من منا لا يحلم بأن يفوز برحلة العمر وأن ينطق مع جموع المسلمين لببيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك...لا شريك لك ؟ من منا لا يتمنى زيارة أطهر بقعتين على وجه الأرض.. مكةالمكرمة والمدينة المنورة وأن يؤدي العبادة التي تغفر الذنب والتي يعود معها الإنسان كما ولدته أمه ؟ فهذه الرحلة تحتاج إلى تنظيم محكم وإلى عمل مخلص وإلى قيام بعثة الحج بمهامها على أكمل وجه وإلى استعداد روحي ومادي قبل السفر إلى البقاع المقدسة. إليكم حوصلة من تجربة متواضعة ومشاعر ومن أرض المشاعر أضع أمامكم راجيا إثراءها بمساهمات بناءة أخرى ليستفيد منها الديوان الوطني للحج والعمرة الحديث النشأة والذي يبدأ أول موسم له بإجراءات جديدة طيبة سيكون لها الأثر الطيب في نفوس حجاجنا الميامين. الحلقة الأولى:عبدالقادر بن شاعة يقتضي تنقل عدد هائل من مواطنينا إلى البقاع المقدسة كل سنة تجنيد كافة الإمكانيات المادية و البشرية و توفير الشروط الملائمة ضمن مخطط محكم وواضح معد مبكرا لتمكين حجاجنا من أداء مناسك حجهم في يسر و سهولة، وأعضاء البعثة الجزائرية من القيام بمهامهم على أكمل وجه. وبسبب طبيعة رحلة الحج، أدت الإختلالات التنظيمية التي سجلتها عملية الحج في السنوات الماضية بالرغم من الجهود الطيبة المبذولة، بالسلطات المعنية إلى اختبار عدد من صيغ التنظيم و إلى اتخاذ بعض التدابير الكفيلة بضمان تحسين الأداء في التأطير و تسهيل التكفل بالحجاج الجزائريين قبل مغادرتهم الجزائر إلى غاية عودتهم إليها. فبعد أن كانت تتولى وزارة الشؤون الدينية مع بداية الاستقلال عملية التحضير للحج، أوكلت السلطات العليا في البلاد في تلك الفترة تنظيم رحلة الحج إلى رئاسة الجمهورية ثم إلى وزارة الشؤون الخارجية، قبل أن تقرر إنشاء اللجنة الوطنية للحج بتاريخ 30 مارس 1980 )مرسوم رئاسي رقم 9580 والتي أسندت لها مهمة التكفل بالعمرة أيضا بمقتضى مرسوم تنفيذي رقم 20201 بتاريخ 18 سبتمبر .2001 إن مثل هذه التجارب تحمل في طياتها من المحاسن والنقائص ما سمح بالجهات المختصة ومنها وزارة الشؤون الدينية والأوقاف من المساهمة في اقتراح تصور جديد لتنظيم الحج يتماشى وواقع هذه المهمة النبيلة الهادفة أساسا إلى خدمة ضيوف الرحمن و جعل رحلة حجهم متعة روحية و أمنا وراحة بال و طمأنينة نفس. لقد أولت السلطات العليا في البلاد والحكومة اهتماما خاصا بهذا الملف الهام وكلفت المهتمين به دراسة كافة جوانبه وتقديم المقترحات سعيا منها لتجاوز النقائصئوتداخل الصلاحيات لتحقيق تحسين أداء الخدمات لفائدة الحجاج الجزائريين المقيمين بأرض الوطن أو خارجه وتوفير التأطير الجواري اللصيق بهم نظرا لارتفاع معدل أعمارهم وحالاتهم الصحية، الأمر الذي دفع بالسلطات الجزائرية بالاعتماد على تجربة الحماية المدنية اعتبارا من موسم حج 1429ه2008م. وتبين في المقام الأول ومن خلال تدارس الجوانب المختلفة لعملية الحج والعمرة أن : 1 وعي الحاج بشتى التعاليم المختلفة وبالجوانب التنظيمية 2 التنظيم المحكم