وجه وزير التعليم العالي والبحث العلمي طاهر حجار، أمس، تعليمات صارمة الى كل رؤساء الجامعات يحثهم فيها على اتخاذ أقصى العقوبات، بما فيها عقوبة الطرد والمتابعة القضائية، ضد كل شخص مهما كانت صفته أستاذا أو طالبا أو عاملا، يقدم على غلق أبواب الجامعة في إطار الحركات الاحتجاجية. وجاءت تعليمة وزير التعليم العالي خلال اجتماع جمعه أمس، بمقر الوزارة برؤساء وأمناء الجمعيات الطلابية المعتمدة بالقطاع والبالغ عددها 9 منظمات، في إطار سلسلة اللقاءات التشاورية التي يعكف على عقدها مع الشركاء الاجتماعيين للاستماع لانشغالات الطلبة وأسرة الجامعة وبحث الحلول التوافقية لاحتواء المشاكل المطروحة. وشدد السيد حجار، خلال اللقاء على أنه «لا يحق لأي أحد أن يغلق الجامعة التي تعد مرفقا عموميا مفتوحا لكل الطلبة وأسرة التعليم العالي»، متوعدا كل من يقدم على ذلك بتطبيق إجراءات قانونية تبدأ بإحالته على المجلس التأديبي، وتنتهي بطرده ومتابعته قضائيا». وإذ أكد وزير التعليم العالي بأن الحق في الإضراب أو تأسيس جمعية أو نقابة «حق مكفول قانونيا» فإنه شدد في المقابل على وجوب احترام القواعد والقوانين التي تنظم سير وعمل الجامعات، معلنا بالمناسبة عن شروع الوزارة الفوري في اتخاذ الإجراءات القانونية «ضد الشخص الذي يتكلم باسم الاتحاد العام الطلابي الحر»، والذي اعتبره الوزير غريبا عن الأسرة الجامعية بقوله « هو لا يعتبر طالبا وحتى وإن أظهر شهادة دراسية فهي بالتأكيد مزوّرة». في سياق متصل، عاتب الوزير بعض وسائل الإعلام على نشرها بيانات تدعو إلى الإضراب في الجامعةّ، واصفا تلك البيانات ب«المزوّرة»، باعتبارها صادرة عن منظمات غير معتمدة وبتوقيع أشخاص اتهمهم بانتحال الصفة، على حد تعبيره. وبعد ان أكد بأن هذه الممارسات غير القانونية تعرض أصحاب تلك البيانات للمتابعة القضائية، استنكر حجار إقدام «الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية، الذي لا علاقة له حسبه، بالجامعة ولكنه ينشط داخل الحرم الجامعي في خرق صارخ للقانون». أبواب الوزارة مفتوحة فقط للتنظيمات المعتمدة وفي رده على سؤال حول «غلق الوزارة لأبواب الحوار أمام بعض التنظيمات المستقلة»، أوضح حجار، أن هذه المنظمات لا تملك الاعتماد القانوني، وقطاعه لا يمكن ان يتحاور معها، إلا في حال اعتبارهم كأساتذة أو طلبة، مجددا في المقابل التأكيد على أن أبواب الوزارة «تبقى مفتوحة دائما أمام التنظيمات التي تملك الاعتماد وتنشط بطريقة شرعية». وتطرق الوزير في سباق متصل إلى قضية المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي «كناس»، حيث أكد أن المشكل القائم على مستوى هذه المنظمة يعتبر مشكلا داخليا ولا علاقة له بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي،مشيرا إلى أن «لا أحد من الأطراف المتصارعة داخل هذا التنظيم يمكن التعامل معه في ظل استمرار الخلاف الداخلي». كما أشار الوزير في سياق حديثه إلى تنسيقية خرجي جامعة التكوين المتواصل التي أكد بأنها لا تربطها أية علاقة مع الجامعة، مستغربا في سياق متصل إنشاء تنسيقية الطلبة غير الناجحين في الدكتوراه أو الاحتياطيين، حيث اعتبر هذه التشكيلات «اجتهادات غير منطقية». ولدى تطرقه إلى إضراب طلبة المدارس العليا للأساتذة والبالغ عددها 11 مدرسة عبر الوطن، حذّر الوزير الطلبة المضربين من مغبة الوقوع في سنة بيضاء في حال استمرارهم في مقاطعة الدراسة، واقتراب الأمور إلى الحد الذي يدفع بالتأجيل الى شهور أخرى من السنة القادمة وبالتالي الوقوع في شبح السنة البيضاء. داعيا هؤلاء الطلبة إلى التعقل «والمطالبة بأشياء منطقية وغير تعجيزية». وفيما ذكر بتشكيل لجنة مشتركة مع وزارة التربية الوطنية لا تزال حسبه تعمل لإعادة النظر بصفة عامة في كل ما يتعلق بهذه المدارس، جدد حجار التأكيد على أن كل خريجي المدارس العليا «ستكون لهم الأولوية في التوظيف دون الخضوع لأي مسابقات»، لافتا في سياق متصل إلى أن حالة التشبع في عدد من المواد يدفع بالضرورة إلى توظيف بعض خريجي هذه المدارس خارج ولايات إقامتهم. وكشف ممثل الحكومة في هذا الصدد عن توظيف حوالي 5552 متخرجا خلال الثلاث سنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن 248 من هؤلاء المتخرجين تم توجيههم لشغل مناصب خارج ولايات إقامتهم. أما بالنسبة لقضية طلبة الدكتوراه، ذكر وزير التعليم العالي والبحث العلمي بأن آجال إيداع الأطروحات الخاصة بالدكتوراه تم تمديدها إلى غاية جوان 2018، غير مستبعد إمكانية تمديدها لمهلة أخرى في ظل المطالب المتكررة للطلبة. في الأخير أعلن حجار عن تأجيل الندوة الوطنية الخاصة بالخدمات الاجتماعية، التي كان من المقرر تنظيمها نهاية العام الماضي، لأسابيع أخرى لأسباب وصفها بالتقنية.وتقاطعت مواقف ممثلي المنظمات الطلابية التي حضرت اللقاء، حول توقيت شن الإضرابات داخل الجامعات، حيث اعتبر ممثلو هذه التنظيمات بأن الوقت لم يحن بعد لشن مثل هذه الحركات الاحتجاجية، خاصة وأن أبواب الحوار مفتوحة مع الوزارة، بما يضمن التوصل إلى أرضية توافقية لاحتواء المشاكل المطروحة، مشيرين في سياق متصل إلى أن الإضراب الذي دعت إليه منظمات أخرى غير معتمدة، ليوم 14 جانفي الجاري لا يعنيها «وله خلفيات ترتبط بالمصالح الخاصة للمنادين بهذا الإضراب».