بمنطق سياسة العصا والجزرة بقيت مواقف إدارة الاحتلال الإسرائيلي تتلاعب بمشاعر الفلسطينيين، تتعمد انتهاج سياسة التقتيل والاغتيالات الجماعية والغلق والحصار المتواصل أحيانا وبين التظاهر حينا بمظهر الراغب في تحقيق السلام. فبعد أسبوعين من حصار إجرامي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة وعمليات اغتيال ممنهجة، قبل الوزير الأول المقال ايهود اولمرت أمس الجلوس إلى طاولة التفاوض مع الرئيس محمود عباس بالقدسالغربيةالمحتلة وإعلانه إطلاق سراح 250 أسير فلسطيني. وتزامنا مع هذا اللقاء أعادت إدارة الاحتلال أمس فتح المعابر المغلقة والسماح بوصول مساعدات إنسانية دولية من مواد غذائية وأدوية على متن 33 شاحنة بعد أسبوعين من حصار مقيت ضد المدنيين بدعوى الرد على إطلاق المقاومة الإسلامية لصواريخ القسام على أهداف المستوطنين اليهود في مدن جنوبفلسطينالمحتلة. ولسنا ندري ما إذا كان القرار الإسرائيلي بإعادة فتح المعابر وإطلاق سراح هذا العدد الرمزي من الأسرى جاء بسبب لقاء أولمرت عباس أم أنه بسبب الضغوط الدولية، التي دقت جميعها ناقوس الخطر من كارثة إنسانية وشيكة الوقوع في قطاع غزة الذي أصبح سكانه يعيشون في شبه سجن كبير ميزته الأساسية انعدام كل شيء من مستلزمات الحياة. بل أن الانزلاق العسكري الأخير الذي تسببت فيه عمليات الاغتيال الإسرائيلية التي استهدفت عناصر المقاومة منذ بداية الشهر الجاري وخلفت استشهاد 15 مقاوما جعلت إدارة الاحتلال تخشى انهيار هدنة هشة بينها وبين حركة المقاومة الإسلامية " حماس". ويكون هذا التخوف هو الذي دفع بالوزير الأول الإسرائيلي إلى عقد لقاء مع الرئيس محمود عباس في مسعى لإنقاذ هذه الهدنة المتوصل إليها قبل ستة أشهر. وهو الأمر الذي لم يخفه ياسر عبد ربه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي أكد أن اجتماع الرئيس الفلسطينى ورئيس الحكومة الإسرائيلية في القدسالغربية يأتى "من أجل التأكيد على ضرورة الإبقاء على التهدئة في قطاع غزة وإنهاء الوضع المأساوي الذي يعيشه أبناء القطاع" جراء الحصار الاسرائيلى المتواصل. وقال عبد ربه أن "إسرائيل تواصل عمليات قتل واغتيال فى القطاع أسفرت عن مقتل وجرح العشرات، وهو الأمر الذي جعل من الأهمية عقد هذا الاجتماع مع أولمرت". ووصف التصريحات التي أطلقها عدد من مسؤولى الفصائل الفلسطينية بانتهاء التهدئة بأنها "غير مسؤولة"، وتأتي "على حساب الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وأن هذه التصريحات تخدم فقط دعاة الحرب في إسرائيل من أمثال الوزير الإسرائيلى شاؤول موفاز والذين يطالبون بمهاجمة القطاع". وأشار إلى أن "ما تردد من أنباء في إسرائيل بشأن خطط لمهاجمة القطاع شكل حافزا آخرا للقيادة الفلسطينية للقاء أولمرت من أجل إثارة ما نقل عنه من تصريحات، والتي سيجرى مناقشتها مع جهات دولية معنية بما يدور على الساحة الفلسطينية". وقررت إدارة الاحتلال أمس إطلاق سراح 250 أسير فلسطيني بمناسبة عيد الأضحى المبارك يوم الثامن من الشهر القادم في مسعى لا يعدو أن يكون مجرد ذر للرماد، على اعتبار أن ما يطالب به الفلسطينيون هو إطلاق سراح ما يفوق 11 ألف أسير يقبعون في سجون ومعتقلات الاحتلال بأحكام جائرة. وتطالب حركة المقاومة الإسلامية حماس التي دخلت في مفاوضات غير مباشرة مع إدارة الاحتلال عبر البوابة المصرية من أجل إطلاق سراح حوالي ألف أسير فلسطيني مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الأسير لدى الحركة منذ جوان 2006. وقالت مصادر فلسطينية ممن حضرت لقاء عباس بأولمرت أن الأول طالب إدارة الاحتلال بفتح المعابر بين قطاع غزة لتمكين وصول المساعدات الغذائية إلى سكانه المحاصرين. وقد عبرت فرنسا التي تضمن الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي عن انشغالها إزاء الوضع الإنسانى المتدهور الذي يعانيه المدنيون الفلسطينيون في قطاع غزة. ودعا مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فريدريك ديزانيو، السلطات الإسرائيلية إلى رفع الحصار عن قطاع غزة وإعادة فتح نقاط العبور والسماح باستئناف إيصال الوقود والمواد الإنسانية. ومن جهة أخرى اجتمع الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بالعاصمة السورية دمشق برئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية خالد مشعل لبحث مستجدات الوضع على الساحة الفلسطينية. وتمحورت مباحثات موسى ومشعل حول الوضع الفلسطيني والخلاف الفلسطيني الفلسطيني وحالة الانقسام الراهنة وأهمية الحوار الوطني الفلسطيني حفاظا على القضية الفلسطينية. وقال عمرو موسى أن" الكل مسؤول عما تتعرض له القضية الفلسطينية وأن المستفيد الوحيد هو إسرائيل" مؤكدا أن حركة حماس ليست الطرف الوحيد المسؤول كما هو الأمر بالنسبة لحركة فتح أيضا فالكل يتحمل المسؤولية بذات الدرجة.