أكد حافظ الدين منصوري، مدير مكتب الدراسات في ميدان الأمن الغذائي والمحيط، أن المخابر الغذائية المختصة في رقابة نوعية ما تنتجه مصانعنا، أصبحت تخضع لصرامة القانون الذي يمنع منعا باتا الترويج لمنتجات تحمل مضافات غذائية؛ من ملونات ومواد حافظة مصنفة عالميا على أنها سموم، مضيفا أن مواكبة تلك الأحكام حدّت من تجاوزات المصنّعين، داعيا في نفس الخصوص، إلى انتهاج «الرقابة الذاتية» لما نستهلكه؛ لأنه رغم قلة نسب تلك المضافات المستعملة في منتجاتنا إلا أنها خطيرة على الصحة على المدى البعيد. ملونات، مواد حافظة أو مثبتات الذوق كلها مواد نجدها في منتجاتنا الاستهلاكية المغلّفة والمعلّبة، والتي تصل إلى صحوننا على شكل أغذية تثيرنا ألوانها أو مذاقها، إلا أنها تحتوي تركيبات كيماوية لم يحترم بعض منتجيها الجرعة التي تسمح بها الهيئات العالمية للصحة، والتي يُعدّ تعدّيها خطرا كبيرا على صحة المستهلك. منتجات يُشتبه في أنها السبب وراء بعض الأمراض؛ كالسمنة، اضطرابات تنفسية وطفحات جلدية. كما تم إثبات عوارض أكثر خطورة؛ كونها السبب الحقيقي وراء العديد من الأمراض «القاتلة» كالسرطانات بأنواعها. تحتوي المواد الغذائية التي نستهلكها يوميا على العديد من الملونات، بعضها طبيعية والأخرى كيماوية، وبات صنّاع المنتجات الغذائية يرفقونها بذوق المنتج، مما يوهم المستهلك أنها طبيعية، فتلك المنتجات تجذب أكثر المستهلك إذا ما كانت ألوانها توحي بفاكهة أو عشبة أو مذاق معيّن، فمثلا عصير البرتقال باهت اللون «طبيعيا» لا يجذب المستهلك أكثر مما يفعله المنتج الذي أضيف إليه «الصبغة البرتقالية» الغامقة، التي تعطي لون حبة البرتقال الطبيعية. لكن الأسئلة التي تطرح نفسها: ماذا نأكل؟ وكيف نختار أغذيتنا؟ وما هي الجرعة المسموح باستهلاكها؟ والسؤال الأكثر أهمية: أين نجد تلك الملونات والمثبّتات والمواد الحافظة والمنكهات الاصطناعية؟ للإجابة عن هذه الأسئلة نزلت «المساء» إلى الميدان لتقريب صورة «مخاطر تلك المواد» من المستهلك. الموضوع أثار العديد من التساؤلات بين مختلف المختصين في الطب والكيمياء من مختلف دول العالم، التي اهتم بها البعض عن طريق إجراء تحاليل بحثية وأيام دراسية. وأصدر عنها العديدون كتبا تتناول وقع تلك المنتجات الغذائية على المستهلك «الحديث»، الذي رحب بالتكنولوجيا بكل ما فيها من مزايا ومخاطر لا تُعد ولا تحصى، انعكست على صحته وصحة أطفاله. الملوّنات والمثبّتات الغذائية.. في هذا الخصوص، قال المختص منصوري إنه لا يمكن لأحد أن ينكر انعكاس تلك الألوان على شهية المستهلك، حيث إن المنتج نجح بتلك الوسيلة في استقطاب الفرد من خلال الصبغات التي تلعب دورا كبيرا في نفسية الشخص، وتدفعه إلى اقتناء منتجات يجهل محتواها أو المواد المصنوعة منها، أغلبها ملونات صنفتها الهيئات العالمية للصحة ضمن القائمة «السوداء» للمنتجات الخطيرة على الصحة، إلا أنها اليوم أصبحت في مختلف ما نستهلكه، كالحلويات، العصائر، المشروبات