اتهم وزير الخارجية مراد مدلسي جهات أجنبية تقف وراء التفجيرات التي شهدتها الجزائر مؤخرا بعدما أكد أن سياسة المصالحة الوطنية أدت إلى توبة الآلاف من الشباب المغرر الذين استفادوا من الإجراءات التي تضمنها الميثاق من أجل السلم والمصالحة، داعيا الأممالمتحدة إلى مراجعة نظامها الأمني على خلفية الاعتداء الذي هز مبناها بالعاصمة، وفي سياق آخر، اعتبر مدلسي مشكلة الصحراء سبب عدم تطبيع العلاقات مع المغرب، مشيرا إلى أنه سيتم تعيين الوسيط الأممي الجديد قريبا جدا. قال مدلسي في حوار أجرته معه " الشرق الأوسط" بمقر الأممالمتحدة على هامش أعمال دورة الجمعية العامة الثالثة والستين إن "المصالحة الوطنية منحت الفرصة للجميع ليندمجوا في المجتمع ويعودوا إلى ذويهم"، وسجل عودة الآلاف من الذين كانوا يحملون السلاح إلى أهاليهم مع الاستفادة من حقوقهم كاملة، مشيرا إلى أن العمليات الإرهابية التي شهدها الجزائر في الفترة الأخيرة كانت من تنفيذ عناصر غير جزائرية، وأوضح أن منفذي التفجيرات ممولين من جهات خارجية، معتبرا الإرهاب مشكلة خارجية و ليس أمراً داخلياً، ليضيف أن الجزائر تمكنت من حل الإرهاب الداخلي. وأكد الوزير أن تنظيم "القاعدة" يستهدف الجزائر وأماكن متعددة في العالم، مطالبا بإيجاد حل جذري لظاهرة الإرهاب، معتبرا أن المشاكل التي تعرفها منطقة الشرق الأوسط والعراق وأفغانستان تساهم في تغذية الإرهاب في العالم، داعيا إلى ضرورة حل هذه القضايا السياسية في الشرق الأوسط وفي العراق وفي أفغانستان. وبخصوص الاعتداء الإرهابي الذي استهدف مبنى ممثلية الأممالمتحدة بحيدرة نهاية العام الفارط، أوضح وزير الخارجية أن الجزائر ساعدت اللجنة الأممية وقدمت لها المعلومات اللازمة لإعداد تقريرها، وأكد أن السلطات الجزائرية لم تحشر نفسها في صياغة هذا التقرير، داعيا المنظمة الأممية إلى مراجعة نظامها الأمني، خاصة في الأماكن والمواقع المسؤولة عنها، مضيفا أن المنظمة تحتاج إلى قرارات جديدة من الجمعية العامة لتمويل الإجراءات الأمنية الجديدة لحماية مواقعها. "تناقض مواقف فرنسا والولايات المتحدة حول الصحراء الغربية خطير جدا"استعرض مدلسي السياسة الخارجية للجزائر حول عدة ملفات دولية، وقال فيما يتعلق بملف الصحراء الغربية إن قرار تعيين المبعوث الجديد سيتم الإعلان عنه في وقت قريب جداً خلال الأيام القادمة، داعيا إلى التعجيل بتنصيب الوسيط الأممي لاستئناف الجولة الخامسة من المفاوضات المباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو. ووصف وزير الخارجية العلاقات الجزائرية المغربية ب"الطيبة"، إلا أنه اعتبر موقف المغرب من قضية الصحراء الغربية غير مشجع لحل المشاكل بين الجزائر والمغرب، ودافع عن موقف الجزائر الذي يقوم أساسا على قرارات مجلس الأمن التي تؤكد على مبدأ تقرير المصير، وعلى تمكين الشعب الصحراوي من أن يختار إما الخيار ألف أو الخيار باء، مذكرا أن جبهة البوليساريو مستعدة للدخول في مفاوضات على قاعدة هذه الأسس. وذهب ممثل الدبلوماسية الجزائرية إلى حد التأكيد أن المشكلة تتمثل في إصرار المغاربة على الخيار القائم على الحكم الذاتي، معربا عن أمله في تبني الحكومة المغربية مواقف إيجابية مستقبلا، مشيرا إلى أن الجزائر تشجع أي طرف يسعى لإيجاد حل للصحراويين يمكنهم من اتخاذ قرارهم بأنفسهم بحرية تنفيذا للقانون الدولي. واعتبر الوزير مواقف فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية