بنوك من المنافسة على خلفية تأثرها بأزمة القروض الرهنية المعروفة ب"subprime"، مشددة على أن القرار اتخذ "بكل سيادة" من طرف الدولة الجزائرية مثلما كان الحال عندما قررت الشروع في عملية الخوصصة التأكيد على مسألة "السيادة الوطنية" جاء كرد على القائلين بوجود اسباب سياسية وراء اتخاذ هذا القرار حيث اعتبرت الوزيرة أن الدولة ليست مضطرة لتبريره، مشيرة الى ان عقد ندوة صحفية جاء تجسيدا "لروح الشفافية الكبيرة التي تعمل بها الحكومة"، مضيفة "كنت مصرة على لقائكم لمحاولة شرح قرار إلغاء مسار خوصصة القرض الشعبي الجزائري" · وبعد ان شددت على كون "الموضوع جد حساس"، قالت منتوري في اول لقاء لها مع الصحافة أن الخيارات التي تم اللجوء إليها في مسار الاصلاح البنكي "لارجعة فيها" لاسيما ما تعلق منها بتحرير القطاع البنكي· وفي تفسيرها لما حدث بالنسبة لمسار خوصصة اول بنك عمومي تحدثت عن "تأجيل" العملية لآجال غير محددة مع التشديد على أن العملية ستتواصل عند إعادة فتح الملف من حيث توقفت، أي انه لن يتم اعادة مسار الخوصصة من نقطة الصفر· اما الاسباب التي أدت الى اتخاذ قرار التعليق عشية جلسة فتح الأظرفة لاختيار البنك الذي كان من المفترض ان يتحصل على 51 بالمائة من القرض الشعبي الجزائري والتي كانت مقررة نهار امس، فهي استنادا للوزيرة واضحة، ويتعلق الأمر بأزمة القروض الرهنية التي ضربت الولاياتالمتحدة وبلدان اوروبية ومست خصوصا اكبر البنوك العالمية من بينها بنكين مشاركين في العملية هما سيتي غروب الأمريكي والقرض الفلاحي الفرنسي· وفي عودتها إلى كرونولوجيا الأحداث أشارت الى انه كان من المفترض تسلم عروض البنوك الخمسة المعنية بالمناقصة بعد انسحاب ستانتاندر الاسباني لأسباب داخلية في 20 نوفمبر الجاري "وهو مالم يتم" · وفي 21 نوفمبر أعلنت سيتي بنك على خلفية تأثرها الكبير بأزمة القروض الرهنية التي جعلتها تفقد قرابة 14 مليار دولار كخسائر عن "انسحابها المؤقت" من عملية الخوصصة لاعتبارات تتعلق بالتغيرات التي شهدتها على مستوى عال بعد إقالة مديرها العام والتي تجعلها عاجزة عن اتخاذ قرارات استراتيجية على المدى الطويل·ط وفي 23 نوفمبر الجاري راسل القرض الفلاحي الفرنسي بدوره الحكومة ليعرب كما أكدت الوزيرة عن أمله في تأجيل عملية فتح الأظرفة وتقديم العروض بسبب أزمة "الساببرايم" كذلك· وبذلك لم تبق في المنافسة إلا ثلاثة بنوك فرنسية هي "سوسييتي جينيرال" و"بي ان بي باريبا" و"البنك الشعبي" · ولأن أزمة القروض الرهنية مازالت قائمة ولا أحد يستطيع التنبؤ بأثارها ولا بكيفية تطور الأمور فإن الجزائر اختارت "منهج الحذر وأخذ الوقت الكافي لمتابعة تطورات هذه الأزمة وإعادة فتح الملف عندما يحين الوقت وعندما تتوفر الظروف التي تمكن من الحصول على رؤية واضحة" كما قالت منتوري، مضيفة "لا شيء يجبرنا على التسرع وبيع البنك بسعر لا يعكس قيمته الحقيقية في السوق" · من جانب آخر عبّرت عن يقينها بتجديد البنوك المنسحبة لعروضها الخاصة بالعملية حالما تتم معالجة الأزمة العالمية للقروض الرهنية نافية اللجوء الى تجديد المسار كله الذي تم الشروع فيه منذ 2005 والذي تحفظت عن ذكر تكلفته· للتذكير شرعت الحكومة في مسار خوصصة القرض الشعبي الجزائري وهي اول عملية خوصصة لبنك عمومي منذ سنتين من اجل تهيئة الظروف لنقل المهارات البنكية والتقنية والتجارية والمالية لهذا البنك وكذا إثراء تشكيلة منتجاته وخدماته وتحديث أدوات تسييره سعيا الى المساهمة في عصرنة القطاع البنكي الجزائري· وتم الاعلان عن مناقصة دولية لهذا الغرض استهدفت إشراك بنوك كبرى ذات وزن دولي، وتم تحديد معايير دقيقة لاختيار الشريك أهمها أن لا يقل سقف أمواله الخاصة عن 3 ملايير أورو وان يضم شبكة تقدر ب400 وكالة على الاقل في بلد واحد والحصول على تنقيط على الاقل بدرجة أ3 من طرف هيئة "موديز" و- أ من طرف هيئة "اس اند بي" · وخلص مسار التأهيل المسبق الى اختيار اولي لستة بنوك في شهر نوفمبر الجاري هي القرض الشعبي وسوسييتي جينيرال وبي ان بي باريبا والقرض الشعبي من فرنسا وسيتي بنك من الولاياتالمتحدةالامريكية وستانتندر من اسبانيا التي كان عليها تقديم عروض مالية وتقنية لاقتناء اغلبية رأسمال القرض الشعبي الجزائري في نهاية المسار· بحلول شهر ماي اضطر بنك "ستانتندر" الذي التزم في عملية واسعة لاقتناء بنك دولي كبير إلى التخلي عن مشاركته في العملية مع التصريح بأن اهتمامه بالجزائر يبقى كاملا· من جانبه اضطر سيتي بنك إلى الانسحاب بعد قيامه بإعادة هيكلة تسييره على اعلى مستوى بعد الانعكاسات الوخيمة عليه بسبب ازمة القروض الرهنية· اما القرض الفلاحي الفرنسي ففضل المطالبة بتأجيل موعد المناقصة· وكانت عملية خوصصة البنك العمومي الجزائري قد شهدت منذ انطلاقها تذبذبا في الآجال المحددة للعملية ظهرت في التناقضات الكثيرة في تصريحات مسؤولي وزارة المالية· ففي الوقت الذي تحدث فيه وزير المالية السابق السيد مراد مدلسي عن انهاء المسار في بداية 2007 على اقصى حد، عاد مرة أخرى ليقول ان الامور ستتأجل الى مارس الماضي، من جانبه تحدث الوزير المنتدب المكلف بالاصلاح المالي السابق وزير المالية الحالي كريم جودي عن استكمال العملية في السداسي الاول 2007 ثم عاد ليقول ان الامور لن تستكمل قبل نهاية العام الجاري· وبينما كان الجميع ينتظر موعد جلسة فتح أظرفة العروض التي كانت مقررة امس، اصدرت وزارة المالية في 24 نوفمبر أي يومين قبل تاريخ الجلسة بيانا اعلنت فيه عن تأجيل عملية خوصصة البنك وهو ما اعتبرته أوساط عديدة بمثابة اعلان عن تجميد العملية الذي رحبت به الأمينة العامة لحزب العمال باعتبارها كانت من بين المطالبين بوقف هذا المسار·