شكل اللقاء الوطني التقييمي حول نشاط مديريات الصناعة والمناجم المنعقد في 20 و21 ديسمبر الجاري ببومرداس، فرصة لتبادل التجارب بين المديريات التنفيذية عبر الولايات، ورفع بعض التوصيات المهمة من أجل تحسين مناخ الاستثمار، تمثل أهمها في استعمال التكنولوجيات الحديثة ورسكلة الموارد البشرية وتوفير الأغلفة المالية لتهيئة المناطق الصناعية ومناطق النشاطات، حسبما استقته «المساء» على هامش اللقاء، حيث رصدت تصريحات عدد من المديرين الولائيين على غرار ولايات الجزائر ، بومرداس،تيارت، وهران و تمنراست . من أهم التوصيات التي خرج بها لقاء بومرداس، الدعوة إلى الاهتمام بتطوير شبكة اتصال تجمع بين الوصاية وكل الإدارات المحلية، عملا على تبادل التجارب في حل بعض المشاكل والعراقيل التي قد تكون متشابهة، وتنظيم دورات تكوينية تستهدف رسكلة موظفي المديريات، إضافة إلى توفير الأغلفة المالية اللازمة لتهيئة المناطق الصناعية ومناطق النشاطات حسب خصوصية كل ولاية، للعمل على استقطاب المزيد من الاستثمار الموفر للثورة ولمناصب الشغل والقيمة المضافة للاقتصاد الوطني، حسبما استفيد من محدثي «المساء»، على هامش أشغال اليوم الثاني والأخير من اللقاء التقييمي الأول لمديريات الصناعة والمناجم. ولعل أهم العراقيل المصادفة ميدانيا، فتتلخص في نقص العقار الصناعي من جهة، ونقص الأغلفة المادية لتغطية تكاليف استحداث مناطق نشاطات جديدة. كما يظهر الجهل بالقوانين الجديدة المتعلقة بالاستثمار والتسهيلات التي جاءت بها، عائق آخر يظهر بالدرجة الأولى أمام المستثمرين. ولاية الجزائر: تحقيق لتحيين المعطيات وتأهيل المناطق الصناعية خلال 2018 أوضح مدير الصناعة والمناجم لولاية الجزائر، حمو بن عبد الله، أن أهم عائق يواجه الإدارة المحلية يتمثل في الحصول على المعلومة المؤسسة بسبب قلة الإمكانيات الموفرة، يقول: «نحن نواجه أزمة معلومات دقيقة حول عدد المؤسسات العاملة، وكم موظف تشغّل وكم تبلغ حصتها في السوق، وهل هي مؤهلة لتصدير منتوجاتها؟... الخ. هذه الصعوبات سببها قلة الإمكانيات التي قد تمكننا، كإدارة، من إجراء مثل هذا التحقيق، ونحن استنجدنا بالولاة للقيام بذلك»، يقول المدير موضحا بأن التحقيق انطلق في العاصمة قبيل 20 يوما «وبدأت النتائج الأولى تظهر، ويمكننا القول بأن العاصمة ذات اختصاص صناعي في مجالات الميكانيك والصناعة الصيدلانية والصناعة التحويلية». تحصي العاصمة 64 ألف مؤسسة صناعية، منها 2500 مؤسسة صغيرة ومتوسطة توفر 400 ألف منصب شغل. كما أنها تضم 3 مناطق صناعية كبرى تتربع على 1400 هكتار تتواجد أساسا بشرق العاصمة في الرويبة والرغاية ووادي السمار والحراش. ستعرف هذه المناطق الصناعية الكبرى عملية تأهيل وإعادة اعتبار بانطلاق الأشغال خلال الثلاثي الأول للعام 2018 «لتحسين ظروف عمل المؤسسات، مما يسمح لها بتقديم خدمات أحسن»، يقول محدثنا، موضحا أن نفس العملية مست 10 مناطق نشاطات من مجموع 27 منطقة على مساحة إجمالية تقدر ب386 هكتارا، وانتهت بها الأشغال، بينما ستنطلق نفس العملية في مرحلة ثانية لتمس باقي المناطق في غضون 2018، تحسينا لظروف الاستثمار عموما. بينما تسجل العاصمة، على غرار باقي الولايات، إشكالا في نقص العقار