لقد أكرمنا المولى عز وجل إذ جاد علينا بضيافته الكريمة وحسن وفادته ضمن أكثر من ثلاثة ملايين من الحجاج الميامين في موسم الحج للسنة الفارطة 1429ه، وها نحن نستقبل العام الهجري الجديد 1430ه داعين الله سبحانه وتعالى، أن يعيده علينا وعلى جميع أفراد الأمة الإسلامية عامة والشعب الجزائري خاصة، باليمن والخير والبركات وانتصار الإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وتوحيد صفوفهم. وقد تبادرت إلى ذهني ضرورة اغتنام هذه المناسبة السعيدة، لتسجيل بعض الانطباعات العابرة ذات الأثر الباقي في القلوب، المفعمة بالرضى والحمد عن حسن الوفادة وكرم الضيافة عبر مختلف المشاعر بالبقاع المقدسة الطاهرة في أرض الحجاز الغراء التي فضلها سبحانه وتعالى على سائر بقاع الأرض، بشهودها مولد سيد الخلق خاتم النبيين وإمام المرسلين، سيدنا ومولانا محمد بن عبد الله، عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلوات وأزكى التسليمات. كانت رحلة العمر هذه مع مجموعة من إخواننا الحجاج وأخواتنا الحاجات، في إطار الديوان الوطني الجزائري للسياحية ONAT)) انطلاقا من مطار العاصمة بالجزائر، مباشرة باتجاه المدينةالمنورة، بأنوار صاحبها (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكانت الإقامة الطيبة في طيبة بجوار سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، في فندق قريب من الحرم النبوي الشريف لمدة أسبوع عامر بالأسرار والأنوار والصلاة والعبادة في مسجد النبي المختار مع زيارة آله الأطهار وصحابته الأخيار في البقيع وأحد، وأداء صلوات مباركات في مسجدي قباء والقبلتين ترعانا عين الرعاية الإلهية وتقود خطانا عنايته الربانية محفوفين بأنوار الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) الذي قال: "من حج ولم يزرن فقد جفاني"، وقال الصادق المصدوق أيضا عليه وعلى آله الصلاة والسلام: "من زار قبري وجبت له شفاعتي يوم القيامة"، وقال في حديث آخر: "لا يقف عند قبري، شقي"، وكيف لا؟! وقد قال الحبيب الأكبر سبحانه وتعالى في حقه {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما} (النساء: 64)، وقال عز من قائل مخاطبا سيد الوجود بأمره الرباني: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}. وهل يتبع المرء إلا من يحب؟! وهل هناك من هو أحب - بعد الله عز وجل؟ من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي قال فيه الحق: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}. وهناك دعونا الله المجيب سبحانه وتعالى وبلغنا سلامنا وسلام أحبابنا ومن أوصانا واستوصانا إلى الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) وصاحبيه أبي بكر الصديق وعمر الفاروق (رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما، وكل ذلك في ظروف مريحة وفرها لنا الديوان الوطني الجزائري للسياحة، وسهر ممثلوه على راحة الحجاج وإن كان إرضاء الناس جميعا غاية لا تدرك. وفي مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة كانت لنا سياحات روحية تنسيك الأتعاب والمشاق، وتذوقك حلاوة الطاعة ولذة الخضوع والاستسلام للعزيز الواحد الأحد جلت قدرته وعز شأنه، مسهل الصعوبات ومفيض الرحمات والمنعم بالخيرات والبركات. وقد سخر أعضاء الديوان كل وقتهم لرعاية الحجيج والقيام بشؤونهم حسب الاستطاعة وما توافر من الوسائل، فلم تكن هناك خروقات تذكر ولا تهاون مقصود به يشهر، ويكفي ممثلي الديوان الوطني الجزائري للسياحة (ONAT) فخرا واعتزازا أنهم كانوا المبادرين إلى تنظيم أمسية دينية في مكةالمكرمة عشية يوم التروية في فندق يدعى (صقر الجزيرة)، وهي أمسية ازدانت بمحاضرات دينية ألقاها شيوخ أجلاء أمثال: الشيخ التهامي الغيثاوي، والشيخ المهدي من وهران الذي تبث خطبه الجمعية عن طريق التلفزة الوطنية والشيخ جلول حجيمي وأشراف آخرون من أدرار ومن شتى ربوع الوطن الحبيب المفدى. وقد تنورت الجلسة النورانية بأريج مدائح نبوية عن الحبيب المصطفى ليلة الجمعة سيد أيام الأسبوع، مشفوعة بصلوات مباركات وتسليمات زاكيات عليه وعلى آله الغر الميامين، ولكم انشرحت الصدور وأفعمت القلوب بالحبور والسرور والحناجر تردد على مدخل الفندق في تلك الليلة الغراء بمكبر جهوري الصوت: طلع البدر علينا... من ثنيات الوداع والحجاج والمارون يتجمعون مستمتعين بما شنف آذانهم من تلك المدائح المعطرة الزكية. هذا، ولقد عملنا بالدعاء النبوي الشريف "اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج".. فاللهم اغفر لنا ولمن استغفر له من ذوي الحقوق علينا وأحبابنا وكافة المؤمنين والمؤمنات، وهنيئا للحجيج بحجهم وعودات مرات وكرات إن شاء الله تعالى.