بلهجة تصالحية مغايرة تماما لسابقاتها دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس، مساء أول أمس، إلى "تضامن صادق" بين بلاده والجزائر ومواصلة العمل سوية بصدق وحسن نيّة لخدمة القضايا المغاربية والعربية. وشدّد الملك المغربي في خطابه السنوي الذي ألقاه بمناسبة ذكرى "الملك والشعب" على أهمية "التضامن" بين المغرب والجزائر من أجل مواجهة مختلف تحديات التنمية وتلك المتعلقة بالأمن في المنطقة، في دعوة غير مباشرة باتجاه القيادة الجزائرية لفتح صفحة مبنية على التعاون الصادق والعمل الجاد خدمة لشعبي البلدين وكل شعوب المنطقة. واستهل خطابه باستحضار التضامن بين قيادات المقاومة المغربية وجيش التحرير الجزائري في مكافحة المستعمر أواسط القرن الماضي. مضيفا لقد ساهمت تلك الانتفاضة وذلك التضامن في إعادة الروح للثورة الجزائرية. كما كان للبلدين دور كبير في تحرير واستقلال إفريقيا، وما أحوجنا اليوم في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها الشعوب العربية والمنطقة المغاربية لتلك الروح التضامنية لرفع التحديات التنموية والأمنية المشتركة". وواصل الملك محمد السادس، بنفس لهجة المهادنة بالقول "إننا نتطلع لتجديد الالتزام والتضامن الصادق الذي يجمع على الدوام الشعبين الجزائري والمغربي لمواصلة العمل سويا بصدق وحسن نيّة، من أجل خدمة القضايا المغاربية والعربية ورفع التحديات التي تواجه القارة الإفريقية". وجاء خطاب العاهل المغربي هذه المرة على عكس خطاباته السابقة التي عادت ما كانت تتميّز بلهجة تصعيدية ضد جارته الشرقية بتحميلها مسؤولية مختلف المشاكل والأزمات التي تتخبّط فيها مملكته. وهو ما يطرح التساؤل حول سبب هذا التغيّر وما إذا كان الملك المغربي يريد فعلا مد يد التعاون والتضامن مع الجزائر بإرادة ورغبة صادقة. كما جاء بالتزامن مع رسالة التهنئة التي وجهها أول أمس، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، للعاهل المغربي بمناسبة ذكرى عيد ثورة الملك والشعب وعيد الشباب والتي جدد من خلالها الرئيس بوتفليقة، عزمه الثابت للعمل على تعزيز العلاقات بين البلدين.والمؤكد أن الطرف المغربي ومن أجل تأكيد إرادته الصادقة سيكون مطالبا بترجمة أقواله على أرض الواقع بما يثبت حسن نواياه من خلال الكف عن التحامل على الجزائر في كل مشكلة صغيرة أو كبيرة تعترضه. ولأن القضية الصحراوية تبقى نقطة الخلاف المحورية في العلاقات الجزائرية المغربية فعلى المغرب الانصياع للشرعية الدولية بالقبول بتسوية سلمية لهذه القضية التي تصنّفها الأممالمتحدة في خانة الأقاليم التي لا تزال تنتظر تصفية الاستعمار وحلّها لن يتم إلا عن طريق تنظيم استفتاء حر ونزيه يسمح للشعب الصحراوي بتقرير مصيره. والمؤكد أن حل هذه القضية سلميا سيفتح الباب أمام تسوية عدة مشاكل، وستفتح آفاق تعاون أوسع ليس فقط بين الجزائر والمغرب بل بين بلدان وشعوب المنطقة في ظل احترام مبادئ حسن الجوار واحترام الحدود التي تنص عليها كل القوانين والشرائع الدولية.