كشف مدير العلاقات مع أوروبا بوزارة الشؤون الخارجية، علي مقراني، عن الشروع خلال شهر جانفي المقبل في مراجعة محتوى اتفاق الشراكة بين الجزائر ودول الاتحاد الأوروبي، موضحا أن الجزائر، وبمناسبة مرور عشر سنوات على إطلاق الاتفاقية، طلبت رسميا من الجانب الأوروبي الذي استجاب، مراجعة الاتفاق وتمت الاستجابة لطلبها، حيث ستشرع مجموعة عمل في دراسة مختلف بنود الاتفاق وما يستلزم تغييرها ومراجعته وجعله يخدم الطرفين بنفس المستوى. وأضاف مقراني، خلال ندوة صحفية نشطها أمس بمعية رئيس المفوضية الأوربية بالجزائر، ماريك سوكوليل بفندق السوفيتال بالعاصمة، أنه سيتم إعادة النظر في الاتفاق من كل الجوانب على أن يكون الهدف الاقتصادي في قلب هذه المراجعة حتى يصبح الاتفاق الذي تم توقيعه في 2005، اتفاق شراكة شامل وليس تجاري فقط، كما هو عليه حاليا، مشيرا إلى أن أولويات الجزائر في هذا المجال هي تنمية التنوع الاقتصادي والعمل على توفير مكانة للمنتوج الجزائري في السوق الأوروبية لكن بعد ترقية هذا المنتوج وجعله مطابق وقادر على المنافسة. كما تضع الجزائر، حسب ممثل وزارة الشؤون الخارجية، ضمن أولوياتها، إعادة النظر في كيفية جعل التعاون مفيد للطرفين وأن يكون للطرف الأوروبي دور هام في تنمية وتنويع الاقتصاد مع الأخذ بعين الاعتبار مكانة الجزائر في المنطقة، بالإضافة إلى الشق الأمني الذي جعل من الجزائر في الواجهة في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. وأكد مقراني في هذا السياق أن الجزائر تسعى إلى أن تكون جسر عبور بين إفريقيا وأوروبا. وفي الشق الثقافي والإنساني، قال المتحدث إن للجزائر وأوروبا تاريخا وحضارة وعلاقات إنسانية مشتركة، حيث يتواجد عدد هائل من الجالية الجزائرية في دول الاتحاد، مرافعا من أجل احترام هذه الجالية وتسهيل تنقل الأفراد وليس البضائع فقط. كما أكد على ضرورة ترقية حرية تبادل الأفكار واحترام التبادل الثقافي والديني، وهي الأفكار التي سيتم إدراجها خلال المباحثات الثنائية المقبلة والتي تسعى الجزائر إلى أن تفضي إلى إعطاء اتفاق الشراكة البعد الاستراتيجي والتنموي. أما فيما يخص الشق الأمني، فإن للجزائر تجربة بعد أن عانت من الإرهاب وهي اليوم تقود المجموعة الدولية في مكافحتها للإرهاب والجريمة المنظمة وهي تعمل على استقرار دول الجوار. والجانب الأوروبي يطلب الاستفادة من هذه التجربة. "سنقوم في إطار هذه الشراكة بالعمل من أجل الخروج من الأزمات وكذلك القضاء على أسباب الآفات كالإرهاب والهجرة غير الشرعية وكذلك احترام حقوق الجالية الجزائرية المقيمة بأوروبا". من جهته، أكد رئيس المفوضية الأوربية بالجزائر، ماريك سوكوليل أن للاتحاد الأوروبي إرادة سياسية للعمل مع الجزائر، مشيرا إلى أن "أكبر التحديات التي نواجهها اليوم هي التنوع الاقتصادي، الهجرة غير الشرعية". واعتبر المتحدث "أن سياسة الجوار الجديدة التي ستتبناها أوروبا لن تحل كل المشاكل المطروحة اليوم لأن الأمور ليست بالسهولة التي نتخيّلها". وكشفت المفوضية الأوروبية والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية، أمس، الخطوط الرئيسية لعملية مراجعة سياسة الجوار الأوروبي، مع تفصيل التوجه الجديد للاتحاد الأوروبي تجاه جيرانه الشرقيين والجنوبيين. وقد جاءت المراجعة بعد مشاورات موسعة مع الدول الأعضاء والدول الشريكة والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والمنتديات الأكاديمية. وصرحت الممثلة العليا، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، فيديريكا موغيريني"بأن شراكة أقوى مع جيراننا تعتبر أساسية للاتحاد الأوروبي، بينما نواجه تحديات عدة داخل وخارج حدودنا. فالهجمات الإرهابية التي شهدتها باريس مؤخرا والهجمات الأخيرة في لبنان ومصر وتركيا والعراق، تظهر مرة أخرى أننا نواجه تحديات عالمية يجب أن نتصدى لها المجتمع الدولي بشكل موحد". كما دعت موغيريني إلى تبني بيئة أكثر أمنا ومحاولة حل الأزمات التي تواجه المنطقة ككل ودعم التنمية والنمو في المناطق الفقيرة ومواجه الأسباب الجذرية للهجرة، مشيرة إلى أن ذلك هو هدف المراجعة الحالية لسياسة الجوار الأوروبي التي سوف تستمر في الدفاع عن القيم المشتركة وحقوق الإنسان، وسوف تدمج الشركاء في تعاون أكبر في الشؤون الأمنية. من جهته، أضاف مفوض سياسة الجوار الأوروبي ومفاوضات التوسع يوهانس هان: "إن التحدي الأكثر إلحاحا أمامنا هو استقرار دول الجوار وأن النزاعات والإرهاب والتطرف يهددنا جميعا. لكن الفقر والفساد والحكم السيئ هي أيضا مصدر لانعدام الأمن. لذلك، سنعيد التركيز في علاقتنا مع شركائنا على مصالحنا المشتركة الحقيقية وتحديدا، التنمية الاقتصادية، مع تركيز أكبر على تشغيل الشباب لتكون المهارات هي المفتاح".