تسعى الجزائروتونس للارتقاء بمستوى علاقتهما من خلال دعم البرامج والمشاريع المشتركة في كافة القطاعات، وذلك وفق رؤية جديدة تقوم على الدقة في اختيار مجالات التعاون التي تخدم البلدين، والتي من شأنها تحقيق التكامل لاسيما على المستوى الاقتصادي، الذي يُعد هدفا مشتركا تطمحان إليه؛ لذا تم وضع خارطة طريق بمناسبة انعقاد الطبعة العشرين للجنة المشتركة الكبرى بالجزائر، من أجل متابعة تنفيذ الاتفاقيات الموقّعة. وكان البلدان قد وقّعا أول أمس عشر اتفاقات تعاون ومذكرات تفاهم، شملت قطاعات متعددة مثل الصناعة والصحة والتكوين والتربية، بمناسبة انعقاد اللجنة تحت رئاسة الوزير الأول عبد المالك سلال ورئيس الحكومة التونسي الحبيب الصيد، اللذين أعدا خارطة طريق تحدد البرنامج الذي سيتم تنفيذه خلال المرحلة التي تفصل الدورة السابقة للجنة، والدورة القادمة التي ستُعقد في تونس العام المقبل؛ ذلك ما أوضحه وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية عبد القادر مساهل في تصريحات صحفية، قال فيها إنه تم وضع خارطة طريق بين الجزائروتونس من أجل متابعة تنفيذ الاتفاقات الموقّعة يوم الإثنين بالجزائر العاصمة، بمناسبة انعقاد الدورة 20 للجنة المختلطة الكبرى الجزائريةالتونسية. وأضاف أن البرنامج الواجب تنفيذه في إطار خارطة الطريق، حدد حوالي 42 قطاعا، مؤكدا أن اجتماعات دورية منتظرة في هذا الإطار على مستوى الخبراء من أجل التجسيد الميداني للاتفاقات الموقّعة. إضافة إلى ذلك، فإن فوج العمل كُلف أيضا برفع عدد معيَّن من العراقيل فيما يخص المبادلات التجارية. أما في مجال التعليم العالي فقد اتفقت الجزائروتونس على تبادل المنح الدراسية لفائدة طلبة جامعات البلدين. كما اتفق البلدان على تعزيز قدرات كابل الألياف البصرية الرابط بينهما، إضافة إلى تنسيق جهودهما ومواقفهما في اللقاءات الدولية التي تخص قطاع البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، وتخصيص فضاءات تكنولوجية للتبادل بين البلدين لصالح المؤسسات الناشئة الناشطة في المجال، إضافة إلى اتفاق حول تنقّل الطلبة، واتفاق تعاون في مجال البريد حول تكييف الجانبين مع التحولات الطارئة. وسيشكل الاتفاق "ضمانا" في حالة العطب، كما أشارت إليه وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال هدى إيمان فرعون، التي تحدثت عن توقيع اتفاقات أخرى للاستفادة من تجارب كل بلد. كما أكدت ضرورة الذهاب نحو تناسق في تسعيرات الهاتف النقال؛ من خلال تسهيل خدمة "الرومينغ"، خاصة بالنسبة للسياح الجزائريين المسافرين إلى تونس، والتونسيين القادمين إلى الجزائر. ويُتوقع، من جانب آخر، عقد لقاء بين اتصالات الجزائر واتصالات تونس، للتوقيع على اتفاقية تعاون في مجال تكنولوجيات الاتصال. لكن رغم أهمية هذه البرامج المتفق عليها والتي يمكنها أن تشكل قاعدة صلبة للتعاون الثنائي، فإن أهم المحاور التي مازالت تشغل الجانبين الوضعُ الذي تعيشه المنطقة في السنوات الأخيرة، والذي قرّب أكثر فأكثر بين البلدين اللذين يعيان اليوم أكثر من أي وقت مضى، أهمية التحديات التي تواجههما، لاسيما على المستوى الأمني. وهو ما أشار إليه السيد مساهل، حينما قال إن الدورة جاءت في "ظرف هام" بالنسبة للبلدين؛ بالنظر إلى "الصعوبات" التي تعرفها المنطقة، مضيفا أن "هذا الظرف يفرض علينا التشاور حول ما يجري في محيطنا". وتتبنى الجزائروتونس وجهات نظر متطابقة فيما يخص مكافحة الإرهاب والوضع في كل من ليبيا والساحل والمتوسط، تتجه كلها نحو ضرورة ضمان أمن واستقرار المنطقة، وانتهاج سبل الحوار في حل المشاكل بدون التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد. وهو ما شدد عليه الوزير الأول عبد المالك سلال ورئيس الحكومة التونسي الحبيب الصيد، اللذان أكدا أهمية رفع التنسيق الأمني المشترك في مواجهة التحديات التي يواجهانها، خاصة في المناطق الحدودية؛ حيث أصبحت تعشش آفات الإرهاب والجريمة المنظمة والتهريب... ولأن الأمر كذلك فإن البلدين يسعيان لبذل جهود أكبر من أجل تنمية هذه المناطق، كما يعملان على تحسين الوضع في ليبيا، الذي يُعد أساسيا من أجل تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة. وفي هذا الإطار عبّر المسؤولون التونسيون في مناسبات عديدة عن دعمهم للجهود التي تبذلها الجزائر لتحقيق السلم والمصالحة في هذا البلد من أجل الوصول إلى تشكيل حكومة وحدة تحافظ على سلامة ووحدة التراب الليبي.