ففي خطاب انتظره الجميع وألقاه الرئيس الأمريكي في وقت متأخر من مساء أول أمس، اعتبر ترامب، أن انسحاب قوات بلاده السريع من أفغانستان «سيترك فراغا للإرهابيين يستغلونه». وقال إنه كان يريد في الأصل سحب القوات من هناك، لكنه قرر البقاء و»القتال من أجل الفوز»، بل وفتح الباب أمام إرسال مزيد من القوات الإضافية إلى أفغانستان، وهو الذي وعد خلال حملته الانتخابية بالانسحاب من هذا البلد. وحذّر ترامب، في خطابه الحكومة الأفغانية من أن الدعم الأمريكي الذي سيتواصل في مواجهة عناصر حركة طالبان على الأرض لن يكون «صكا على بياض»، موضحا أن «أمريكا ستواصل العمل مع الحكومة الأفغانية طالما أننا نرى عزما وتقدما، لكن التزامنا ليس بلا حدود... الأمريكيون يريدون رؤية إصلاحات حقيقية ونتائج حقيقية». وبينما طالب ترامب، من الجارتين الهندوباكستان التي دعاها إلى الكف عن إيواء «الإرهابيين» التعاون معه في أفغانستان، برر تغيير موقفه بأنه وبعد دراسته للوضع الأفغاني من كافة الزوايا توصل إلى أن الانسحاب سيؤدي إلى فراغ يستفيد منه الإرهابيون» بما يعني أن الولاياتالمتحدة ستواصل الحرب في أفغانستان. ورغم أن ترامب، رفض كشف خطته العسكرية حيث قال إنه لن يتحدث عن عدد الجنود بحجة أن «أعداء أمريكا لا يجب أن يعرفوا مشاريعنا أبدا»، فإن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، أكد أنه سيتم تعزيز القوات على الأرض. وقال إنه سيتشاور مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي وحلفاء الولاياتالمتحدة الذين تعهد الكثير منهم بزيادة عديد الجنود. وأثار قرار الرئيس الأمريكي بمواصلة الحرب ردود فعل أفغانية متباينة، حيث رحبت به كابول لكن رفضته حركة طالبان التي توعدت بجعل أفغانستان «مقبرة» للولايات المتحدة. وقال الرئيس الأفغاني أشرف غاني، إنه «ليوم تاريخي بالنسبة لنا أن تظهر أمريكا بأنها معنا بدون تحديد ذلك زمنيا»، قبل أن يوجه رسالة باتجاه حركة طالبان مفادها بأنها لن تربح هذه الحرب لكنه أبقى على أبواب المفاوضات والسلام مفتوحة. وعلى نقيض تصريح الرئيس الأفغاني، جاءت ردة فعل طالبان كالعادة رافضة للتواجد الأمريكي، حيث هدد المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد، في بيان أمس، بأنها ستواصل «الجهاد» إلى غاية آخر جندي أمريكي على الأراضي الأفغانية. ولكن باكستان التي اتهمها الرئيس الأمريكي بإيواء «الإرهابيين» عبّرت في بيان أصدرته أمس، وزارة خارجيتها عن رغبتها في العمل مع المجموعة الدولية للقضاء على التهديد الإرهابي، بينما جدد وزير الخارجية خواجة محمد عصيف، في لقاء له أمس، مع السفير الأمريكي بإسلام آباد، رغبة باكستان في إرساء السّلم والاستقرار في أفغانستان. وشكك محللون ومتتبعون للشأن الأفغاني في قدرة الرئيس الأمريكي على تسوية المعضلة الأفغانية وحذّروا من أن قراره يعني إطالة أمد الحرب، بل أكثر من ذلك الزج بأفغانستان المنهكة أصلا بسنوات طويلة من الحرب ومؤسسات ضعيفة ينخرها الفساد في حرب بلا نهاية. واستنادا إلى مسؤولين كبار في البيت الأبيض فإن ترامب، سمح لوزارة الدفاع بنشر ما يقارب إلى 4 آلاف جندي يضافون إلى 8 آلاف جندي لا يزالون منتشرين في أفغانستان.