ازداد الوضع السياسي في لبنان تأزما في ظل استمرار مسلسل إرجاء جلسات التصويت لانتخاب رئيس جديد لهذا البلد الذي بقي بدون رئيس منذ أزيد من ثلاثة أشهر بسبب اتساع هوة الخلاف بين فرقاء الأزمة اللبنانية·وأصبح التشاؤم السمة الغالبة على الوضع السياسي العام في هذا البلد بعد أن تم تأجيل وللمرة الخامسة عشرة على التوالي جلسة لنواب البرلمان كانت مقررة أمس لاختيار خليفة للرئيس السابق إيميل لحود المنتهية عهدته نهاية نوفمبر الماضي· وتؤكد مؤشرات هذا الإنسداد بأن احتواء هذا المأزق السياسي ليس ليوم غد وأن استمرار حالة الاحتقان بين الأطراف المتخاصمة يمكن أن يقود هذا البلد إلى مصير مجهول· وأعلن نبيه بري رئيس المجلس النيابي تأجيل جلسة أمس لغاية ال 11 مارس المقبل، مبررا ذلك بضرورة منح المزيد من الوقت للأمين العام للجامعة العربية لمواصلة مساعيه وعلى أمل تذليل آخر العقبات قبل التوصل إلى انتخاب رئيس جديد للبلاد لإخراج لبنان من حالة الفراغ الرئاسي التي يشهدها منذ ثلاثة أشهر· ولكن هذا الأمل يبقى مجرد أمل بعد فشل المساعي العربية بقيادة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ضمن جولاته المكوكية إلى العاصمة بيروت في حمل الفرقاء اللبنانيين على التوصل إلى أرضية توافقية حول نقاط الخلاف الرئيسة والمتعلقة بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية· ورغم أن موسى تمكن مرة ثانية من جمع قوى الأغلبية والمعارضة في لقاء رباعي أول أمس خلال 24 ساعة في لقاء حضره عن جانب أحزاب الموالاة النائب سعد الحريري والرئيس الأسبق أمين جميل ومن جانب المعارضة النائب ميشال عون زعيم كتلة التغيير والإصلاح، إلاّ أن ذلك لم يكن كافيا لإذابة الجليد العالق بين الطرفين· وأقر المسؤول العربي بفشل اللقاء وقال أن الجانبان لم يتمكنا من التوصل الى اتفاق حول تركيبة الحكومة المقبلة والتي تعتبر جوهر المشكلة· وأضاف أن هناك ضمانات أعطيت وضمانات لم يتم الاتفاق بشأنها وأن توزيع الحقائب الوزارية في الحكومة المقبلة من بين أهم العقبات· وكان موسى حل بالعاصمة بيروت الأحد الأخير في رابع مهمة له منذ اجتماع وزراء الخارجية العرب الاستثنائي الشهر الماضي والذي تبنى مبادرة حل عربية تضمنت دعوة فرقاء الأزمة اللبنانيين إلى الإسراع في انتخاب قائد الجيش اللبناني الجنرال ميشال سليمان رئيسا للبلاد وتشكيل حكومة وحدة وطنية وصياغة قانون انتخابات جديد· ولكن المبادرة العربية لم تحظ باتفاق جميع الأطراف ففي الوقت الذي رحبت بها قوى الأكثرية النيابية واعتبرتها الحل المناسب للأزمة تحفظت بشأنها قوى المعارضة بعدما اعتبرتها غير واضحة وتحتاج إلى المزيد من التوضيح وهو ما جعل الأغلبية النيابية تتهم المعارضة بالعمل على إفشال المساعي العربية وإبقاء الوضع على حاله خدمة لمصالح أطراف خارجية· وأمام حالة الاحتقان المستمرة في لبنان أكد عمرو موسى على مواصلة مساعيه وقال قبل مغادرته بيروت أنه سيستمر في التعامل مع الأزمة اللبنانية من خلال إجراء اتصالات مع عدد من العواصم العربية المعنية بالمسألة اللبنانية·