رافع الرئيس التركي طيب رجب أردوغان، بقوة لتعزيز التعاون الاقتصادي مع الجزائر التي وصفها ب«جزيرة الاستقرار السياسي والاقتصادي» و«الشريك الكبير لتركيا في إفريقيا»، داعيا رجال أعمال بلده إلى تكثيف استثماراتهم بالجزائر. من جانبه أكد الوزير الأول أحمد أويحيى، على أن الحكومة ستسهر من أجل الإسراع في تنفيذ كل الاتفاقات التي سيصادق عليها البلدان للدفع بالعلاقات الثنائية إلى «مستوى الامتياز». وجددت الجزائروتركيا أمس، بمناسبة عقد ثاني منتدى لرجال الأعمال إرادتهما المشتركة في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بما يخدم مصلحتهما المشتركة. وساد جو من الحماس الاجتماع الذي أشرف على افتتاحه الرئيس أردوغان، والوزير الأول أويحيى اللذان أكدا الاستعداد لمرافقة متعاملي البلدين في مساعيهما لتجسيد مشاريع شراكة في مجالات متعددة. وقوبل الخطاب الذي ألقاه الرئيس التركي بتصفيقات حارة من الحاضرين في القاعة التي امتلأت عن آخرها بمتعاملين جزائريين و200 متعامل تركي جاؤوا لعقد لقاءات ثنائية بحثا عن فرص استثمارية جديدة. وما يمكن قوله عن خطاب أردوغان، إنه تميز بشقين، فبعد تقديمه الشكر لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، والشعب الجزائري على «حسن الاستقبال والضيافة»، دافع عن حصيلته كرئيس لتركيا التي استطاعت تجاوز «الأزمة المالية لسنة 2008 والانقلاب الفاشل في 2016»، مشيرا بالأرقام إلى قدرة الاقتصاد التركي على المواجهة بتحقيقه نسبة نمو في مستوى 5.7 بالمائة سنة 2016 رغم الأحداث التي مرت بها بلاده، متوقعا أن يصل النمو في السنة الجارية إلى 7.5 بالمائة. كما تطرق إلى المجهودات التي بذلت لرفع مستوى معيشة الفرد في نواحي متعددة لاسيما تعليميا وصحيا وفي مجال الإسكان، دون إغفال مجال السياحة التي استطاعت تجاوز المحن بتسجيلها ل32 مليون سائح، وهو رقم أقل من ذلك المسجل في السنوات الماضية، حيث كان يقدر ب36 مليون سائح، إلا أن الرئيس التركي، اعتبر أنه هام إذا ما تم أخذ الأحداث التي عرفتها تركيا بعين الاعتبار. كما تضمن هذا الشق ماتقوم به تركيا من جهود «إنسانية» على المستوى العالمي وهي التي تستقبل-كما قال- 4 ملايين لاجئ من العراق وسوريا وتقدم مساعدات إنسانية تقدر ب5ملايير دولار،ماجعلها تصنف ثانية بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية في هذا المجال. ومن هنا تطرق إلى الشق الثاني، الذي اقترح فيه «تقاسم الخبرات التركية» التي تظهر في الانجازات التي ذكرها، مشيرا إلى أن تركيا تسعى إلى رفع حجم المبادلات التجارية التي تقدر حاليا ب3.5 مليار دولار إلى 5 ملايير دولار في أقرب وقت وبعدها إلى 10 ملايير دولار، وذلك باستغلال الامكانيات الهائلة التي يملكها البلدان. في السياق ذكر بالاتفاقيات السبع التي تم توقيعها مساء أول أمس، بالجزائر، ومنها على وجه الخصوص مشروع مشترك في مجال البتروكيمياء بقيمة مليار دولار، لكنه أشار إلى ضرورة استكشاف مجالات عمل مشتركة أخرى، مركزا على الفلاحة والصناعات الغذائية التي تملك فيهما تركيا خبرة هامة. وهو مادفعه للمطالبة بعقد اللجنة المشتركة الاقتصادية بين الطرفين في أسرع وقت وكذا الاسراع في إبرام اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات. أويحيى: