اقترح الأستاذ أمين بن يحي، محام لدى المجلس، أن يكون القضاة المهتمون بشؤون الأسرة وقضايا الطلاق، كبارا في السن، ويكونوا مختصين في هذا الباب، إذ تكون لهم خبرة طويلة في هذا المجال ولهم الحكمة في معالجة هذا النوع من القضايا بمحاولة الصلح بين الزوجين، مشيرا إلى أن هذا النوع من القضايا ارتفع بشكل مخيف في مجتمعنا؛ إذ تعالج يوميا من 60 إلى 70 قضية طلاق، وهي من أسهل القضايا التي يصدر حكمها في ظرف قصير جدا. ❊نورالهدى بوطيبة أوضح المتحدث أن أسباب الطلاق في مجتمعنا أصبحت لا تُعد ولا تحصى، العديد منها تافهة وتعد تعسفا لبلوغ قرار «الطلاق»، مشيرا إلى أن كل الصعاب التي عاشها الأجداد من فقر ومشاكل اجتماعية أخرى لم تؤثر فيهم، فالرجل والمرأة عرفا كيف يلعبان دورهما للمحافظة على الترابط الأسري. وأشار المحامي إلى أن العديد من المبادئ التي كانت تحكم مجتمعنا سابقا، اختفت اليوم وحلت محلها قضايا أخرى؛ كالأنانية وحب النفس والتخلي عن المسؤولية، فاليوم كل أسباب الطلاق رغم تعددها إلا أن أساسها واحد، وهو «غياب التفاهم» و»السكن الروحي» بين الزوجين، والذي يبنى أساسا في العلاقة الحميمية التي تعد مهمة جدا، مؤكدا أن غياب ذلك التكامل أدى إلى ظهور قضايا أخرى كالخيانة الزوجية وحتى الشذوذ الجنسي. في نفس الصدد، قال المحامي إنّ ما ينجر عن الطلاق قضايا أخطر بكثير، وهو التفكك الأسري، حيث يجد الطفل نفسه بين أحضان الشارع حتى يربيه على طريقته، وهذا ما يؤدي إلى ظهور قضايا متعلقة بجرائم قصّر وأطفال، والسبب هو غياب المسؤول عن التربية بسبب الطلاق. وأكد المتحدث أن نسبة الطلاق في المدن الكبرى أكبر بكثير من المدن المجاورة لها، وهذا راجع، حسبه، إلى غياب الصبر وضيق القلوب، الذي يتّصف به سكان المدن الكبرى، حيث أكد أن سكان المدن يتّصفون بنوع من الاستقلالية سواء المادية أو المعنوية، ليصبح الزواج بالنسبة لهم ركنا ثانويا يمكن التخلي عنه في أي لحظة، ولأتفه الأسباب، إلى درجة أن المجتمع بات يرى أن الطلاق شيء عادي جدا، وهو خيار من بين خيارات أخرى كثيرة وليس كخيار أخير فقط إذا اشتدت الأوضاع واستحالت الحياة الزوجية أو كان فيها ضرر حقيقي على أحد الطرفين وتخلى الطرفان عن مسؤوليتهما، هذا كذلك من الأسباب الرئيسة التي تؤدي إلى فشل الزواج، وبحث كل طرف عن الراحة بعيدا عن مسؤولية البيت والزواج، متناسيين أن المشكل يكمن في كل طرف. في الأخير، أشار المحامي بن يحي إلى أن قانون الأسرة الجديد الذي أتى به المشرّع الجزائري، ساعد كثيرا في تفاقم ظاهرة الطلاق بعدما استغل بعض الأطراف غير الواعين بتلك النصوص القانونية لجني أموال على حساب أسرهم، إلى درجة أنهم مستعدون للطلاق وهدم أسرهم وتفكيكها من أجل الحصول على النفقة والسكن وغير ذلك، وهي الأمور التي وصفها بغير المقبولة. ❊نورالهدى بوطيبة تحوّل إلى مجرد إجراء لصحة التقاضي ... اقتراح لجنة للنظر في الخلافات الزوجية تحل محل الصلح أرجع عدد من المحامين ارتفاع معدلات الطلاق في مجتمعنا، إلى ضعف إجراء الصلح الذي تحوّل، حسبهم، إلى مجرد إجراء إداري، الهدف منه صحة إجراءات التقاضي. وعلى الرغم من أهمية هذا الإجراء الذي يفترض أنّه وجد من أجل الحدّ من جدولة القضايا للفصل فيها، غير أنّ الواقع يثبت العكس، وهو ما وقفت عليه «المساء» من خلال الاستعانة بتجارب عدد من المطلقين الذين سردوا تفاصيل جلسة الصلح، التي عادة ما تتم بين ثلاثة أطراف، وهي القاضي والزوجان، حيث يطلب القاضي من الطرفين شرح أسباب الخلاف، وبعد الاستماع إليهما يسألهما إن كانا لا يرغبان في العيش معا، فإن أجابا بالإيجاب، وعادة الزوج هو الذي يتمسك بالطلاق والزوجة تطلب الرجوع حفاظا على حقوقها، يحوّل القضية مباشرة للفصل فيها. وحسب أغلب المستجوبين من الذين عاشوا تجربة الطلاق، فإن القاضي بالنظر إلى عدد الملفات لا يبذل جهدا للصلح، وإنّما يكتفي بالاستماع فقط أو بتقديم النصيحة، الأمر الذي يجعل هذا الإجراء فاقدا لأهميته، ولا يشجع حتى الزوجين على إعادة النظر في الخلاف، فضلا عن أن جلسات الصلح يفترض أن تكون إجبارية في ثلاث جلسات، غير أن ما يحصل في الحقيقة أن أغلب جلسات الصلح تحدث مرة واحدة، ويرفض الطرفان حضور باقي الجلسات لكونها غير إجبارية. من جهة أخرى، يرى بعض المحامين أن ما أفقد الصلح قيمته اتجاه بعض المحامين إلى نصح موكليهم بحضور جلسة الصلح مرة واحدة فقط، وذلك لتصحّ إجراءات التقاضي، ما يعني أنهم لا يعيرون أهمية لهذا الإجراء، ربما لعلمهم، مسبقا، بأن هذا الإجراء لا يعول عليه كثيرا لإصلاح ذات البين. من أجل هذا اتجه بعض القانونيين إلى اقتراح إنشاء لجان على مستوى المحاكم تتكون من ممثل عن الشؤون الدينية وقاضي الأحوال الشخصية ومختص في الشؤون الاجتماعية للنظر في الخلاف، هذه اللجنة تحل محل الصلح للتقليص من قضايا الطلاق، خاصة أن أغلبها يبنى على أسباب تافهة، ويمكن في أغلب الأحيان إصلاح ذات البين وإنقاذ الأسرة من شبح الطلاق. ❊ رشيدة بلال