بين استمرار حمالات القمع في حق الفلسطينيين والاقتحامات المتكررة لباحات المسجد الأقصى المبارك وتسريع وتيرة الاستيطان، تبقى الأوضاع في الأراضي المحتلة على حالها بل تتجه نحو مزيد من التصعيد الإسرائيلي الذي ينذر بانفجار وشيك في أية لحظة. وعلى وقع اقتحامات جديدة لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، سارع المصلون الفلسطينيون أمس إلى الدفاع عن مسجدهم بأقل الإيمان من خلال رفع هتافات التكبير الاحتجاجية والتهليل التي تثير الرعب في نفوس المتطرفين اليهود وهم يدنسون الأقصى المبارك. وكعادتها، وفرت شرطة الاحتلال الحماية لاقتحام مجموعات المستوطنين الحرم القدسي لليوم الثالث على التوالي في نفس الوقت الذي اقتحمت فيه مجموعة من شرطة الاحتلال الخاصة المصلى القبلي ونفذت فيه جولة إرشادية. وأصبحت هذه الاقتحامات تتم بشكل شبه يومي في إطار حملة الانتهاكات التي يقوم بها المستوطنون والاحتلال بحق القدس ومقدساتها، فيما يتصدى لهم المرابطون في المسجد للمحافظة عليه من محاولات التقسيم الزماني والمكاني الذي يسعى الكيان العبري إلى فرضه بالقوة. ويبقى الأقصى خطا أحمر بالنسبة للفلسطينيين وكان سببا في اندلاع الهبّة الجماهرية التي تجتاح الأراضي الفلسطينية منذ الفاتح أكتوبر الماضي ولا يزال وهيجها مستمرا بنفس النسق. وفي هذا السياق، توفي أمس مستوطن إسرائيلي متأثر بجراحه التي كان أصيب بها قبل أيام إثر تعرضه لطعنة سكين جنوبالضفة الغربيةالمحتلة من قبل شاب فلسطيني استشهد مباشرة برصاص قوات الاحتلال. ولأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتايناهو وفي آخر تصريح عنصري له زعم بان "اليهود أسمى من أي جنس آخر"، فقد شنت قواته أمس حملة اقتحامات واعتقالات، شملت عدة مدن بالضفة الغربيةالمحتلة منها مدينة الخليل ضمن سياسة العقاب الجماعي التي اعتادت انتهاجها ضد الفلسطينيين. واعتقلت قوات الاحتلال ثلاثة فلسطينيين في مدينة الخليل وأربعة آخرين من مدينة طولكرم وضاحية شويكة، بينهم فتاتين، فيما داهمت ثلاثة منازل في بلدة سلواد شرق رام الله. وهو ما جعل متتبعين يتوقعون تصاعد التوتر بالأراضي المحتلة وخاصة بمدينة الخليل التي ينتمي إليها معظم الشهداء الذين سقطوا في سياق انتفاضة فتيان السكاكين وأقدمت سلطات الاحتلال على احتجاز معظم جثامينهم في عقاب نفسي لذويهم. وضع متأزم يتخبط فيه الفلسطينيون الذين يواجهون يوميا كل أنواع الاعتداءات والانتهاكات على يد محتل صهيوني أباح لنفسه فعل كل شيء لتضييق الخناق أكثر على أبناء الشعب الفلسطيني في حقيقة لم تعد خافية على أحد وحتى على الدول العظمى وفي مقدمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية. هذه الأخيرة التي تكتفي فقط بالإدانة في أفضل الأحوال أو إعلان رفضها لممارسات حكومة الاحتلال في حق الفلسطينيين دون أن تتخذ أي إجراء ملموس يوقفها عند حدها. فقد وصف مارك تونر، نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أمس مشروع بناء إسرائيل مستوطنات جديدة في "المنطقة ج1" في الضفة الغربية بأنه "غير شرعي" وله نتائج عكسية على مسار السلام. وقال إن بلاده "قلقة" إزاء بناء وحدات استيطانية في المنطقة "ج1" مؤكدا معارضة الولاياتالمتحدة "الشديدة" لأي خطوات تمهد الطريق أمام بناء مستوطنات في المنطقة. كما أشار إلى أن واشنطن تؤمن بأن مثل هذه الخطوات "لا تتماشى على الإطلاق مع حل الدولتين وأنها تثير شكوكا بصورة لا لبس فيها حول التزام الحكومة الإسرائيلية تجاه السلام". وهو ما يطرح التساؤل حول جدوى رفض الإدارة الأمريكية لهذا المشروع الاستيطاني القاضي ببناء أكثر من 55 ألف وحدة استيطانية في الضفة الغربية وقرب القدسالمحتلة إذا لم تتحرك لحمل إسرائيل على التخلي عنه.