أكد وزير الخارجية السيد مراد مدلسي، أن الجزائر تشجع أي طرف مهما، كان للوصول إلى حل لقضية الصحراء الغربية، طالما يسمح هذا الحل للصحراويين باتخاذ قرارهم بأنفسهم وبحرية تنفيذا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، متوقعا جولة قادمة من المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو بعد أن يعلن الأمين العام للأمم المتحدة عن تعيين مبعوثه الجديد إلى المنطقة. وأكد السيد مدلسي في حديث مطول نشرته جريدة "الشرق الأوسط" في عددها الصادر أمس، أن علاقة الجزائر مع المغرب طيبة، "وليست هناك أية مشاكل بينهما عدا موقف المغرب من قضية الصحراء الغربية"، موضحا بأن المسألة بالنسبة للجزائر بسيطة، "حيث نعمل على أساس قرارات مجلس الأمن التي تؤكد على مبدأ تقرير المصير وعلى تمكين الشعب الصحراوي من الاختيار بين الخيار ألف أو الخيار باء". وبعد أن أشار إلى أن جبهة البوليساريو أعلنت استعدادها للدخول في مفاوضات على قاعدة هذه الأسس، اعتبر الوزير أن "المشكلة تكمن في إصرار المغرب على فرض الحل للقضية الصحراوية، في إطار الحكم الذاتي"، مؤكدا في سياق متصل بأن الجزائر تشجع أي طرف مهما كان، للوصول إلى حل، طالما يسمح هذا الحل للصحراويين بأن يتخذوا قرارهم بأنفسهم بحرية، تنفيذا للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن. وعن سؤال حول ما إذا كانت خطة الأممالمتحدة للاستفتاء قد وصلت إلى طريق مسدود، اعتبر الوزير أن ذلك يؤكد عدم وجود آلية للقضية الصحراوية قابلة لحل المشاكل، في حين أنها جزء من القضايا التي لم تحل، إلى جانب قضية الشرق الأوسط وقضية فلسطين، مذكرا بالمناسبة إلى أن قرارات عديدة أتخذت على مستوى مجلس الأمن حول هذه القضية الأخيرة، وهي واضحة جدا ولكنها غير مطبقة، "ونفس الحال ينطبق على قضية الصحراء الغربية". وتوقع السيد مدلسي جولة قادمة من المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو، بعد أن يعلن الأمين العام للأمم المتحدة عن تعيين مبعوثه الجديد، الذي سيقوم بجولة للمنطقة، معربا عن أمله في أن تبدأ الجولة الخامسة من المحادثات قبل نهاية هذه السنة. وفي رده عن سؤال حول العمليات الإرهابية الأخيرة في الجزائر أكد وزير الخارجية، أن العناصر التي قامت بها "ليست جزائرية" وأنها "ممولة من جهات في الخارج"، مشيرا إلى أن "المشكلة هي خارج الجزائر وهي دولية". وذكر في هذا الإطار بالمصالحة الوطنية التي منحت الفرصة للجميع للعودة إلى أحضان المجتمع وإلى ذويهم، مشيرا إلى أنه تم تسجيل عودة الآلاف من الذين كانوا يحملون السلاح إلى أهاليهم، "وقد اخذوا حقوقهم كاملة". وبشأن وجود ما يعرف بتنظيم "القاعدة" في الجزائر، قال السيد مدلسي أن هذا التنظيم الإرهابي موجود في أماكن متعددة في العالم، وأنه مثلما يستهدف الجزائر يستهدف بلدانا أخرى من العالم، مضيفا أن "ما نحتاج إليه هو الوصول إلى حل جذري، قد يأتي، حسبه "من الحلول السياسية لبعض النزاعات في منطقتنا، مثل مشكلة الشرق الأوسط والعراق وأفغانستان" والتي اعتبرها جزءا من الأسباب التي تغذي الإرهاب في العالم. وحول إلغاء اجتماع وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي مع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط، أوضح السيد مدلسي أن الاجتماع لم يكن مبرمجا ولم يكن مخططا له أن يعقد على هامش أعمال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن فكرة الاجتماع جاءت بصورة تلقائية ولكنها لم تتجسد "لأننا لم نتمكن من جمع جميع الأعضاء". وفي حين أكد وجود تنسيق دائم بين الدول العربية الأعضاء في الاتحاد من اجل المتوسط، أوضح رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن ما يريده الاتحاد المغاربي من دول المتوسط هو "التعاون الصحيح وليس الخطاب السياسي"، مشيرا إلى أن الغاية من مثل هذا الفضاء هو النقلة النوعية التي تأتي عن طريق مشاريع ملموسة من اجل تنمية المنطقة". وأضاف قائلا أن "ما حدث هو أننا وجدنا أنفسنا دون الإمكانيات لتلبية هذه الإرادة بصفة سريعة، ونحن مازلنا ننتظر الاتحاد الأوروبي بشكل واضح ليجد طاقات وموارد جديدة من اجل هذا المشروع الكبير"، وخلص الوزير إلى أن مشروع الاتحاد من اجل المتوسط يسير بطريقة تدريجية من الناحية النظرية فقط، حيث لازالت دول الإتحاد وإلى يومنا هذا لا تملك ميزانية، "إضافة إلى أن ميزانية الاتحاد الأوروبي حتى عام 2013، لم تدرج مشروع الاتحاد من اجل المتوسط وهي غير واردة". وفي رده عن سؤال حول لقاء اللجنة الوزارية العربية المكلفة بمتابعة الملف الفلسطيني مع الرباعية الدولية، ذكر الوزير بالظروف الخاصة التي انعقد فيها هذا الاجتماع نظرا للأوضاع السياسية في الولاياتالمتحدة وإسرائيل، وقال أن هذا اللقاء كان فرصة لتقييم ما جرى بعد مؤتمر "أنابوليس"، مؤكدا بأن التقييم كان واضحا، "حيث هناك آمال وطموحات وفي الوقت ذاته جملة من الأمور المتعددة التي تعرقل المسيرة". ومن بين هذه الأمور ذكر موقف إسرائيل غير الواضح من منهج المفاوضات، إضافة إلى عملية الاستيطان الإسرائيلية التي توسعت بعد المؤتمر. وأوضح أن الهدف من إثارة العرب لهذه المشكلة الأخيرة، هو تسليم رسالة مزدوجة تتضمن "التأكيد على أن العرب مع السلام، من جهة، وأن المجتمع الدولي لا يمارس دوره باتجاه السلام من جهة ثانية، حيث سمح لإسرائيل بمواصلة تصرفاتها" . وبخصوص لقاءات اللجنة الوزارية لمتابعة ملف دارفور مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن حول مسالة تأجيل فعالية مذكرة الاعتقال بحق الرئيس السوداني في حال صدورها من قبل قضاة المحكمة الجنائية الدولية، اعتبر السيد مدلسي أن صدور مثل هذه المذكرة مسألة مرفوضة من قبل المجموعات العربية والإفريقية وعدم الانحياز، مجددا التأكيد على ضرورة الحل السياسي لقضية دارفور. وذكر في سياق متصل بدور المبادرة العربية التي بلورتها الجامعة العربية بالتنسيق مع دولة قطر ومن ثم توسعت لينظم إليها الاتحاد الإفريقي وأصبحت مبادرة عربية افريقية، مشيرا إلى أن اللجنة تسعى إلى إقناع جميع الأطراف بهذه المبادرة، التي اقتنع بها تسعة من أعضاء المجلس، فيما تبقى الأطراف الأخرى إما متحفظة أو رافضة لها ولذلك تبقى مهمة اللجنة، خلق مناخ توافقي لقبول هذه المبادرة العربية الإفريقية.