قدم الدكتور سعيد بوطاجين، أستاذ بجامعة مستغانم، خلال الندوة الدولية الأولى التي خصصت لموضوع «الترجمة وممارستها بين التكوين والتحيين»، صورة قاتمة على وضعية المترجم والترجمة في الجزائر والعالم العربي، ووصفها بغير الموجودة وغير المعترف بها، بالنظر إلى التأخر الفادح في هذه المهنة على المستوى العربي، في ظل الأرقام غير المشرفة التي تقدمها معظم المؤسسات الدولية حول الترجمة بالعالم العربي. حسب الدكتور سعيد بوطاجين، فإن دراسة قدمتها «اليونسكو» العام الماضي، كشفت أن ما أنتجه العرب في مجال الترجمة مجتمعين خلال 13 قرنا، لم يتعد 10 آلاف كتاب مترجم، وهو العدد الذي تترجمه إسبانيا لوحدها خلال سنة واحدة. كما أوضح أن دور النشر العربية لم تقم خلال سنتي 2000 إلى غاية سنة 2009 سوى بترجمة 3 آلاف عنوان، وهو أقل ب660 مرة، مما يفترض أن تنتجه دور النشر العربية. أعطى بوطاجين مثلا آخر عن هنغاريا التي لا يتعدى سكانها 9.8 ملايين نسمة، وتترجم 5190 عنوانا سنويا، فيما تترجم الدول العربية البالغ تعداد سكانها 890 مليون نسمة، 44 كتابا سنويا بمعدل 2.1 كتاب لكل دولة عربية، مضيفا أن الدول العربية تترجم ما معدله 1 بالمائة فقط من حجم المصنفات الصادرة في الولاية المتحدةالأمريكية. كما أكد الدكتور بوطاجين أن الجزائر، على اعتبارها من الدول العربية، فإنها تنساق ضمن هذا التردي بخصوص الترجمة والمترجم، حيث لا تتوفر على قانون خاص بالمترجم. موضحا أنه رفقة عدد من المترجمين والأساتذة، قاموا خلال فترة وزيرة الثقافة السابقة خليدة تومي بمحاولة إنشاء «بيت للترجمة»، وقد تمت مطالبة الوزارة بمقر وميزانية، غير أن الملف حسب المتحدث حفظ في الأدراج ولم تتم العودة لإحيائه منذ سنوات. كما كشف بوطاجين عن أن المترجم في الجزائر غير معترف به، خاصة مترجمي الكتب والإصدارات، مما أدى إلى هجرة عشرات الأساتذة والمختصين نحو دول الخليج والمشرق العربي، التي توفر إطارا قانونيا يحمي المترجم الذي يواجه في الجزائر مشاكل عديدة، فضلا عن تأخر كبير في تحصيل مستحقات المترجمين، وعدم وجود ترتيب قانوني لتسعيرة الترجمة بالجزائر. موضحا أن دول الخليج العربي تدفع 10 أورو عن كل صفحة مترجمة، فيما لا تتعدى التسعيرة 3 أورو في الجزائر. توقّف الدكتور عند مشاكل أخرى مرتبطة بالترجمة، على رأسها عدم وجود إستراتيجية لتوزيع الكتب المترجمة، والانتقاء غير السليم للمراجع المترجمة، فضلا عن وجود انتقائية بخصوص بعض العناوين والكتاب بما لا يتماشى والبحث العلمي وأهداف الترجمة ونقص الشفافية، إلى جانب ترجمة نفس العنوان مرتين مختلفتين وبترجمة مختلفة، مما يفقد المهنة سمعتها. مؤكدا أن جل الكتب المترجمة من طرف الوزارة لا تغادر المكتبة الوطنية، فيما لا يخصص للترجمة أي دعم من الدولة. ❊رضوان.ق