الغازية، مشتقات الحليب كالياغورت، الكاشير بأنواعه، الأدوية، وغيرها من المواد التي تصل بصفة تقريبا يومية، إلى موائدنا وصحوننا، نستهلكها بشراهة بسبب المثبّتات التي تُعد مواد كيماوية تضاف للمنتج لتعزيز ذوقه أو إعطائه ذوقا، مثلا الفاكهة التي تدعي أنها تحتويها، تمنح المستهلك الإحساس بالرضا عما يتناوله.. لكن هنا يضيف المتحدث أنه لا بد على المستهلك من تبني ثقافة استهلاكية رشيدة؛ فرغم وجود القوانين والمخابر إلا أن بعض المنتجات لا تخضع للرقابة المدققة؛ ما يجعلها تصل بكل سهولة إلى صحوننا.. المواد الحافظة هل تحفظ صحتنا؟! من جهة أخرى، قال مدير مكتب دراسات الأمن الغذائي إن المواد التي نستهلكها يوميا تحتوي على منتجات أقل ما يمكن القول عنها إنها خطيرة، حيث تعمل تلك المواد كما يشير إليها اسمها، على تمديد عمر المنتج، وتعطيه إمكانية إنتاج مواد استهلاكية بضمان مدة صلاحية طويلة، ونجد تلك المواد في غالبية منتجاتنا المعلّبة والمغلّفة، كالمشروبات، المنتجات المخللة، جميع الأغذية المعلّبة والمغلّفة، المكسرات، مواد التجميل، الحلويات، المربى، وغيرها، وهي مواد تمنع عملية التأكسد، وتمنح بذلك مدة عمر أطول للمنتج. إشهارات كاذبة للترويج للسموم «جميع الوسائل متاحة لاستقطاب الزبون» هو شعار العديد من المنتجين الذين يلجأون إلى مختلف السبل للترويج لبضاعتهم وجعلها تتصدر قائمة ما يستهلكه الفرد، واستعانوا بالتكنولوجيا لإخفاء الوجه الحقيقي الخطير لتلك المواد، ولم يكتفوا بذلك، بل قدموها على أنها مفيدة لصحته وغير خطيرة، موهمين المستهلك بأن ما يصل إلى مائدته يوميا تقريبا، غني بمواد مفيدة لصحته. وبعد كشف حقيقة الملونات الغذائية أو المثبتات أو المواد الحافظة بحث المنتجون عن وسيلة أخرى للترويج لمنتوجاتهم، والمحافظة على زبائنهم، فادعوا خلوّها من أي منتج كيماوي في خطورته على الصحة، وهي حقيقة تكشفها العديد من الهيئات العالمية المختصة في السلامة الغذائية، لتصدر في كل مرة قائمة للمنتجات «العالمية» التي تحتوي على مكونات خطيرة، لكن من يكشف خطورة المنتجات «المحلية» المباعة اليوم في أسواقنا والتي استورد منتجوها الفكرة بدون استيراد الرقابة المستمرة؟.. في هذا الخصوص أماط حافظ الدين منصوري، الستار عن تلك الحقيقة قائلا: «إن إفريقيا تحصي مصنّعين فقط بهما مخبران قادران على إنتاج مواد بدون مضافات غذائية، أحد تلك المصانع في جنوب إفريقيا، والثاني في الجزائر، حيث يقوم هذان المصنعان المعروفان بعملية التهطير وفق معايير وتقنيات كيماوية، تسمح بتعليب المنتج بطريقة تمكّنه من الحفاظ على المنتج بدون أي مضافات، مع المحافظة على قيمته الغذائية. والمخبر الموجود بالجزائر تابع للعلامة التجارية «إيفري» المختصة في تصنيع المشروبات والعصائر، لكن باقي المنتجات لا تخضع مطلقا لتلك المعايير، فمختلف الدعايات التي تطلقها عن خلوّها من الملونات والمواد الحافظة هي إشهارات كاذبة، يدّعيها المنتج فقط للترويج لمنتجاته.