سنعمل على الوصول بعلاقاتنا الاقتصادية إلى مستوى «الامتياز» وبدوره عبّر الوزير الأول أحمد أويحيى، باسم رئيس الجمهورية عن «الترحيب الحار» بالرئيس التركي، قائلا إن الرئيس بوتفليقة «يستقبل فيكم صديقا وقائد بلد كبير وشقيق تتقاسم معه الجزائر علاقات تاريخية تطبعها الصداقة والتعاون المتعددة الأشكال»، مشيرا إلى أن معاهدة الصداقة والتعاون التي وقعت بين البلدين في 2006 سمحت بوضع «أسس علاقات معاصرة ومكثفة ومتعددة الأشكال من تشاور سياسي وتعاون تقني وصولا إلى علاقات اقتصادية جد مكثفة». وذكر أن تركيا تعد الزبون السادس والممون السابع للجزائر بحجم مبادلات إجمالي يقترب من 4 ملايير دولار، كما توجد حوالي 800 مؤسسة تركية تعمل بالجزائر، فضلا عن أن «الجزائر تعد البلد الرابع عالميا التي تحصلت فيه المؤسسات التركية على أكبر عدد من عقود الانجاز بمبلغ يقدر بحوالي 3.5 مليار دولار في 2015». مؤشرات قال أويحيى أنها تشهد على القدرات التي لاتزال موجودة من أجل تعزيزها في جميع المجالات، معتبرا أنه «ليس هناك أي شك أن مباحثاتكم مع الرئيس بوتفليقة والمبادلات بين وفدينا وهذا المنتدى من شأنها أن تتيح فرصا جديدة بين بلدينا»، مؤكدا أن الحكومة ستعمل على الاسراع في انجاز كل ماسيتفق عليه للوصول بالعلاقات الاقتصادية إلى مستوى الامتيار. يوسفي: دعوة لتطوير شبكات المناولة الصناعية في نفس الاتجاه، تميز تدخل وزير الصناعة والمناجم يوسف يوسفي الذي قال في كلمته أن المنتدى حقق هذا منذ دورته الأولى سنة 2014 «إنجازات هامة وذات نوعية أصبحت تعتبر مثالا يقتدى به ومصدر اعتزاز وافتخار» للبلدين. وشدد على ضرورة تدعيم هذا التوجه والانطلاق نحو «التّكامل الاقتصادي» الذي يقتضي كما أضاف «تحقيق نقلة نوعية للتّعاون الثّنائي تمكّننا من توسيع مجالاته ليشمل بالإضافة إلى التعاون الفنّي، تعاون اقتصادي هيكلي يرتكز بالأساس على تشابك المصالح من خلال تطوير شبكات المناولة الصّناعيّة وبعث نسيج صناعي مشترك ومتكامل، بالإضافة إلى تعزيز وتكثيف التّعاون العلمي». وحيا في السياق الدور الذي يلعبه رجال أعمال البلدين، مؤكدا أنهم سيجدون كل الدعم لدى قيادتي البلدين. كما ثمن مختلف المبادرات والمشاريع التي أنجزها المستثمرون الأتراك في الجزائر والتي «أثبتوا من خلالها أن الجزائر وجهة استثمارية واعدة بفضل ما تمنحه من امتيازات ومحفزات للمستثمرين الحقيقيين وما تزخر به من مزايا». وفي الوقت الذي اكتفى فيه رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي نيل أولباك بالدعوة إلى ضرورة تتويج النجاحات التي عرفتها العلاقات بين البلدين بتوقيع «اتفاقية للتبادل الحر»، فإن رئيس الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة محمد العيد بن أعمر، أكد استعداد رجال الأعمال لجعل الجزائر «قاعدة اقتصادية كبيرة لغزو الأسواق الإفريقية». وقال إن مجلس أعمال البلدين ساهم بقسط كبير في تقريب رجال أعمال البلدين للتعرف على فرص الشراك، وهو ما مكن من تجسيد عدة مشاريع، لكنه اعتبر أنه من الضروري العمل على رفع حجم الاستثمارات إلى أعلى مستوى.حيث لم يتردد في الاشارة إلى الفرص الكبيرة المتاحة للطرفين، معربا عن استعداد الجانب الجزائري لتذليل كل العراقيل المطروحة.