عاشت ولاية الجزائر أمس، عرسا احتفائيا كبيرا، بمناسبة الذكري ال 55 لعيدي الاستقلال والشباب، امتزج فيه عبق التاريخ وأمجاد الثورة ونسمات فرحة الانعتاق، ورسمت فيه الوفود الاستعراضية المشاركة لوحات ثقافية واجتماعية وتاريخية اختصرت الموروثات والكنوز المادية والبشرية التي تزخر بها الأمة الجزائرية، وتحولت شوارع العاصمة إلى ملتقى التقاليد والطبوع الضاربة في مختلف جنبات الوطن، حضرها أعضاء من الحكومة وممثلون عن الأسلاك النظامية وسفراء وشخصيات تاريخية ومنتخبون. كانت العاصمة على موعد مع احتفالية ضخمة، جندت لها الولاية كل المصالح والمديريات التنفيذية واستقدمت لإنجاحه عددا ضخما من الفرسان بلغ ألف فارس يمتطون صهوة الجياد والمهاري، جاؤوا من مختلف جهات الوطن، وجندت لها 6400 مشارك من الشباب والعمال والرياضيين والفنانين، انطلقت من مقر المركزية النقابية ببلدية سيدي امحمد نحو شوارع حسيبة بن بوعلي، العقيد عميروش، زيغود يوسف، حيث جابت سيارات وشاحنات قديمة تحمل على متنها مواطنين يستعرضون ويسترجعون أجواء أولى أيام الاستقلال، يحملون الأعلام الوطنية، ويصدحون بعبارة «تحيا الجزائر» التي كانت نغمة الجزائريين حينها. وقد شدت مختلف الاستعراضات أنظار الفضوليين الذين تجمعوا على حافتي الشوارع، ونالت إعجابهم، ولم يتأخروا في التقاط صور ومقاطع فيديو للاحتفاظ بها كذكرى وترويجها في شبكات التواصل الاجتماعي. 47 فرقة فولكلورية تختصر الموروث كالعادة، حركت مختلف الألحان الموسيقية والطبوع الغنائية والرقصات الفولكلورية، وجدان الوفود الجالسة بالمنصة الشرفية التي سجل حضورها، ويتعلق الأمر بعدة وزراء ومسؤولين سامين في الدولة، وأعضاء من السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر وشخصيات تاريخية ومنتخبين. ونشط الحفل ثلاثي شاب باللغات الثلاث: العربية، الإنجليزية والفرنسية، تناسق فيها الربط التنشيطي مع فرق صوتية وأخرى نحاسية بعضها تابعة للحماية المدنية، وأخرى ارتدت الزي النظامي، وأدت أناشيد وطنية وطبوعا غنائية هادفة، وشدت استعراضات الفرق الفلكلورية أنظار الحضور ومنها العلاوي، العيساوة، أولاد نايل، الترقي، القبائلية وغيرها، وتمايلت معها أجساد بعضهم، كما صفقوا لها مرارا، ولم تنقطع بها طلقات البارود التي دوت المكان. الألبسة التقليدية ...تنوع الموروث حملت فرق الفنتازيا والفرق الفلكلورية، بصمات التنوع الثقافي والاجتماعي، وما تزخر به بلادنا من أزياء رجالية ونسائية لا تخالطها آثار الموضة الجديدة، ومنها لباس «الحايك» الذي التحفت بها بعض حرائر الجزائر، واستعرضت جمالياته أمام الحضور، وقد وقفت الشخصيات الجالسة بالمنصة الشرفية وقفة تقدير لحاملات هذا الزي التقليدي العريق الذي لا يضاهيه أي زي، رغم التقدم الذي يعرفه عالم الموديلات والتصميم، وكذلك الشأن بالنسبة للأزياء النايلية والقبائلية والسطايفية، التي جسدت التنوع الثقافي ببلادنا. الفرسان عنوان المقاومة والفنتازيا وأضفت صور الخيالة والمهاري، جانبا من التاريخ العريق لبلادنا، فالأحصنة والجمال كانت تشكل جانبا لوجستيكيا هاما خلال الثورة التحريرية، وسلاحا ضد العدو الفرنسي، وبعد أن جابت الغابات والأحراش والمناطق الوعرة وحملت على ظهورها صانعي الثورة المظفرة من الشهداء الأخيار والمجاهدين الأحرار، وكل ما يحتاجونه من مؤونة وعتاد، ها هي اليوم في ظل الاستقلال تتزين بفرسانها وتجوب شوارع