الصناعي «هذا ما يحتم علينا استرجاع العقار غير المستغل الذي يبلغ بالعاصمة 160 عقارا على مساحة متوسطة تصل إلى 2000 متر مربع. بومرداس: منطقة نشاطات بكل بلدية لخلق الثروة والقيمة المضافة تملك ولاية بومرداس نسجيا صناعيا هاما وثروات قادرة على أن تجعلها رائدة في عدة مجالات، ولعل المنحى المتخذ مؤخرا في إنشاء مناطق نشاطات متخصصة وبكل بلدية تبعا لخصوصيتها، يعتبر أحد أهم الأركان الأساسية لترقية الاستثمار، ويتجلى ذلك في استحداث ثلاث مناطق نشاطات جديدة بكل من بلديات رأس جنات ودلس ولقاطة، تتربع إجمالا على مساحة 160 هكتارا، يتم حاليا النظر في الأنشطة التي ستوكل لكل منطقة، حسب التخصص المراد لكل بلدية، يوضح مدير الصناعة والمناجم عبد السلام غنام، مبرزا كذلك وجود أزيد من 3500 ملف استثمار تم قبول 692 ملفا في مختلف النشاطات على مساحة إجمالية تصل إلى 603 هكتارات ينتظر منها أن تخلق 68 ألف منصب شغل. كما تم إحصاء 33 منطقة نشاطات منشأة وموزعة تتربع على مساحة تقارب 340 هكتارا، وحظيرة صناعية جديدة بمنطقة الأربعطاش تتربع على مساحة 136 هكتارا، فيها 256 حصة اعتمد منها 156 مشروعا استثماريا. كما تسعى الولاية إلى إنشاء حظيرتين جديدتين بكل من منطقة التواشنة (بودواو) والزعاترة (زموري). تملك بومرداس ثروات منجمية، منها الكلس و'التيف' والصلصال والطين، تستثمر فيها 32 مؤسسة عمومية وخاصة متخصصة كالمحاجر والمقالع، يوضح نفس المدير، ملفتا من جهته إلى إشكالية نقص العقار الصناعي لتلبية رغبات المستثمرين المتزايدين، إضافة إلى «نقص تأهيل الموظفين، وندعو إلى الرسكلة عبر دورات تكوينية»، علما أن نفس المديرية تتهيأ لوضع خارطة طريق جديدة ترتكز على تطوير مخطط الاتصال، تعريفا بمقدرات الولاية الاستثمارية وتكوين الموظفين. تيارت: قطب ميكانيكي وطني في صناعة السيارات اعتبر مدير الصناعة والمناجم لولاية تيارت، جمال الدين تيمنطيط، لقاء بومرداس ب»المفيد الذي سمح لنا بتبادل الخبرات ورفع الانشغالات إلى الإدارة المركزية، بغرض تبنيها كتوصيات، ومنه دراسة العراقيل التي تقف في وجه المديريات حتى تلعب دورها كمحفز للاستثمار. «عدم توفر المعلومات من ناحية المعطيات الاقتصادية هو ما قد يحد من الفعالية في الميدان»، يقول محدثنا مبرزا أهمية «وضع أرضية معلوماتية محلية تربط بالإدارة المركزية حتى يكون بالإمكان التقرب من المؤسسات الاقتصادية المتواجدة في الإقليم، لطرح الانشغالات وتبادل الخبرات في مجال إيجاد الحلول». ويضيف «ندعو كذلك إلى تفاعل المستثمرين ضمن نفس الأرضية للتعرف ورفع كل العراقيل في وقت وجيز، عملا على تحسين مناخ الاستثمار وترقيته». في ولاية تيارت 3 مناطق صناعية كبرى متربعة على حوالي 700 هكتار، منها منطقتين حديديتين ‘عين بوشقيف' و'زعرورة'، تمت بشأنهما الدراسات وتنطلق عملية التهيئة في غضون 2018. ستكون منطقة عين بوشقيف متخصصة في الصناعات الميكانيكية، مع دعم وتطوير مؤسسات المناولة في المجال، «علما أن مركب فرندة سيعرف قريبا انطلاق نشاط شراكة مع شريك أجنبي لتركيب السيارات السياحية والنفعية عام 2018، إذ يتوقع أن يخلق قرابة 300 منصب شغل، حيث نسعى إلى جعل الولاية قطبا جهويا في صناعة السيارات مستقبلا»، يوضح