حث الأمين العام الاممي، بان كي مون، أمس، الفلسطينيين والإسرائيليين على القيام ب«تحرك عاجل" لوقف ما أسماه بالانزلاق الخطير لأعمال العنف التي تشهدها الأراضي الفلسطينية للأسبوع الرابع على التوالي. وحل الرقم الأول الأممي بالأراضي الفلسطينية والكيان الإسرائيلي المحتل في زيارة مفاجئة ببذلة رجل المطافئ في محاولة لنزع فتيل انتفاضة ثالثة في الأراضي الفلسطينية إن هي استفحلت ستكون لها تبعات أمنية وسياسية ليس فقط لحكومة الاحتلال والسلطة الفلسطينية ولكن أيضا في كل دول المنطقة التي تعيش على وقع حالة لا استقرار متواصل منذ أربع سنوات. وقال بان كي مون بعد لقاء جمعه برئيس الكيان الإسرائيلي المحتل ريفن ريفلين أننا إذا لم نتصرف بالسرعة المطلوبة فإن الوضع الميداني سيزداد تأزما على إسرائيل والى خارج إسرائيل وفلسطين"، مما جعله يؤكد أن الفرصة مازالت سانحة لتفادي الوقوع في أزمة حادة. وجاءت زيارة الأمين العام الاممي التي لم يتم الإعلان عنها من قبل في وقت تواصلت فيه الانتفاضة الفلسطينية في الأراضي المحتلة بين فتيان الانتفاضة وقوات الاحتلال. ولكن هل ينجح بان كي مون الذي جاءت زيارته وقد حصدت آلة الحرب الإسرائيلية قرابة خمسين شابا فلسطينيا في عمليات قتل على المباشر ودون محاكمة وبأبشع صور التقتيل وصفتها عدة منظمات حقوقية بأنها جرائم حرب يحال أصحابها على محكمة الجنايات الدولية؟. ودون الحكم سلبا على نتائج هذه الزيارة وقبل معرفة نتائجها إلا أن مؤشرات فشلها واضحة إذا عملنا أن إسرائيل تعمدت هدم منزل عائلة أحد الفدائيين الفلسطينيين ساعات قبل أن يحط بان كي مون قدمه على ارض فلسطينالمحتلة في رسالة إسرائيلية واضحة بأنه " غير مرحب بك ولا نريدك". والحقيقة أن هذا الموقف تبنته كل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجاه الأممالمتحدة التي لا تريد أن يكون لها أي دور في صراع الشرق الأوسط ولا أن تكون طرفا ثالثا مع الفلسطينيين وعملت في كل مرة على تحدي المنتظم الدولي بقرارات سارت جميعها الى نقيض كل اللوائح التي يصدرها مجلس الأمن الدولي بعد أن وضعت نفسها فوق القانون الدولي وبقناعة أنه لا أحد بإمكانه أن يلزمها بأي شيء مادامت ترفضه. وتلك هي الحقيقة التي يدركها بان كي مون بعد أن بقيت هيئته في موقف المتفرج على كل مواقف الرفض الإسرائيلية التي عادة ما ترفقها بعمليات إبادة ضد الفلسطينيين وما عدوان الصيف الماضي على قطاع غزة والكارثة الإنسانية التي خلفها إلا أكبر دليل على ذلك. وهو ضعف استغلته إسرائيل لفرض مواقفها والإفلات في كل مرة من العقاب لو كان الفاعل دولة أخرى لكان الموقف تجاهها مغايرا تماما وهي عدالة الكيل بمكيالين التي جعلت الشباب الفلسطيني يفقد ثقته في هيئة عالمية أصبحت مجرد هيكل دون روح. والواقع أن قوة إسرائيل استمدتها من ضعف الأممالمتحدة التي راحت تتبنى مواقف عرجاء وغير مطابقة لحقيقة المأساة عندما تقوم بردع الفلسطينيين وتهادن إسرائيل وفي أحسن الحالات تضع الكل في سلة اتهام واحدة مع أن الجلاد معروف والضحية أيضا. أو عندما يتباكي بان كي مون متأثرا لحال الطفل الإسرائيلي الذي أصبح يتردد في الذهاب الى مدرسته خوفا على حياته ولم يأبه لحال نظرائه الفلسطينيين الذين يقتلون دكا تحت أسقف منازلهم وهم نيام ولم يجد الأمين العام الاممي بدا من إعطاء وصف لذلك أو حتى التأسف على جرائم ضد الإنسانية. وهل يمكن أن يسكت الأمين العام الاممي لإطلاق جنود الاحتلال النار على فتى فلسطيني في الثالثة عشرة من عمره لمجرد الاشتباه فيه أو تصفية آخر على المباشر بعد إصابته بجروح بليغة كان يتعين نقله الى المستشفى؟. فإذا أجاب بان كي مون على هذا التساؤل فانه يسهل عليه حينها معالجة الصراع في فلسطينالمحتلة بكيفية متوازنة. استشهاد ثلاثة فلسطينيين في انتفاضة "شباب السكاكين" استشهد ثلاثة فلسطينيين أمس، إثنان في الضفة الغربية حاول الأول دهس شرطي ومستوطن، بينما قام الثاني بطعن جندي إسرائيلي بالتزامن مع سقوط شهيد ثالث في قطاع غزة برصاص الاحتلال بالقرب من الخط الفاصل مع الكيان الإسرائيلي المحتل. وبذلك تجاوزت قائمة شهداء انتفاضة السكاكين منذ اندلاعها في الفاتح أكتوبر الجاري إلى 44 شهيدا، سقط معظمهم لدى محاولتهم طعن جنود أومستوطنين يهود بمختلف أنحاء الأراضي المحتلة. وأصيب جندي إسرائيلي ومستوطن بجروح خفيفة عندما هاجم فلسطيني يقود عربة صغيرة محطة لنقل المسافرين عبر الطريق الرابط بين القدسالمحتلة ومدينة الخليل بالضفة الغربية قبل أن يخرج من عربته حاملا سكينا في يده سرعان ما ردت قوات الاحتلال بإطلاق الرصاص عليه ليسقط شهيدا. واستشهد الشاب الفلسطيني الثاني بعد طعنه ضابطا في الجيش الإسرائيلي خلال مظاهرة عنيفة بالقرب من بلدة بيت عوى في جنوبالضفة الغربية، ردت قوات الاحتلال بإطلاق الرصاص الحي عليه فأردته شهيدا. وتبقى قائمة شهداء انتفاضة السكاكين مفتوحة، حيث استشهد شاب فلسطيني لا يتعدى سنه 27 عاما إثر المواجهات التي اندلعت بين متظاهرين فلسطينيين وقوات الاحتلال أمام الشريط الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل. ولا تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية عند هذا الحد، حيث أقدم جيش الاحتلال أمس وضمن سياسية العقاب الجماعي المفروض على الفلسطينيين على تدمير منزل الأسير ماهر الحشلمون الكائن غرب مدينة الخليل إلى الجنوب من الضفة الغربية. وتتهم سلطات الاحتلال الأسير الفلسطيني بتنفيذ هجوم بالسكين نهاية عام 2014، أسفر عن مقتل إسرائيلية وصدر في حقه أحكام مزدوجة بالسجن المؤبد.