تنظم جامعة مستغانم - مخبر الدراسات الإعلامية، مؤتمرا وطنيا حول المرأة الجزائرية وتكنولوجيات الاتصال الجديدة يومي 2 و3 مارس المقبل، «نحو استحضار مقاربة النوع الاجتماعي». تأتي هذه الفعالية العلمية حسب منظميها كمحاولة لوضع أرضية صلبة لنقاش طال انتظاره حول رهانات تفاعل المرأة الجزائرية مع تكنولوجيات الاتصال الجديدة، والأدوار المنتظر أن تلعبها في سيرورة التمكين الاجتماعي النسوي. في ظل بروز مفهوم النوع الاجتماعي ومبدأ المناصفة كمقاربة جديدة تستغني عن التصورات التقليدية للأدوار النوعية للجنسين، وتركز على مراعاة المساواة والتشارك المتكافئ والفعلي بين النساء والرجال في المجالات الأساسية بالنسبة لكل مجتمع، خصوصا المجالين السياسي الاقتصادي، وتجاوز الأسباب البنيوية للتمييز على أساس الجنس في ظل هذه المقاربة تغدو تكنولوجيات الاتصال الجديدة أدوات تغيير إستراتيجية، حيث يسود الاعتقاد بين الكثير من الباحثين بأن التكنولوجيات الاتصالية الجديدة وفي مقدمتها الأنترنت اليوم، تعد رافعة أساسية لتفعيل مقاربة النوع الاجتماعي، حيث يمكنها الدفع نحو التمكين الاجتماعي والثقافي للمرأة مما يؤدي إلى تعزيز المساواة بين الجنسين، فضلاً عن تأهيل الأدوار الاجتماعية للنساء كفاعلات أساسيات في سائر الرهانات المجتمعية. ويلزم القول إنه عند مقاربة علاقة الفئات النسوية بالتكنولوجيات الاتصالية الجديدة في المجتمع الجزائري، عادة ما يتم استحضار مصطلح «الفجوة الرقمية الجندرية» كمصطلح لتوصيف راهن الحال، ويحيل هذا الأخير لجوانب التفاوت في مجال ولوج النساء للانترنت و كذا نفاذهن لتكنولوجيات الاتصال الجديدة واستخدامها بفعالية. إذ أن ولوج المرأة للإنترنت في العالم العربي عموما والجزائر بشكل خاص لا يزال مرتبطا بشكل إكراهي بالجندر والمتغيرات الرمزية و السوسيوديمغرافية وظروف النفاذ، فمنذ بداية انتشار استخدام الإنترنت كان الولوج بطيئا ومتعثرا واقتصر على ستة بالمائة من النساء فقط من المجموع الكلي للفئات النسوية. و من أهم معوقات الولوج إلى الإنترنت بالنسبة للمرأة الجزائرية نذكر التصورات النسوية السلبية حول التكنولوجيات الجديدة، وتكلفة الأدوات التقنية والربط مع الإنترنت، إضافة إلى انخفاض منسوب التنور الحاسوبي وعدم الإلمام بكيفية الاستخدام. أن استخدام الإنترنت من قبل النساء في الجزائر خصوصا النساء من الطبقات المتوسطة وفئة المتعلمات من شأنه خلخلة التقسيم الجندري والتأثير على طبيعة وتصور النظام الاجتماعي للأدوار النوعية للجنسين، وبصفة أكثر التأثير على الطبيعة الجندرية للفضاء العمومي و دمقرطته. ومن الظاهر للعيان أن التحولات السوسيوسياسية والثقافية التي تعتمل داخل المجتمع الجزائري لا تجري دون حضور ومشاركة النساء، إذ أن المرأة الجزائرية تتجه تدريجيا نحو إعادة تعريف الفضاء العمومي في مجتمعها بالرغم من المعوقات الثقافية و الاجتماعية والرمزية التي تعاني منها، حيث نلاحظ مؤخرا أن الكثير من الجزائريات ينتجن خطابات إلكترونية مضادة للهيمنة الذكورية ويتحدين الصمت المفروض عليهنّ و يحاولن تأسيس مجتمع قائم على المساواة بين الجنسين من خلال استغلال الفضاءات الافتراضية الفضاءات التدوينية والاجتماعية المتعددة، ويقاومن الخطابات المكرسة للنظرة المقصية للمرأة و التي عادة ما تحصرها في أدوار اجتماعية نمطية ومحدودة. لم يعد من المقبول الشك في إلتحام النساء الجزائريات بأهدافهن ورغبتهن في استخدام الإنترنت وسائر وسائط الاتصال الجديدة للتعبير عن أنفسهن و إسماع صوتهنّ في ظل بيئة تهيمن عليهن وتهضمهنّ حقوقهن الرمزية وتمنعهنّ من المشاركة السياسية والثقافية المتساوية. واليوم هناك الكثير من الناشطات على مستوى الوسط الافتراضي يؤسسن لاتجاه نسوي معارض ورافض للهيمنة الذكورية، ويكافحنّ من أجل البروز والظهور والتعبير عن هوياتهنّ وذواتهنّ ومطالبهنّ و يسعين لمقاومة أشكال الإقصاء، كما يستهدفنّ بناء رأسمال نسوي افتراضي من شأنه أن يسهل ظهور فضاء عمومي افتراضي نسوي. نور الهدى بوطيبة