محدثنا. بينما تتربع المنطقة الصناعية زعرورة على مساحة 627 هكتارا تضم مختلف الأنشطة، لاسيما الصناعة الغذائية، مع تسجيل مشروع تهيئة 3 مناطق نشاطات جديدة تتربع على قرابة 90 هكتارا، موجهة تحديدا للمؤسسات المتوسطة، ومنطقة رابعة سيتم تهيئتها لاستقطاب المؤسسات المصغرة. المدير أفاد أيضا بأن تطهير العقار الاستثماري أدى إلى إحالة 18 مستثمرا متقاعسا على العدالة بهدف استرجاع الوعاء الصناعي، ودعا الوصاية إلى العمل على ترقية إستراتيجية في سبيل تطوير الموارد البشرية العاملة في مجال الصناعة والمناجم. وهران: إدماج المتعاملين الاقتصاديين في سياسة تهيئة المناطق الصناعية كشف مدير الصناعة والمناجم لولاية وهران، خلدون عبد الرحيم، عن أن إسناد مهمة تهيئة المناطق الصناعية ومناطق النشاطات للولاة سيسمح بإعطاء دفع جديد وإيجابي للاستثمار عموما، «المطلوب هنا وضع حيز التنفيذ منظومة اتصالية تتعلق بالخارطة الاقتصادية للاستثمارات، بإشراف كل الفاعلين على المستوى المحلي، منهم المتعاملون الاقتصاديون، ومنظمات أرباب العمل لإثراء النظرة الجديدة للاستثمار على المديين القريب والمتوسط»، يقول المدير، موضحا أن وهران بنوعية الاستثمارات التي ستنجز بفضل هذا التنظيم الجديد، تعرف انحيازا للصناعة. علما أنه تم الإعلان عن تشبع بعض القطاعات كالنقل والمطاحن «لذلك نعمل على أن يتماشى الاستثمار مع المحيط والسياسة العامة للبلاد، كتطوير المناولة في المجال الصناعي والاستثمارات ذات القيمة المضافة للاقتصاد الوطني» يضيف مبرزا توفر وهران على 6 مناطق صناعية متربعة على أكثر من 3 آلاف هكتار، و35 منطقة نشاطات، منها الجديدة التي توفر آلاف مناصب الشغل، «ولعل الإشكال الكبير يطرح في توفر الغلاف المالي لتهيئتها، علما أننا نسعى إلى إدماج المتعاملين الاقتصاديين في هذا المنحى»، يؤكد محدثنا. تمنراست: ثروات منجمية وسياحية هائلة تنتظر الاستثمار من جهته، دعا مدير الصناعة والمناجم لولاية تمنراست، عبد الله باسودي، إلى أهمية تبني خطة عمل تعرّف بمقومات كل ولاية، متحدثا عن ولايته التي تزخر بثروات منجمية هائلة، كالرخام والغرانيت والأحجار الكريمة والتالك، وقال بأن الجهل بالتسهيلات المقدمة في مجال الاستثمار وحتى بالمنطقة، ولد عزوفا على الاستثمار، «وهذا ما جعلنا نتخذ إجراءات لدعم السياسية التواصلية، بداية من عام 2018 لجلب المستثمرين إلى ولايتنا». وأضاف بأن تمنراست تؤم منطقة نشاطات بتيديسي تتربع بعد التوسعة على 190 هكتارا، وهي حاليا في طور التجزئة، وتضم استثمارات في المجال الغذائي والخدمات وكذا في قطاع المناجم. وهناك أيضا منطقة توسع سياحي بأغنار هي حاليا في طور الإنشاء على مساحة 250 هكتارا، تم إلى حد الآن استقطاب 10 ملفات استثمار، والعملية متواصلة. كما تعمل نفس الجهة على مشروع إنشاء منطقة صناعية بأتول على مساحة 400 هكتار، يوجد ملفها على طاولة الوزارة، ويعتقد المدير بأن الإشكال الكبير يطرح على مستوى تهيئة المناطق الصناعية ومناطق النشاطات، «فأحيانا لا يكفي الغلاف المالي المخصص لذلك، مما يؤدي إلى تعطل في الإنجاز، بالتالي تأخر في دخول مشاريع الاستثمار حيز الخدمة»، يقول مدير الصناعة والمناجم. ❊❊ حنان.س ❊❊