حول القضية الصحراوية متناقضة مع قرارات مجلس الأمن، واصفا هذه التناقضات ب"الخطيرة جدا"، موضحا أن عدم تطبيق خطة التسوية الأممية القائمة على الاستفتاء يعكس عدم وجود آلية للقضية الصحراوية قابلة لحل المشاكل على غرار قضية الشرق الأوسط وقضية فلسطين، متسائلا عن عدد القرارات التي اتخذت على مستوى مجلس الأمن ولم يتم تطبيقها. وتوقع وزير الخارجية جولة قادمة من المفاوضات قبل نهاية هذه السنة بعد أن يعلن الأمين العام للأمم المتحدة عن تعيين مبعوثه الجديد، الذي سيقوم حسبه بجولة إلى المنطقة للتشاور. "الاتحاد من أجل المتوسط يسير بطريقة تدريجية من الناحية النظرية فقط" أرجع الوزير قرار إلغاء اجتماع وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي مع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط على هامش أعمال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى عدم برمجته وعدم حضور بعض الوزراء، مضيفا أن هذا الاجتماع لم يكن مخططا له، موضحا أن فكرة الاجتماع جاءت بصورة تلقائية، مؤكدا أن التنسيق موجود خاصة من قبل العرب الذين هم أعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط. وقال مدلسي إن الاتحاد المغاربي يريد من دول المتوسط تعاون صحيح ونقلة نوعية وليس خطابا سياسيا عن طريق مشاريع ملموسة، وأضاف أننا وجدنا أنفسنا دون الإمكانيات لتلبية مثل هذه الإرادة بصفة سريعة، مؤكدا أن دول اتحاد المتوسط لا تملك الميزانية خاصة وأن ميزانية الاتحاد الأوروبي حتى عام 2013 لم تدرج مشروع الاتحاد من أجل المتوسط، وهي غير واردة، معتبرا أن مشروع الاتحاد من أجل المتوسط يسير بطريقة تدريجية من الناحية النظرية فقط. وفيما يتعلق بالملف الفلسطيني، انتقد مدلسي موقف إسرائيل غير الواضح من منهج المفاوضات، و قرارات توسيع المستوطنات، وأوضح أن اللجنة الوزارية العربية في ظل هذه الظروف الراهنة تسعى إلى الحوار من أجل ضمان استمرار المفاوضات سواء مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة أو مع الإدارة الأميركية القادمة إلا أنه أكد أن استمرار المفاوضات يجب أن لا تكون على حساب الفلسطينيين ووحدة ترابهم، داعيا إلى ضرورة مرافقة الدور الأميركي بأدوار الأطراف الأخرى لدعم جهود مسيرة السلام والتمكن من فرض على إسرائيل احترام التزاماتها والتزام الدول القريبة منها. "محاكمة رئيس دولة من قبل محكمة دولية أمر غير مقبول" ذكر الوزير أن صدور مذكرة اعتقال بحق الرئيس البشير مسألة مرفوضة من قبل المجموعة الإفريقية ومن قبل المجموعة العربية والإسلامية وحتى من قبل دول مجموعة عدم الانحياز، معتبرا محاكمة رئيس دولة من قبل محكمة دولية أمر غير مقبول من حيث المبدأ. وأكد مدلسي على ضرورة الحل السياسي لقضية دارفور، وذكر أن اللجنة الوزارية عقدت ثلاث اجتماعات في نيويورك، مشيرا إلى أن اللجنة ستواصل عملها منطلقة من خلال الربط بين الحل السياسي لدارفور والقضية التي تثيرها المحكمة الجنائية الدولية، قائلا إنه "لا يمكن التوصل إلى حل سياسي وفي الوقت نفسه يبقى الرئيس البشير ملاحقاً من قبل المدعي العام للمحكمة لويس أوكامبو هذا أمر يبدو غير ممكن"،واعتبر الرئيس البشير ركيزة للحل السياسي، مطالبا مجلس الأمن اتخاذ قرار لتأجيل صدور مذكر الاعتقال لمدة سنة. وكشف الوزير أن هناك حوالي تسعة من أعضاء المجلس اقتنعوا بهذه المبادرة، متوقعا صدور قرار بتوجيه مذكرة لاعتقال الرئيس البشير بعد شهرين.