يستشعر الفيلم التونسي "ربيع تونس" للمخرجة رجاء عماري، عمق شخصيات، ويلمس أحاسيسهم التي سادت في أحداث ما يسمى بثورة الياسمين، فضلا عن أنّ العمل السينمائي يتضمّن أهمية تاريخية وتوثيقية لمرحلة مهمة في ذاكرة تونس، تتعلّق بسقوط نظام الرئيس بن علي. الفيلم الذي دخل، أول أمس، غمار المنافسة الرسمية لجائزة العناب الذهبي في المهرجان الأوّل للفيلم المتوسطي بعنابة، عُرض بالمسرح الجهوي "عز الدين مجوبي"، ويروي على مدار 90 دقيقة، حال تونس قبل سقوط نظام بن علي، من خلال قصة ثلاثة شباب يعيشون ظروفا اجتماعية صعبة، بسبب النظام الفاسد وتفشي البيروقراطية وخنق الحريات والاضطهاد الممارس على الشعب التونسي. وكتب سيناريو الفيلم عمر الأدغم، الذي عرّج على بعض الوقائع التي ميّزت تلك الأيام العصيبة التي ضربت التونسيين، وانتهت بهرب الرئيس بن علي، وسقوط العديد من الضحايا، وركّزت كاميرا المخرجة بشكل ملفت، على البذخ الذي كانت تتمتّع به سيدة قرطاج ليلى طرابلسي، وتجلى إيمانها بالمعتقدات الغريبة، على غرار السحر وقراءة الفنجان. وتظهر المخرجة حرم الرئيس المخلوع ليلى طرابلسي في سؤدد، ثم تعود لتُبرز أوجه المعاناة من خلال قصة مفجّر أحداث يناير 2011 "البوعزيزي" في مشهد الإذلال الذي مورس عليه من طرف أعوان الشرطة. وتشير إلى اختلاف مصائر وليد وموحا وفتحي، وهم أصدقاء يعملون معا في فرقة موسيقية بعد نشوب أحداث الثورة في تونس، حيث يُقتل فتحي برصاص أحد القناصة خلال مشاركته في احتجاجات شعبية بمحافظة القصرين أحد أبرز المناطق التي اندلعت منها شرارة الثورة. أمّا موحا الذي يعاني الاكتئاب ويدمن على شرب الخمر، فيقرّر أن يركب البحر للهجرة إلى سواحل إيطاليا. وبالنسبة لوليد الذي بدا شابا انتهازيا غير مبال بالحراك الثوري، فقد مكّنه ادعاؤه بأنّه عرّاف، من جني الكثير من الأموال، وذلك بعد تقربه من رموز في أعلى هرم السلطة. للإشارة، في رصيد رجاء عماري أفلام "الحرير الأحمر" (2002)، والفيلم الوثائقي "على آثار النسيان" (2004)، و«الدواحة" (2009). ويُعدّ فيلم "ربيع تونس" ثاني فيلم من العمل السينمائي الطويل، يتناول أحداث الثورة في تونس بعد فيلم "ما نموتش" للمخرج التونسي النوري بوزيد.