والاختيار السليم والمبكر لأحسن العمائر لإسكان الحجاج 3 الاستغلال العقلاني للإمكانيات المتوفرة 4 تحديد مهام كافة أعضاء البعثة مع إدخال آليات المحاسبة والتقدير أصبحت كلها من عوامل ومقومات نجاح رحلتي الحج والعمرة لأن معرفة الحاج أو المعتمر الجزائري أو عضو البعثة بما عليه من واجبات وما له من حقوق تيسر على كل واحد منهم الكثير، وتعيد للدولة هبتها ولمن يمثلها خارج الوطن المصداقية والاعتبار. أولاأهمية التوعية ومجالاتها : أصبحت التوعية مطلبا أساسيا وملحا في كافة الدول الإسلامية، سواء أكانت هذه التوعية بالعبادات أم النسك أو الأمور التنظيمية العامة التي ينبغي أن يعها الحاج و يهضمها قبل أن يطأ قدمه الأراضي المقدسة لأداء شعيرة الحج التي تعتبر رحلة من أهم المحطات الدينية في حياة المسلم. فالأنماط السلبية المتعددة من السلوك التي تظهر في موسم كل حج كان سببها عدم الوعي الكامل بأصول الحج ونقص في التوعية الشاملة للحجاج. ومن ذلك، لا بد من الوقوف على المجالات التي تغطيها برامج التوعية التي تسعى الجهات المختصة اعتبارا من هذه السنة إلى تحقيقها ضمن التصور الجديد لتنظيم الحج من خلال إنشاء الديوان الوطني للحج والعمرة. لقد لمسنا من خلال تجاربنا الماضية مزيدا من الجهد و العناية بمواطنينا الراغبين في إكمال دينهم بأداء فريضة الحج. وعلى الرغم من كل هذا الجهد، فإن الركيزة الأساسية المتمثلة في التوعية الشاملة ما زالت تحتاج إلى المزيد من الرعاية والعناية و الاهتمام. وستشمل هذه الدراسة المتواضعة محاولة وضع الطريقة الصحيحة لتبصير حجاجنا بدينهم و بتنظيم رحلة الحج على أحسن وجه مع استعراض تجارب ماليزيا و اندونيسيا. وهذه الدراسة نضعها أمام الدارسين و المهتمين بالحج كبداية للانطلاق بدراسات أشمل و أعم للوصول إلى صيغة تنظيمية جديدة )إنشاء ديوان الحج والعمرة( والى الأسلوب الأمثل لعلاج كافة الثغرات التي يتعرض لها تنظيم الحج والتطبيق السليم من قبل حجاجنا في أداء الركن الخامس من أركان الإسلام ملبين نداء ربهم بعد أن دعاهم بقوله سبحانه وتعالى ) : و لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا . .1 التوعية الدينية : التزاما بمبدأ التيسير على الحاج و دفعها للأضرار الخاصة والعامة التي يمكن أن تقع في موسم الحج، فإن توفر الأسباب والشروط الواجبة الصحية و الإجتماعية و المادية ضرورة من ضرورات الإستطاعة الشرعية للحج. و تنطلق التوعية الدينية في عدة نواح أهمها : توعية الحجاج بمعنى الإستطاعة الشرعية بهدف مزدوج : الأول اقناع الحجاج غير المستطيعين بأن الحج لمن استطاع إليه سبيلا، والثاني الذين لم يسبق لهم تأدية فريضة الحج بعد للقيام بهذه الفريضة الواجبة على كل مسلم و مسلمة. التوعية بأحكام الحج و كيفيته وواجباته بما يضمن الأداء السلم و الممارسة الحقة لهذه الفريضة. .2 التوعية بالتنظيم الإداري : و تشتمل على الإجراءات الإدارية و التعليمات المحددة لحقوق وواجبات الحاج الجزائري بالبقاع المقدسة و كيفية الإتصال بمختلف الأجهزة المتصلة ببعثة الحج و الجهات المسئولة عن شؤون الحج والعمرة بالمملكة العربية السعودية. .3 التوعية العامة : و تشمل تبصير الحاج الجزائري بمناطق الحج تاريخيا وجغرافيا و اجتماعيا بما يزيد من رصيد معلوماته و ثقافته عن هذه المناطق بالشكل الذي يبعده عن المعتقدات و الأفكار الخاطئة )الحجر الأسود ؟ مقام إبراهيم '' حجر إسماعيل '' كسوة الكعبة '' ستارة باب الكعبة '' مآذن الحرم - ماء زمزم ؟ أسماء الكعبة في القرآن الكريم '' أبواب المسجد الحرام '' الروضة بالمسجد النبوي الشريف ؟ أحد وشهداؤه ؟ مسجد الإجابة ؟ مسجد الغمامة - مسجد الجمعة '' مسجد الفضيخ '' مسجد الميقات والوادي المبارك - المساجد السبع بالمدينة المنورة ' البقيع ' مسجد قباء ' مسجد القبلتين .(... ويمكن أن تعتمد هذه التوعية على إعداد كتيبٍ توضيحية لخدمات الحج واسطوانات وأقراص () لتدريب الحجاج وتثقيفهم وتعريفهم بالفنادق والعمائر المعددة لسكنهم وبكافة الأمور التنظيمية. .4 التوعية بأنواع الخدمات العامة في موسم الحج : يجهل الكثير من حجاجنا الخدمات العامة التي تحرص الحكومة الجزائرية على تهيئتها من أجل راحتهم و تلك مهمة رئيسية لكافة القطاعات الحكومية الممثلة في مجلس ادارة الديوان الوطني للحج والعمرة الحديث النشأة .) و معرفة الحاج مسبقا بهذه الخدمات يذلل الكثير من العقبات التي تواجهه و يوفر عليه الكثير من المشاق و تتحقق له الإستفادة التامة من هذه الخدمات. ثانيا - العقاب التي تواجه عملية التوعية : تتبلور أهم العقبات التي توجه عملية توعية الحاج فيما يلي: اللغة و هي تشكل أكبر عائق لكون غالبية حجاجنا كبار السن من الأميين على الرغم من اهتمام الدولة ببرامج محو الأمية و تعليم الكبار و هذا الصنف من الحجاج يحتاج إلى تبسيط في برامج التوعية و التركيز على الجانب العلمي الذي يتلاءم و مداركهم العقلية. التقاليد و العادات: إن إزالة مثل هذه الرواسب و تصحيح مفهومها تحتاج إلى رجال ذوي خبرة و مقدرة و فهم إداري وعلمي يتولون تدريب حجاجهم و توعيتهم وفق تخطيط معد مسبقا ولا يغفل أي جانب من تنظيم الحج. ثالثا- وسائل تنفيذ خطة التوعية : إن وضع خطة ومنهج بأسلوب متكامل لتوعية الحجاج له آثاره و نتائجه الإيجابية في تحقيق الأهداف النبيلة و محو الأمية الضاربة أطنابها بين الغالبية. ولتحقيق نجاح الخطة لا بد من اللجوء إلى وسائل متعددة نذكر منها المساجد ووسائل الإعلام السمعية و المرئية و المقروءة ووسائل الاتصال المباشرة بالإضافة إلى انجاز دليل يشمل المسائل الدينية والأمور ذات الطابع والصحي والتنظيمي والقنصلي والإداري. وفي أول موسم يتولى تنظيمه، قام الديوان الوطني للحج والعمرة مشكورا باعتماد خطة توعوية عبر التلفزة الوطنية والإذاعة، وباتخاذ عدد من التدابير التي دفعت بالملاحظين بتوقع نجاح كبير لموسم حج 1429ه 2008م. ولعل أفضل مثل ناجح يقتدى به في هذا المجال تجربتا أندونيسيا و ماليزيا والتي سنقدم لمجة وجيزة عن كل واحدة منهما في الحلقة القادمة، إن شاء الله. يتبع