العاصمة التي كانت محرمة عليهم أيام الاستعمار، وقد سار الفرسان من على ظهور الجياد والمهاري أمس في شموخ وأبهة يستعرضون مدى ارتباط المجتمع الجزائري على مختلف تقاليده وأعرافه، بأصوله التاريخية والحضارية، وأحدثت حوافر هذه الأنعام التي أتت من مختلف جهات الوطن الشاسع طقطقات تناسقت بعضها مع رنات الموسيقى الحاضرة في الحفل. الشباب حاضر والمؤسسات العمومية في الموعد ولأن العيد يخص الشباب أيضا، فإنّ هذه الفئة التي تمثل الشريحة الأكبر في المجتمع الجزائري، كانت حاضرة بقوة، وقدمت استعراضات شيقة، وسارت مربعاتها بشوارع العاصمة يمثلون مختلف الرياضات ويحملون الألوان الوطنية. كما شاركت في الاحتفالية مختلف المؤسسات العمومية التابعة لولاية الجزائر، كمؤسسات النظافة، الإنارة، الأثاث، الثقافة، المساحات الخضراء، ومختلف المديريات، كالتكوين المهني، التربية، السكن وغيرها، ورسمت مجسمات هادفة زينت بها شاحنات جابت مسار الاستعراض، وقد وقف الحضور بالمنصة الشرفية تقديرا لعمال النظافة وصفقوا لمرورهم، احتراما للمهمة النبيلة التي يقومون بها في المحافظة على البيئة وضمان طهارة المحيط. وزراء وسفراء يتحدثون عن الاحتفال ميهوبي: الاحتفال تنوّع واعتزاز بالهوية هنأ وزير الثقافة عز الدين ميهوبي الشعب الجزائري بهذا العيد الذي يعد ترجمة لتضحيات الشعب الجسام، مشيرا إلى أن ما قدّم خلال هذا الاحتفال يعكس جزائر الاستقلال والمجهودات والمنجزات التي تحققت، وهذا الاعتزاز الكبير بالهوية وكل التنوع الثقافي العريق، الذي يقدم لنا «جزائر جديدة». فاطمة زرواطي: الاحتفال يعني الاستقرار من جهتها، ذكرت وزيرة البيئة والطاقات المتجددة، فاطمة زرواطي على هامش الاحتفال أن الذكرى تذكرنا بمرور 55 سنة على تاريخ الاستقلال وأن الجزائر خلال هذه السنوات حققت إنجازات كبيرة، مؤكدة أنها رأت أشياء رائعة خلال الاستعراض، معبرة أن كل هذا التنوع يعكس الأمن والاستقرار الذي تنعم به بلادنا، بفضل العيون الساهرة المرابطة في الحدود. الدالية: الله يرحم الشهداء واعتبرت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، غنية الدالية، الحاضرة بالاحتفالية أن هذه فرصة تعد سانحة، نترحم على الشهداء الذين نعيش بفضلهم اليوم أجواء الفرحة والاحتفال. سفير فلسطين: مبروك على الجزائر وعبّر سعادة سفير فلسطينبالجزائر أنه في ظل الوضع الصعب الذي تعيشه الأمة العربية، أملنا أن نتوحد، وأن يقتدى بالثورة الجزائرية لتحقيق الأمة كرامتها وعزتها ووجودها في ظل هذا الوضع. وقال «مبروك على الجزائر انتصارها ووحدتها بأمنها بجيشها برئيسها بفصائلها باستقرارها، وأن تحقق المزيد من الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية، وإن شاء الله سنحتفل باستقلال فلسطين مثلما نحتفل باستقلال الجزائر». سفيرة الولاياتالمتحدة: «صح عيدكم» وصرحت السفيرة الأمريكيةبالجزائر جوان بولاشيك أنها مسرورة بحضورها هذا الحفل الكبير قائلة إنها تهنئ الشعب الجزائري بمناسبة عيد الاستقلال، ويشرفها أن تشارك في هذا الحفل الذي يعكس التنوع، الثقافي والاجتماعي الذي يعد مصدر قوة في البلاد، مشيرة إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تحتفل تقريبا بعد استقلالها مع الجزائر، (أي يوم 4 جويلية)، ويتقاسمان المبادئ المرتكزة على حرية الشعوب والاستقلال، التي تعد أساس العلاقة بين البلدين، قائلة بالعربية «صح عيدكم».