ألغت المحكمة الإدارية لبئر مراد رايس أمس، عقد التنازل عن أسهم مجمع "الخبر" لشركة "ناس برود" التي يملكها رجل الأعمال اسعد ربراب، وذلك طبقا لأحكام المادتين 25 و40 من القانون العضوي المتعلق بالإعلام، واللتان تمنعان تمركز أكثر من مؤسسة إعلامية واحدة في يد مالك واحد. وقضت المحكمة بموجب الحكم الذي أعلن عنه القاضي محمد دحمان ببطلان صفقة التنازل عن مجمع "الخبر" لصالح شركة "ناس برود"، مع تحميل الطرف المدعى عليه المصاريف القضائية، مع إلغاء كل الآثار المترتبة عن العقد، بشكل يؤدي إلى إرجاع الوضع لما كان عليه قبل عقد الصفقة. وغاب عن جلسة النطق بالحكم النهائي في القضية التي رفعتها وزارة الاتصال ضد كل من المساهمين في مجمع "الخبر" وكذا شركة "ناس برود" التي تعتبر فرعا لمجمع "سيفيتال"، دفاع الخصوم، الذين قرروا في 22 جوان المنصرم الانسحاب من القضية، احتجاجا على الحكم الاستعجالي الذي أصدرته المحكمة والقاضي بتجميد الصفقة. وخصصت المحكمة جلسة الرابع جويلية الجاري لتأكيد قرار انسحاب هيئة دفاع المدعى عليه المشكلة من 43 محاميا، كانوا قد تأسسوا بشكل رسمي للدفاع عن مجمع "الخبر" ومساهميه وكذا شركة "ناس برود"، كما استمعت المحكمة في نفس الجلسة لالتماس دفاع وزارة الاتصال الذي أكد تمسك الطرف المدعي بمطلب إبطال عقد التنازل عن أسهم مجمع الخبر ل«ناس برود"، فيما فضل محافظ الدولة تقديم ملاحظاته والتماساته بصيغة كتابية. وحسب محامي وزارة الاتصال، الأستاذ ابراهيم بن حديد، فإن القرار القضائي المتعلق بإبطال صفقة التنازل عن أسهم مجمع "الخبر" لفائدة مجمع "ناس برود" يعتبر قرار قانونيا، يستند إلى أحكام القانون 12/05 المتعلق بالإعلام، ومنها المادة 25 التي تنص على أنه "يمكن لنفس الشخص المعنوي الخاضع للقانون الجزائري أن يملك أو يراقب أو يسير نشرية واحدة فقط للإعلام العام، تصدر بالجزائر بنفس الدورية"، فيما قام دفاع الطرف المدعي المتمثل في وزارة الاتصال في إثبات ملكية رجل الأعمال اسعد ربراب لكل من جريدة "الخبر" ويومية "ليبرتي" الناطقة بالفرنسية. وأشار المحامي إلى أن هذا الحكم سيترتب عنه إعادة الأمور إلى مجمع "الخبر"، كما كانت عليه قبل عقد صفقة التنازل عن أسهمه لشركة "ناس برود"، مع إقرار بطلان كل العمليات والتغييرات التي ترتبت عن هذا العقد، لافتا إلى أنه أمام الطرف المدعى عليه مهلة تقارب الشهرين للاستئناف أمام مجلس الدولة "مع الإشارة إلى أن الاستئناف لا يبطل تنفيذ الحكم" على حد تعبيره. للتذكير، كان مجمع "سيفيتال" قد اشترى بموجب صفقة التنازل عن أسهم مجمع "الخبر" بقيمة إجمالية قدرت ب4 ملايير دينار، أزيد من 80 بالمائة من أسهم هذا المجمع الذي يضم فضلا عن النشرية اليومية، قناة "كا بي سي" ومطبعة وشركة توزيع. محامي وزارة الاتصال ابراهيم بن حديد: وضعية "الخبر" غير قانونية كشف الأستاذ ابراهيم بن حديد، محامي وزارة الاتصال في قضية صفقة مجمع "الخبر" وشركة ناس برود، أن وضعية جريدة "الخبر" تعتبر غير قانونية، بالنظر إلى كون ملاكها لم يقوموا بطلب رخصة للنشر من وزارة الاتصال طبقا لما ينص عليه القانون 05/12 المتعلق بالإعلام. وأوضح المحامي على هامش جلسة النطق بالحكم من قبل المحكمة الإدارية لبئر مراد رايس أمس أن جريدة الخبر وغيرها من الجرائد كانت تصدر بموجب نظام التصريح من قبل وكيل الجمهورية، والمنبثق عن أحكام القانون القديم 11/90 المتعلق بالإعلام، في حين أن القانون الجديد الصادر في 2012 يلزم كل الناشرين بإيداع طلب اعتماد لدى مصالح وزارة الاتصال في آجال محددة بسنة واحدة، "وهو الأمر الذي لم يقم به ملاك جريدة "الخبر" بخلاف نحو 150 عنوانا صحفيا قدموا ملفاتهم لدى وزارة الاتصال ومنهم من تلقى الرد"، حسب الأستاذ بن حديد الذي اعتبر بأنه من وجهة نظر قانونية فإن يومية "الخبر" تصدر منذ نهاية آجال إيداع ملف طلب الرخصة (2013) "بشكل غير قانوني". وبخصوص إجراءات تنفيذ الحكم القضائي القاضي ببطلان عقد التنازل عن أسهم مجمع "الخبر" لشركة "ناس برود"، أوضح المحامي بأنه فضلا عن كون قرارات العدالة ملزمة التنفيذ، فإن دفاع المدعي بإمكانه اللجوء إلى إجراءات الإجبار على تنفيذ الحكم، بداية من تبلغ الخصوم بمنطوق الحكم، ومنحهم آجال محددة لتطبيقه وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه في السابق قبل صدور العقد، مع إمكانية اللجوء إلى التطبيق الجبري كالغرامة التأديبية والتنفيذ الإداري للحكم، والذي قد يصل إلى حد وقف صدور الجريدة "لاسيما أن المؤسسة أصلا تشتغل بدون رخصة" على حد قوله. ويعني بطلان العقد وآثاره حسب الأستاذ بن حديد بأن الملكية التي انتقلت إلى رجل الأعمال، اسعد ربراب ليست قانونية، ومعها كل التغييرات التي تمت في فروع مجمع "الخبر" والتي تعتبر طبقا لتصريح المحامي، "باطلة بموجب حكم بطلان الصفقة". ويطرح بطلان عقد التنازل عن أسهم مجمع الخبر لشركة "ناس برود" العديد من التساؤلات حول المصير الذي ستؤول إليه فروع مجمع "الخبر"، حيث في الوقت الذي يعتبر المحامي بن حديد بأن عودة الأمور إلى الوضع الذي كانت عليه قبل شراء المجمع من قبل "ناس برود" تعني عودة المساهمين إلى تسيير "المجمع"، ترى أطراف قانونية أخرى ومنها المحامي نجيب بيطام بأن عودة المساهمين من الأمور المستحيلة باعتبار أن هؤلاء "أخذوا الأموال وتصرفوا فيها، وبالتالي لا يمكن لربراب استعادة أمواله بالبساطة التي يمكن تصورها، باعتبار أن حتى القانون لا يحميه في هذا الحالة". كما يرى أصحاب هذا الطرح بأن الأحكام المترتبة عن حكم بطلان العقد من قبل العدالة لا تقع فقط على المشتري وحده وإنما على البائع أيضا كون الطرفان خالفا أحكام قانون الإعلام.