مازالت الأزمة السياسية اللبنانية تراوح مكانها بعد فشل أطرافها في التوصل إلى نقطة إلتقاء توفيقية بين وجهات نظرهم لانتخاب رئيس جديد وإخراج البلاد من حالة الفراغ الذي تعيشه بشغور منصب رئيس الجمهورية منذ نهاية ولاية الرئيس السابق إميل لحود في 24 نوفمبر الماضي· وتم أمس وللمرة السابعة على التوالي إرجاء جلسة التصويت التي كانت مقررة لانتخاب رئيس جديد للبلاد إلى يوم الثلاثاء القادم، بسبب غياب التوافق بين الأغلبية الحاكمة والمعارضة حول التعديل الدستوري الذي يمكن المرشح الوحيد للرئاسيات قائد الجيش الجنرال ميشال سليمان من تولي منصب الرئاسة·وصاحب عملية إرجاء الجلسة تصريحات متناقضة من قبل نواب المعارضة والموالاة مما يبقي الغموض قائما حول عملية انتخاب الرئيس الجديد· وفور الإعلان عن التأجيل أكد النائب المستقل روبير غانم انه تقرر اجراء جلسة التصويت لانتخاب الرئيس الجديد وجلسة التعديل الدستوري في نفس اليوم اي الثلاثاء القادم، واعتبر ذلك مؤشرا ايجابيا لتسوية الازمة· ورغم ان قائد الجيش حظي بقبول الجانبين لرئاسة الجمهورية، إلا أن المعارضة اشترطت إحداث تفاهم سياسي قبل اجراء أي تعديل دستوري لتعبيد الطريق امام انتخاب قائد الجيش·وطالب زعيم التيار الحر العماد ميشال عون المتحالف مع حزب الله برئيس وزراء تتفق عليه كل الأطراف، كما ربط دعمه لانتخاب سليمان بتلبية سلسلة شروط تضمن مشاركة متوازنة في الحكم تعكس حصته في الحكومة الجديدة حجم كتلته البرلمانية التي تعد أكبر كتلة مسيحية في مجلس النواب· ويمنع الدستور اللبناني المسؤولين السامين في الدولة من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية إلا إذا كانوا قد استقالوا من المنصب قبل عامين من موعد الانتخابات· ويتطلب إجراء التعديل الدستوري الذي يمنح لهؤلاء الموظفين الحق في الترشح عرض الحكومة لمشروع قانون في هذا الخصوص على البرلمان للمصادقة عليه أو قيام النواب بإعداد نص قانون يصادق عليه البرلمان ثم الحكومة وهما الخياران اللذان ترفضهما المعارضة بمبرر أن حكومة السنيورة فاقدة للشرعية منذ استقالة غالبية وزرائها منذ أزيد من عام· وعلاوة على مسألة تعديل الدستوري فإن خلافات أخرى طفت على السطح بين الطرفين تتعلق بمرحلة ما بعد انتخاب الرئيس الجديد وتشكيل الحكومة الجديدة، حيث اشترطت المعارضة بقيادة حزب الله ضرورة تقديم نظرة واضحة على عدد وطبيعة الحقائب الوزارية التي ستكون من نصيبها في الحكومة المقبلة· وكان لبنان شهد تحركات دبلوماسية مكثفة لكنها باءت بالفشل قادها وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير الذي أجرى عدة لقاءات مع مختلف المسؤولين اللبنانيين في محاولة لتقريب وجهات النظر وعقد جلسة البرلمان في موعدها المحدد قصد إنهاء الأزمة واخراج البلد من حالة الفراغ الدستوري التي دخلت اسبوعها الثالث· من جهته دعا الامين العام الامم بان كي مون الفرقاء اللبنانيين الى ترك خلافاتهم السياسية جانبا من اجل انتخاب رئيس جديد للبلاد· وقال بان كي مون انه "حان الوقت كي يظهروا صفاتهم كرجال دولة" في اشارة الى الخلافات السياسية حول تشكيل الحكومة المقبلة·واضاف الامين العام الأممي "أحثهم فعلا على التمسك بهذه المسألة الملحة وهي انتخاب رئس جديد للجمهورية"، مشيرا إلى أن الفراغ الدستوري لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية·