تتواصل بقصر الثقافة «عبد الكريم دالي» بالمنصورة بتلمسان إلى غاية 29 ديسمبر الجاري، الفعاليات الموسيقية «حضرة أندلس تلمسان»؛ تكريما لأحد رموز الأغنية الأندلسية الشيخ «العربي بن صاري» في ذكرى وفاته 54. تنشط التظاهرة 16 جمعية موسيقية من مختلف ولايات الوطن. كما تعرف تنظيم عدة مداخلات ومحاضرات حول تاريخ الموسيقى الأندلسية ينشطها أساتذة ومختصون، منهم الباحث عبد القادر بن دعماش، الذي قدّم محاضرة قيّمة بعنوان «من الزجل إلى الملحون مسار شعري بامتياز»، حيث استهل الدكتور محاضرته بالتذكير بأهمية كل المبادرات الهادفة إلى المحافظة على التراث سواء المادي أو اللامادي؛ كونه يعكس هوية الجزائر في عمقها الحضاري، ومن ثم ضرورة الحفاظ على كل المعالم التي تجسده. من الرجال الذين حافظوا على هذا الإرث نجد الشيخ العربي بن صاري. كما كانت المناسبة فرصة لاستعراض مسار تراث الزجل وعلاقته بالشعر والقصيدة الشعرية والصوفية. الشعر الشعبي تحوّل بعد عدّة مراحل إلى القوّال، ثم الكلام، فالقصيدة، وأخيرا الشعر الملحون في القرن 16. وقد دافع الأستاذ عبد القادر بن دعماش في ختام محاضرته، عن هذا التراث؛ لأنه يعبّر عن الشخصية والهوية الجزائرية، وبالتالي وجوب المحافظة عليه. من جهته، تناول الدكتور يحيى الغول الباحث والمختص في التراث الثقافي والأندلسي ومؤسس الجمعية الثقافية «نسيم الأندلس» بوهران في محاضرته بعنوان «مصطلح الغرناطي في التراث التلمساني»، إشكالية أصول مصطلح «غرناطي» المستعمل خلال الآونة الأخيرة في الموسيقى الأندلسية، والتي أرجعها البعض لأصول غرناطية، والتي تطرق لها، مبرّرا كلامه بأرشيف وثائقي موسيقي لدى كبار شيوخ الطرب الأندلسي، أمثال الشيخ العربي بن صاي وغيرهم الذين تبين غياب استعمالهم التام تسمية الغرناطي، وبالتالي تبقى تسمية غرناطي تواجه انتقادات كثيرة لدى الخبراء والباحثين في مجال الموسيقى الأندلسية في مدينة تلمسان، وكذا رفض إدراج المصطلح في هذا التراث، خاصة من قبل أهل الصنعة.ولقيت المحاضرتان إقبالا كبيرا من الجمهور وأهل الفن، كما تم تنظيم العديد من السهرات التي نشطتها مختلف الجمعيات الفنية، واستمتع بها عشّاق الأغنية الأندلسية كجمعية «محمد الرايس» ببجاية والجمعية الثقافية «غرناطة»بتلمسان، والجمعية الثقافية الأندلسية لسيدي بلعباس والجمعية الثقافية «الغرناطية» لتلمسان.